أفريقيا 2020.. انتخابات واضطرابات فاقمها الإرهاب وكورونا
كسابقيه، لم يشكل 2020 استثناء في تاريخ أفريقيا المثقل بالاضطرابات والإرهاب، بل أضاف إلى محصلة القارة آفة صحية جديدة.
ولم تكبح جائحة كورونا التي أصابت أكثر من مليوني من سكان القارة السمراء أنشطة الجماعات الإرهابية، بل واصلت تنفيذ هجمات أسفرت عن سقوط مدنيين وعسكريين، خصوصاً في منطقتي الساحل والصحراء، مع عودة انتشار الجماعات المتطرفة المنتمية لتنظيمي "القاعدة" و"داعش" في القارة.
ووسط الحصاد القاتم، يبرز 2020 عام الانتخابات بامتياز، حيث أجرت عدة دول أفريقية، معظمها في غرب القارة، استحقاقات صاحبتها مظاهرات شعبية وأعمال عنف، وفق رصد لـ"العين الإخبارية".
كورونا.. العدو الجديد
مع أن أفريقيا عانت -عبر تاريخها- من مختلف الأمراض والأوبئة، إلا أنها تعتبر الأقل تضررا من فيروس كورونا مقارنة ببقية القارات.
وفاق عدد الإصابات بالوباء 22 مليون إصابة مؤكدة، ما يمثل أقل من 4 % من معدل الإصابات العالمي، فيما فاق عدد الوفيات 48 ألف.
إلا أن خبراء عالميين شككوا في العدد الحقيقي لإصابات كورونا بالقارة الأفريقية، واعتبروا أنه أكثر من المعلن، وعزوا ذلك إلى تسجيلها أدنى المعدلات العالمية في نسب الفحص عن الفيروس بقارة تعد 1.3 مليار نسمة.
وسجلت دولة جنوب أفريقيا أكبر عدد من الإصابات بالوباء في 2020 بنحو 750 ألف إصابة، بينما احتل كل من السودان وتشاد أعلى معدلات الوفيات بنسبة 7.81 % و6.28 % تباعا من إجمالي عدد الوفيات في أفريقيا.
الإرهاب.. العدو التقليدي
مع بداية جائحة كورونا، انفردت "العين الإخبارية" بتقارير رصدت تحذيرات خبراء أمنيين من احتمال استغلال الجماعات الإرهابية في أفريقيا الثغرة الأمنية التي خلقها الوباء لزيادة عملياتها الإرهابية وتوسيع نشاطها إلى دول أخرى.
وأظهرت الأحداث المتتالية ومعها تقارير دولية صحة تنبؤات الخبراء، إذ سجلت القارة زيادة في عدد الهجمات الإرهابية بنسبة 18 % خلال الأشهر الـ6 الأولى من 2020 مقارنة بالفترة ذاتها من 2019.
وذكرت تقارير دولية أن القارة شهدت بالأشهر الـ6 الأولى من العام نحو 1168 هجمة إرهابية مقارنة بـ982 اعتداء إرهابيا في 2019، فيما سجلت عدة دول أفريقية بعد ذلك هجمات إرهابية أبرزها في نيجيريا وموزمبيق ومالي والصومال.
وتُبرز الهجمات المسجلة في 2020 تمدد النشاط الإرهابي إلى دول أخرى كانت إلى وقت قريب بعيدة عن الخطر الإرهابي، من ذلك منطقة البحيرات الكبرى وجنوب أفريقيا وغربها، وكانت معظم الهجمات لحركة "بوكو حرام" الإرهابية.
أما أبشع عملية إرهابية للجماعة المسلحة، فكانت نهاية نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، حين قامت عناصرها بذبح 43 مزارعاً في نيجيريا، وأصابوا 6 آخرين في حقول الأرز بالقرب من مدينة مايدوجوري، عاصمة ولاية برونو.
كما كشفت العمليات المسجلة في 2020، عن تزايد قدرة التنظيمات الإرهابية على شن العمليات الإجرامية بشكل متزايد، واستفادت في ذلك بحسب الخبراء الأمنيين، من زيادة منابعها المالية عبر شبكات الجريمة المنظمة العابرات للحدود.
تحرك دولي مكثف
بدأ تحرك القوى الدولية والدول الأفريقية خلال الأشهر الأولى من 2020، في محاولة لاحتواء الخطر الإرهابي المتنامي بالقارة السمراء.
تحرك تجسد عبر تشكيل قوات عسكرية مشتركة، لم تتمكن مع نهاية العام من تحجيم خطرها رغم الضربات الكبيرة التي وجهتها لها، خصوصاً لتنظيم القاعدة وداعش الإرهابيين.
ونهاية مارس/ أذار الماضي، شكلت 11 دولة أوروبية بقيادة فرنسا مع النيجر ومالي قوة عسكرية مشتركة باسم "تاكوبا".
كما نفذت قوة "برخان" العسكرية (فرنسية) عدة عمليات على نطاق واسع في منطقة الساحل الأفريقي، كبدت الجماعات الإرهابية خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
والقوة تقودها فرنسا مع 5 من دول الساحل وهي موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد، بقوام 5 آلاف جندي.
وفي فبراير/شباط 2020، أعلن جيش النيجر عن نجاح أضخم عملية عسكرية مشتركة ضد النشاطات الإرهابية في المثلث الحدودي مع مالي وبوركينا فاسو، أسفرت عن مقتل 120 إرهابياً.
انقلاب مالي
لم يمر 2020 دون حدوث انقلابات عسكرية في القارة الأفريقية، وكانت دولة مالي الهشة أمنياً مسرحاً لرابع انقلاب عسكري في تاريخها، تزامن مع مظاهرات شعبية حاشدة مطالبة برحيل نظام الرئيس السابق بوبكر كايتا.
وفي 18 آب/أغسطس الماضي، قاد ضباط في الجيش المالي انقلاباً عسكرياً على حكم كايتا الذي دام 8 سنوات، قبل أن يعلن الأخير استقالته، وسط انتقادات دولية وتجميد لعضوية مالي بالاتحاد الأفريقي.
وفي ظل التهديد بعقوبات دولية، قام العسكريون بين سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول الماضيين، بتسليم السلطة لحكومة انتقالية يفترض أن تتولى زمام الحكم لـ18 شهرا قبل إجراء انتخابات.
كما تزامنت التطورات المتلاحقة في مالي، مع احتجاجات شعبية في الدول المحيطة بها، مطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية أو برحيل أنظمة الحكم بها، كان من بينها كوت ديفوار وغينيا.
وغذت تلك الاحتجاجات المخاوف من تكرار سيناريو الانقلاب العسكري بمالي في دول غرب أفريقيا التي تعاني، منذ عقود، من سلسلة أزمات سياسية واقتصادية، وتنامي خطر التنظيمات الإرهابية.
انتخابات
2020؛ "عام الانتخابات بامتياز في أفريقيا".. من أبرز العناوين التي اختارها المتابعون للشأن الأفريقي على العام الذي يقترب من نهايته، بعد أن شهدت عدة بلدان بالقارة انتخابات محلية أو برلمانية أو رئاسية، وسط توترات أمنية ومتاعب اقتصادية.
وخلال العام، كانت أفريقيا على موعد جديد مع "اختبار الديمقراطية" بالتوازي مع اختراق جائحة كورونا معظم دول القارة.
وكانت دولة بنين الواقعة في غرب أفريقيا، أول دول القارة التي بدأت اختبار الديمقراطية بعد أن نظمت انتخابات بلدية في مايو/أيار الماضي، ثم بوروندي التي شهدت 3 انتخابات بين محلية وتشريعية ورئاسية.
وفي جزر القمر، فاز عثماني غزال، بولاية رابعة في الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية مارس/أذار الماضي، كما نظمت الكاميرون اقتراعا أعاد الرئيس بول بيا إلى السلطة.
ومع نهاية 2020، اتجهت أنظار العالم صوب 5 دول من غرب أفريقيا شهدت انتخابات رئاسية، أولها في غينيا كوناكري، حيث فاز ألفا كوندي بولاية رئاسية ثالثة، بعد أشهر من الاحتجاجات الشعبية على ترشحه.
كما فاز الحسن وتارا بولاية رئاسية ثالثة في كوت ديفوار، على وقع احتجاجات شعبية عنيفة أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 85 شخصاً عقب مظاهرات مطالبة برحيله.
وفي بوركينا فاسو، أفرزت النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن فوز روش كابوري بولاية رئاسية ثانية، بنسبة فاقت 57 % من إجمالي الأصوات.
فيما يترقب الشعب الغاني النتائج النهائية لانتخابات الرئاسة التي جرت قبل يومين، وسط توقعات بفوز الرئيس نانا أكوفو أدو بولاية رئاسية ثانية.
أما النيجر، فيستعد لإجراء انتخاباته الرئاسية نهاية الشهر الجاري.
وعلى وقع توترات سياسية وأمنية، تختتم جمهورية أفريقيا الوسطى قائمة الدول التي شهدت انتخابات خلال العام، حيث تشهد منافسة بين 16 مرشحاً بينهم الرئيس المنتهية ولايته فاوستن أركانج تواديرا.