أفريقيا 2021.. إرهاب وتوهج أمني وانقلابات
لم يكن عام 2021 "رحيما" كعادة السنوات الماضية على القارة الأفريقية التي تواجه إرهابا وجد فيها بؤرة خصبة وملاذا آمناً.
وخلال العام الماضي، ضرب القارة السمراء عدد متزايد من الهجمات الإرهابية مقارنة بالسنوات السابقة، وخلفت مئات القتلى، وسط توهج أمني لجيوش دول القارة التي نجحت في توجيه ضربات نوعية في عمق التنظيمات الإرهابية بوسط وشرق وغرب القارة.
- مالام باكو.. جيش نيجيريا يقطف ثاني رؤوس داعش في شهر
- 4 محاولات انقلاب بأفريقيا في 2021.. والخامسة تطرق الأبواب
توهج يؤكد الخبراء الأمنيون أنه كان أحد المتغيرات الجديدة القادرة على قلب المعادلة الأمنية في قارة لم تهدأ فيها المدافع ومختلف أنواع الأسلحة لعقود كاملة، ولم تعد تشهد نزاعات وفقرا وإرهابا فقط، وإنما تحولت لمنطقة صراع حامي الوطيس بين القوى الكبرى، وهي المرشحة لأن تكون "القوة الاقتصادية الأولى" في العالم خلال العقدين القادمين.
لكن المعادلة الأمنية بأفريقيا ازدادت تعقيدا على النقيض من ذلك، إذ أشارت تقارير دولية إلى زيادة هجمات الجماعات الإرهابية في أفريقيا خلال 2021 مع "تعاظم قدرتها على التمدد وتنفيذ عمليات دقيقة" وكذلك امتلاكها أسلحة قادرة على مواجهة الجيوش النظامية.
في المقابل، برز التناقض في المعادلة ذاتها مع ورود معلومات أمنية تداولها الإعلام الغربي تحدثت عن احتدام الصراع على النفوذ والزعامة بين الجماعات الإرهابية الناشطة بالمنطقة، وحتى داخل الجماعة الإرهابية الواحدة، ما يطرح تساؤلات عن فلسفة هذا التناقض الأمني بين مؤشرات قوة وضعف في قلب أفريقيا.
ووسط كل ذلك، بات البحث عن مقاربة أفريقية أمنية موحدة لصد ودحر الإرهاب محل نقاش جدي بين دولها، وهي التي كثفت خلال 2021 مشاوراتها ولقاءاتها لمحاصرة ظاهرة الإرهاب المتراجعة في كل قارات العالم إلا أفريقيا.
وفي هذا التقرير، تستعرض "العين الإخبارية" أبرز التطورات الأمنية التي شهدتها أفريقيا خلال سنة 2021 من هجمات إرهابية، والجهود الإقليمية والدولية لمحاربة الظاهرة، وكذلك الانقلابات العسكرية التي ما زالت سائدة في القارة السمراء.
سنة التكالب الإرهابي
تؤكد مختلف التقارير الأمنية العالمية ومراكز الدراسات الاستراتيجية الدولية أن القارة الأفريقية دخلت في عام 2021 مرحلة تفاقم المد الإرهابي وتهديداته، ولم تعد الظاهرة محلية في دولها، بل أصبحت القارة السمراء نموذجاً لـ"الإرهاب العابر للحدود".
وخلال العام الجاري، ضربت أكثر من 70 عملية إرهابية 15 دولة أفريقية، وخلفت أكثر من 60 ألف قتيل، وفق التقارير ذاتها.
ووفق تقرير حديث لمؤسسة "ماعت" للسلام والتنمية وحقوق الإنسام التي تتخذ من القاهرة مقرا لها، فقد كان من نصيب منطقة شرق أفريقيا أكبر معدل لضحايا الإرهاب خصوصاً في الصومال بعد تزايد النشاط المسلح لـ"حركة الشباب" الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وغرب أفريقيا جاء ثانياً من حيث عدد ضحايا العمليات الإرهابية في 2021، وهي المنطقة المعروفة بكثافة نشاط وعمليات تنظيمات "داعش" و"القاعدة" و"بوكو حرام" الإرهابية.
أسباب متعددة
وحدد الخبراء الأمنيون في القارة الأفريقية وخارجها، جملة من العوامل والخلفيات التي فاقمت قوة الجماعات الإرهابية الناشطة بمختلف مناطق القارة.
معطيات تدفع إلى قراءة الواقع الأمني في 2021 وتفكيك تفاصيل كل تنظيم إرهابي، ومن أخطرها تنظيم "داعش" الذي سعى إلى تعويض خسائره وانحساره في بؤر أخرى بتأسيس أفرع في القارة الأفريقية.
وتؤكد تقارير أمنية دولية، أن أخطر فرع لتنظيم داعش الإرهابي هو ذلك المنطلق والمتحرك من جنوب ليبيا، إذ تمكن في ظرف وجيز من التمدد نحو تشاد والنيجر وبوركينا فاسو وشمال مالي ونيجيريا.
وبحسب تلك المعطيات الأمنية، فإن أفرع داعش أفريقيا "نفذت عمليات شديدة الخطورة ضد جيوش دول المنطقة، وتمكنت من إصابة المئات منهم وقتل أعداد مضاعفة من المدنيين".
أما تنظيم بوكو حرام الإرهابي، فيشير الخبراء الأمنيون إلى أنه من أخطر التنظيمات الدموية في أفريقيا وينشط في نيجيريا ويمتد إلى محيطها، وازدادت شراسته بعد مبايعة جزء منه لتنظيم داعش، وسط احتدام الصراع مع جماعات أخرى تابعة للقاعدة في المنطقة.
ويشترك التنظيمان الإرهابيان في بعض تفاصيل الاستراتيجية الدموية، إذ يركزان على توجيه ضربات موجهة لقوى الأمن والجيش اتسمت في 2021 بكونها "شديدة العنف وسريعة".
اصطياد الرؤوس
في مقابل النشاط الإرهابي المتزايد، كان 2021 عاماً لاصطياد أخطر عناصر التنظيمات الإرهابية في أفريقيا.
وفي نيجيريا، تمكن الجيش بها شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي من تصفية زعيم تنظيم داعش الإرهابي في غرب أفريقيا أبو مصعب البرناوي.
وفي الشهر ذاته، وجه الجيش النيجيري ثاني ضربة موجعة للتنظيم الدموي عقب الإعلان عن مقتل زعيمه الجديد الإرهابي مالام باكو.
وفي يونيو/حزيران الماضي، تأكد خبر مقتل الإرهابي أبو بكر شيكاو، زعيم تنظيم "بوكو حرام" الذي كان على مدار عقد كامل عراب الفوضى وسفك الدماء في غرب ووسط القارة السمراء.
4 محاولات انقلابية
العام الجاري كان أيضا عام "فيروس الانقلابات" الذي ضرب 4 دول أفريقية، ما أدى لحفاظ القارة السمراء على أرقامها القياسية في عدد الانقلابات الناجحة والفاشلة، وهو المعدل الذي حافظت عليه القارة لعدة سنوات.
وفي مطلع العام الجاري، أعلنت حكومة أفريقيا الوسطى، أن جماعات مسلحة حاولت الإطاحة بالرئيس المعاد انتخابه حديثا حينها؛ فوستين أرشانج تواديرا، وفرضت حالة طوارئ لمدة 15 يوما، بدءا من 21 يناير/كانون الثاني، وحتى 4 فبراير/ شباط، قبل أن يتمكن الجيش من إحباط المحاولة الانقلابية.
وفي النيجر، لم يرق التغيير السلس الذي حدث في رأس السلطة بالبلاد في مارس/آذار الماضي، لبعض المجموعات داخل الجيش؛ فحاول بعض العناصر فرض التغيير بالقوة.
لكن الجيش أحبط المحاولة بعد وقوع إطلاق نار غير بعيد عن القصر الرئاسي؛ الذي انتقل إليه الرئيس الجديد محمد بازوم الذي تولى السلطة خلفا لسلفه المنتهية ولايته محمد يوسوفو.
وبدولة مالي، لم يرق للعميد أسيمي جويتا الذي قاد العام الماضي انقلابا على الرئيس إبراهيم أمادو كيتا، أسلوب الرئيس الانتقالي باه نداو ورئيس وزرائه مختار وان، فجرد الإثنين من كل صلاحياتهما، في مايو/ أيار الماضي، وأعلن نفسه رئيسا جديدا للبلاد.
واختتمت أفريقيا مسلسل الانقلابات العسكرية بغينيا كوناكري بعد الإطاحة بحكم ألفا كوندي من قبل فرقة خاصة في الجيش، أنهت عقدا كاملا من حكمه للبلاد.