كنوز أفريقيا.. ياقوت موزمبيق وذهب الساحل في قبضة الإرهاب
تنشط التنظيمات الإرهابية غرب القارة السمراء الغنية بالثروات المعدنية وحقول النفط
تقع ثروات أفريقيا في مرمى هجمات الجماعات الإرهابية، التي تنشط بكثافة في غرب القارة وسط انتشار المنظمات المتمردة التي تفتح بابا للتعاون مع المتطرفين.
هذه الوضعية الصعبة تجعل مناجم الذهب والياقوت وآبار النفط صيدا ثمينا للإرهابيين الذين لا يتوانون عن شن هجمات ممنهجة على العاملين للسطو على الكنوز السمراء بدعم من دول محور الشهر وعلى رأسها تركيا تحت قيادة أردوغان.
ولا تقتصر أضرار الهجمات على نهب مقدرات وثروات الأفارقة، بل أيضا تجعل بلدانهم طاردة للاستثمارات التي تبحث عن الأمن والاستقرار في المقام الأول، قبل حساب العوائد.
موزمبيق.. أرض الياقوت والنفط
تشتهر مقاطعة كابو دلجاو بأنها المركز الاقتصادي الأضخم في موزمبيق بفضل امتلاكها أكبر رواسب للياقوت الأزرق الوردي في العالم.
وتمتلك شركة "جيم فيلدز" البريطانية امتيازًا بالمقاطعة يوفر حوالي 40 % من الصادرات العالمية من الياقوت.
كما أن كابو دلجاو تحظى بحقول النفط والغاز الكبيرة، وتديرها شركتا "أناداركو" الأمريكية و« إيني» الإيطالية.
حظت المقاطعة باستثمارات ضخمة في البنية التحتية لتحفيز إنتاج النفط والغاز، إلا أن الموزمبيقيين يشتكون من البطالة في ظل الاعتماد على أفراد من دولة في زيمبابوي في بناء الطرق والجسور.
وفي المقابل يروج الإرهابيون بأن إدارة شركات أجنبية للحقول يعد تدخلا خارجيا يستوجب استهداف مواجهته، فضلا عن المتاجرة بقضية البطالة.
ويقول موقع الأبحاث "ديلي مافريك" الذي يتخذ من جنوب أفريقيا مقرا لأعماله، إن مقاطعة كابو دلجاو بشمال موزمبيق تعد الأبرز في الوجود الإرهابي الحديث نسبيا بالبلاد، والذي ارتبط بظهور ثروات مثل الذهب والجرافيت.
وهو ما اتفقت معه المؤسسة الأمريكية للأبحاث راند، والتي أشارت في ورقة بحثية إلى أن المقاطعة تعج بكنوز معدنية ثمينة خلقت سببا لتهافت الإرهابيين.
وأضافت المؤسسة أن أبرز الجماعات بالمنطقة تتبع تنظيم داعش الذي يحاول الاستفادة من اقتصاديات المقاطعة.
وتسعى التنظيمات الإرهابية في موزمبيق، وتحديدا ما يعرف بـ"جماعة أنصار السنة" إلى السيطرة على صناعة تعدين الجواهر في المقاطعة الاستثمارية.
ثروات مالي المنهوبة
منذ استقلال مالي عام 1960 لم ينعم أهلها الذين يفوق تعدادهم 19 مليون نسمة بخيرات البلاد، على الرغم من كونها واحدة من أغنى الدول الأفريقية من حيث الثروات المعدنية والزراعية.
هذه الثروات جعلت مالي محط أطماع ونفوذ قوى عالمية، وتكالب أخطر التنظيمات الإرهابية.
وبدلا من أن يكون موقعها الاستراتيجي كبوابة للساحل وغرب أفريقيا مصدرا لجلب الاستثمارات والمشروعات، تحول إلى نقمة وجعل البلاد أرضا خصبا للجماعات الإرهابية، مثل "جماعة أنصار الدين"، و"كتيبة المرابطون"، و"إمارة منطقة الصحراء الكبرى"، و"كتائب تحرير ماسينا".
وتتمتع مالي بثروات معدنية هائلة،ما يضعها في خانة أهم الدول الأفريقية إنتاجا ومخزونا للمعادن، مثل اليورانيوم، الذهب، الفوسفات، الجرانيت، الكاولين، الحجر الجيري، والبوكسيت.
هذا فضلا عن كون مالي تحتل المرتبة الثالثة أفريقيا في إنتاج الذهب بواقع 61.63 طنا بعد كل من غانا وجنوب أفريقيا.
وتشتهر الدولة الأفريقية بزراعة محاصيل القطن، الأرز، الذرة، الفول السوداني، وتربية المواشي من الأغنام والماع، التي تضم نحو 34 مليون رأس.
ورغم الثروات الهائلة، إلا أن مالي تبقى واحدة من أكثر الدول الأفريقية فقرا، حيث يصل معدل الفقر بها إلى 42.7 % عام 2019 وفق تقرير لصندوق النقد الدولي، ويتركز في المناطق الريفية جنوب البلاد بنسبة 90 %.
فيما بلغت نسبة البطالة 9.8 % من إجمالي السكان، وتتجاوز قيمة ديونها الخارجية من 5 مليارات دولار.
بينما وصل حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 4.4 مليار دولار أمريكي، ما يمثل 26 % من الناتج المحلي للبلاد، بحسب تقرير "الاستثمار العالمي" لعام 2019.
ذهب بوركينا فاسو مطمع للأرهاب
تعد بوركينا فاسو ثالث أكبر منتج للذهب في غرب إفريقيا بواقع 52 طنًا سنويًا، ويساهم هذا القطاع بأكثر من 11٪ من إجمالي الناتج المحلي للبلاد ويعمل بالقطاع أكثر من 1.5 مليون شخص.
هذه الثروة الضخمة جعلت مناجم البلاد مطمعا للتنظيمات المتطرفة التي تشن هجماتها على مواقع العمل ما يحلق أضرارا بالغة بالعاملين والإنتاج على حد سواء.
وهو ما أشار إليه تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في عام 2018، حيث أكد أن أوضاع الأمن المضطربة وتعليق العمل بالمناجم يطي إشارات سيئة للغاية للمستثمرين الأجانب.
وأكدت المنظمة أن تعرض قوافل العاملين للهجوم والاختطاف يرفع مخاطر الاستثمار بمناجم الذهب.
أسباب تفشي التنظيمات الإرهابية
تتعدد أسباب وعوامل التواجد الإرهابي بالمناطق الغنية غرب أفريقيا، على رأسها التمويل المباشر، ثم التعاون الدولي المدفوع بالحماية والبقاء.
هذا إلى جانب التعاون مع العصابات الإجرامية وعلاقتها المتشعبة بالتمردات السياسية والاضطرابات.