دائما ما يبادر القادة الأفارقة بمشاريع تنموية واقتصادية، من أجل خدمة إنسان القارة الأفريقية وتطوير دولها.
ولكن أغلب المشاريع التي يتم الإعلان عنها تتأخر أو يتم تناسيها لأسباب عدة قد تكون اقتصادية أو سياسية أو بسبب تدخلات أو تحركات أخرى، تسعى بعض الجهات من خلالها للتأثير على المنطقة والهيمنة على قرارات الحكومات الأفريقية.
وقبل سنوات كانت هناك خطة وضعت واعتبرت من أهم المشاريع التنموية، وهي ربط الطريق القاري فري تاون- الإسكندرية، الذي يمر عبر عدة دول حيث كان من المقرر أن يسهم الطريق في ربط دول عدة جنوبا وشرقا وشمال القارة وكان يمكن أن يسهم في حركة اقتصادية وتجارية تعود بالفائدة على شعوب تلك المناطق.
ولكن للأسف ظل المشروع الذي كان يمكن أن تسهم فيه كل دولة من خلال إنشاء شبكة الطرق الداخلية لها، التي تعتبر امتدادا داخليا للمشروع العملاق، في غياهب النسيان، حتى أصبح نوعا من الخيال وتجاهله الجميع.
ومؤخرا كانت هنالك تحركات في دول غرب ووسط أفريقيا للتعاون لإنشاء طريق قاري تنموي "من وسط القارة إلى الغرب" يساعد على ربط الدول ويسهل تحركات الشعوب فيما بين الدول المختلفة، ويسهل عملية التبادل التجاري.
وقد جاءت الفكرة بعد مخاض طويل وصراعات سلسلة انقلابات في دول عدة في منطقتي وسط وغرب أفريقيا، وتعتبر من أكثر المناطق الأفريقية التي بدأت تشهد اتحادا ضد الهيمنة الغربية بعد التحركات الأخيرة، التي انتقدت الحراك السياسي لشعوب تلك الدول، مما أدى لظهور تيارات جديدة في المنطقة ترفض الانقياد لدول غربية، كانت يوما ما هي الدول المستعمرة للشعوب الأفريقية وتفرض عليها وصايتها.
التخطيط في القارة السمراء يحتاج لدعم متواصل في ظل الصراعات والاختلافات بين قيادات الدول والولاء لجهات أخرى، فكثيرا ما يتفق قادة أفريقيا من خلال القمم الإقليمية والدولية المختلفة لإنشاء رابط أو كتلة أو مشروع أو برنامج، تنفيذه قد تكون له فوائد عديدة، ولكن غالبا ما ينتهي ويصبح أمرا مشهودا وقد لا يعرف السبب الذي أدى لإلغاء المشروع أو البرنامج.
ففي آخر قمة عقدت في أديس أبابا للاتحاد الأفريقي في فبراير/شباط من العام المنتهي، كان هناك مقترح لإنشاء إعلام أفريقي حر يتحدث عن أفريقيا من وجهة نظر أفريقية ويعكس الواقع الأفريقي، وهو مقترح تقدم به رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، ووجدت الفكرة قبولا كبيرا، وذلك في ظل التحديات التي تواجه أفريقيا من النظرة الإعلامية المختلفة التي ترى القضايا الأفريقية بعين أخرى، وبعيدة عن الاتجاه الأفريقي، وحتى اليوم لم يتم طرح أي حراك لهذا المشروع الذي تناساه الجميع دون أن يتم استعراض أجندته في القمم الفرعية.
وفي انتظار القمة المقبلة التي قد يأتي البعض فيها ببعض الأفكار وهي في أغلبها مفيدة، ولكننا لا نستطيع أن ننفذ ونحقق المراد حتى ترى النور وتصبح واقعا ملموسا.
التمويل والتحديات السياسية والاقتصادية والاختلاف في الاتجاهات بصورة متسارعة من وقت لآخر، كلها عوامل دائما ما تقف أمام الحكومات ومراكز القرار في القارة، لتنفيذ أي من المشاريع المتفق عليه، حتى إن كانت مفيدة للغاية.. ولكن يوماً ما سنتخطى الصعاب من أجل القارة السمراء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة