بُرقع التسعينيات وطرحة الألفية.. هل تغير "طالبان" وجهها؟
بطرحة خفيفة لا تغطي الرأس تماما، أطلّت مذيعات في الفضائيات الأفغانية، بعد يوم من عودة طالبان إلى حكم غاب عنها عشرين عاما.
وفي اجتماعات التحرير الصباحية بالفضائيات ظهرت المرأة بشكل طبيعي إلى جانب الرجل، كما عليه الحال في الأيام الخوالي في ظل الحكومة الأفغانية المدنية.
فهل اختلفت طالبان 2021 عنها في حكمها (1996- 2001)؟
لا تختزن الأفغانيات ذكريات وردية عن حكم طالبان بين 1996، حتى سقوطها عام 2001، ونقلن إلى الجيل الجديد من الفتيات، الرعب من ممارسات الحركة.
ممارسات اعتمدت تفسيرها الخاص للشريعة الإسلامية، الذي يحرم المرأة من التعليم، والخروج، ويفرض عليها البرقع، ويجعل المشاركة السياسية والنشاط الاقتصادي للسيدات، ضربا من الخروج على الدين.
هذا التصور عن طالبان حمل الأفغانيات فور سيطرة الحركة على الحكم الأحد الماضي، إلى توقع كوابيس جديدة، ما دفع بعض الفتيات للركض بعيدا عن المسلحين الذي انتشروا في شوارع كابول فجأة.
وسرت الشائعات في نفس اليوم أن طالبان وصلت إلى كابول ، وسيضرب عناصرها النساء اللاتي لا يرتدين "البرقع".
وسرى الخوف أيضا إلى نفوس بعض الرجال خوفا على قريباتهنّ، ورفض بعض السائقين نقل السيدات في وسائل النقل، بحسب شهادات نقلتها صحيفة الـ"جارديان" البريطانية.
وهكذا سيطر الخوف على النساء بأفغانستان، من عودة الحرمان من الحقوق الأساسية مرة أخرى، والعودة إلى ما قبل 20 عامًا، والاختفاء وراء البرقع مجددا.
لكن الحكام الجدد سارعوا مبكرا إلى محاولة تحسين الصورة لدى الشعب الأفغاني، عبر مؤشرات إيجابية، في رسائل طمأنة، ترمي إلى إقناع النساء والرجال بأن الحركة تغيرت، ولم تعد هي نفسها التي حكمت نهاية تسعينات القرن الماضي.
مؤشرات التغيّر
بدا واضحا حرص طالبان في تطويقها للعاصمة الأفغانية كابول من جميع الجهات، بعد سيطرتها على أغلب الولايات البالغ عددها 34، على دخول مختلف، وتسلّم السلطة سلميا دون إراقة دماء.
وسارعت الحركة إلى إعلان أنها أمرت عناصرها بعدم مهاجمة القوات الحكومة، وإشاعة الاطمئنان بين المواطنين الذين تملّكهم الخوف والفزع من عودة طالبان.
ولم ترد تقارير موثوقة خلال الأيام الثلاثة من حكم طالبان عن انتهاكات أو قتال بالعاصمة كابول، التي بقي فيها الكثير من السكان في منازلهم، حيث ما زال التشكيك في تغيّر أسلوب الحركة سيد الموقف.
القرار المفاجئ
الحركة التي أعلنت عفوا عاما في جميع أنحاء أفغانستان، يشمل العاملين مع الحكومة السابقة، فاجأت الجميع بحثّ النساء على الانضمام للحكومة المقبلة، في خطوة كانت بعيدة المنال قبل عقدين من الزمن.
ورغم تمسك قادة الحركة في تصريحاتهم القليلة بأدبيات "الدولة الدينية"، وتسمية الحكم الجديد بـ"الإمارة الإسلامية"، في إشارة إلى تطبيق الشريعة، تحرص طالبان في شكلها الحالي -فيما يبدو- على إشاعة التغيير، وأنها لن تعود إلى ممارساتها السابقة.
وظهر مسؤول في الحركة في مقابلة مع صحفية في قناة إخبارية أفغانية، بدت فيها ملتزمة بارتداء حجاب خفيف، يردّ فيها الرجل الملتحي على أسئلتها بشكل طبيعي جدا.
جدار الثقة
وتحتاج طالبان لمزيد من القرارات والأفعال لتبديد الخوف بين الأفغان والأفغانيات، وبناء جدار ثقة يغطي سنوات من القمع والتشدد عٌرف بها هؤلاء المسلحون وسط ونهاية التسعينات، قبل إسقاط الولايات المتحدة حكمهم عام 2001.
وما تزال المدارس والجامعات مغلقة، ولم يعد النشاط الاقتصادي إلى طبيعته، وقال صاحب متجر لوكالة "فرانس برس"، بعد فتح محله الصغير في الحي: "الخوف موجود".
وبعث فرار الحشود بالآلاف إلى مطار كابول للهروب من أفغانستان، رسالة سلبية عن عدم طمأنة السكان للتغيير في فكر الحركة، وتخوف من مصير مجهول على أيادي الرجال العائدين إلى الحكم.
ويوم الأحد الماضي سيطرت طالبان على أفغانستان، عندما فرّ الرئيس أشرف غني ودخل مقاتلوها إلى كابول من دون مقاومة، بعد عقدين من الحرب التي أودت بحياة مئات الآلاف.