عفيفة إسكندر.. حكايات شحرورة العراق مع عبدالوهاب وتحية كاريوكا
عفيفة إسكندر أصطفيان مطربة عراقية شهيرة ولدت في 10 ديسمبر 1921 بمدينة الموصل وسط أسرة عاشقة للفن
يرحل الفنان عن الوجود بالجسد، وتضمن له أعماله الرائعة الخلود والبقاء في ذاكرة الجمهور، وللعراق أيقونة فنية يعرفها جيدا عشاق الفن الأصيل، تدعى عفيفة إسكندر.
ولدت عفيفة إسكندر أصطفيان في 10 ديسمبر 1921 بمدينة الموصل العراقية، وسط أسرة عاشقة للفن، فالأب كان يهوى الغناء، بينما كانت الأم اليونانية "ماريكا ديمتري" تجيد العزف على 4 آلات موسيقية.
في الخامسة من عمرها، برزت موهبة الغناء عند عفيفة، وراحت أسرتها تدعمها وتشجعها على الاستمرار.
وقفت فاتنة العراق على خشبة المسرح لأول مرة في سن الثامنة بمدينة أربيل، وقدمت أغنية بعنوان "زنوبة"، أشاد الجميع بنبرة صوتها، لكن البعض انتقد غناءها بشكل سريع، وكان هذا الأمر طبيعيا، خاصة أنها طفلة صغيرة تفتقد للنضج والخبرة.
تزوجت "عفيفة" وعمرها 12 عاما من رجل يكبرها بـ50 عاما، كان أيضا عازفا ومحبا للغناء، استطاع أن يقدر أحلامها ويدعمها، وعندما بلغت من العمر 16 عاما احترفت الغناء في الملاهي الليلية.
ولأنها تمتلك الذكاء لم تستمر طويلا في هذا الاتجاه، وراحت تبحث عن نافذة تعبر من خلالها إلى الناس في كل مكان.
وفي عام 1936 اقتربت من فنانة شهيرة في ذلك الوقت تدعى "منيرة الهوزوز"، أحبتها وساندتها كثيرا، حتى تفوقت عليها وراحت تقدم المونولوج الغنائي بخمس لغات، فحققت شهرة واسعة في كل أنحاء العراق.
لم يهدأ حماس شحرورة العراق رغم النجاح الذي حققته، وقررت أن تصل صورتها لكل العرب، لذا فكرت عام 1938 في السفر إلى مصر، وهناك ابتسم لها الحظ وعملت مع بديعة مصابني، أشهر راقصة في ذلك الوقت، وكانت تمتلك ملهى ليليا كبيرا يقصده كل نجوم الفن والمجتمع.
وبعد ذلك عملت في فرقة تحية كاريوكا، التي أحبتها وشجعتها على التمثيل، وبالفعل قدمت دورا صغيرا في فيلم "يوم سعيد"، من بطولة الموسيقار محمد عبدالوهاب.
وتوالت بعد ذلك مشاركاتها السينمائية، إذ قدمت ما يقرب من 11 فيلما، أبرزها "القاهرة ـ بغداد" و"ليلى في العراق".
وأثناء وجودها في مصر تعرفت على الشاعر إبراهيم ناجي الذي أثر فيها وجعلها تعشق الثقافة والاطلاع.
ودفعها حبها للثقافة إلى العودة للعراق، ونظمت صالونا ثقافيا في منزلها، كان يشارك فيه نخبة من رجال السياسة والفن والثقافة، مثل نوري السعيد، رئيس الوزراء العراقي الأسبق، والكاتب والمؤرخ العراقي عباس البغدادي، والفنان حقي الشبلي، رائد الحركة المسرحية في العراق.
قدمت شحرورة العراق عبر مشوارها الفني ما يقرب من 1500 أغنية، من أشهرها "يا سكري يا عسلي"، "يا عاقد الحاجبين"، "جاني الحلو.. لابس حلو"، و"غبت عني فما الخبر".
وعلى الرغم من اقترابها من رموز الملكية في العراق لم تغنِ لهم، ولم تجامل من جاءوا بعد انتهاء الملكية واندلاع الثورة عام 1958، واكتفت بالغناء للوطن والجيش.
ورغم ذلك تم إبعادها من الساحة الفنية، وعاشت في الظل سنوات طويلة بسبب عدم رضا بعض رجال النظام الجديد عليها.
عانت عفيفة إسكندر من الاكتئاب بسبب هذه الحالة، واستعمر المرض جسدها لسنوات طويلة حتى رحلت عن عالمنا في 22 أكتوبر 2012 عن عمر ناهز 91 عاما.