القارة الأفريقية من أكبر القارات البيولوجية، وهي ثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة، ويأتي عدد سكانها في المرتبة الثانية بعد آسيا.
في القمة الأفريقية التي عقدت في أديس أبابا مؤخراً، طالب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال المؤتمر الصحفي للقمة بأهمية رفع الظلم عن أفريقيا وأحقيتها في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، وأن أفريقيا تستضيف ربع اللاجئين في العالم.
يجب على الدول الكبرى التحرك لدعم المنظمة وإصلاحها بتمثيل القارة الأفريقية بمقعد دائم في مجلس الأمن، والسعي بكل دأب وإصرار إلى تنفيذ ما تصدره من قرارات شرعية صائبة تخدم المجتمع الدولي، وإلى مضاعفة تصميمها لجعل هذه الهيئة الدولية في مصاف الطموحات
وتعد القارة الأفريقية من أكبر القارات البيولوجية، وهي ثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة ويأتي عدد سكانها في المرتبة الثانية بعد آسيا وتبلغ مساحتها 30.2 مليون كيلومتر مربع، وتشغل 20.4بالمائة من إجمالي مساحة اليابسة ويبلغ عدد سكانها مليار نسمة، هذا وتضم 54 دولة.
وتملك القارة أهمية كبرى فيما يتعلق بموقعها ودورها الاقتصادي والسياسي في محاربة الإرهاب، كما تعد غنية جداً بالمعادن والثروات الباطنية وما زالت معظم دولها تعتمد على تصدير المواد الخام دون تصنيعها محلياً وينمو اقتصادها بشكل متزايد ومتسارع، وبالتالي فهي تستحق أن يكون لها تمثيل دائم في مجلس الأمن باعتبار أن القارات الأخرى لها أعضاء دائمون في المجلس.
وتتجلى عدة أمور ينبغي الوقوف عندها في ضوء ما طرحه الرئيس السيسي حول ضرورة تمثيل أفريقيا بعضو دائم في الأمم المتحدة:
أولاً: استحوذت الأمم المتحدة على سلطة إقرار السلام وإعلان الحرب أحياناً في عالم مليء بالأزمات، ولكن ماذا لو انهارت هذه السلطة المتمثلة بالأمم واندلعت الصراعات في العالم وتصاعدت حدة الاشتباكات نتيجة للخلافات المتزايدة بين أعضائها الرئيسيين مثلما حدث مراراً طوال العقود المنصرمة من المواجهة بين الشرق والغرب؟ ومن هنا تندلع المخاوف المثيرة للقلق والتي تتمثل في انتهاء حقبة التعاون في المنظمة الدولية والتفكير في إيجاد بدائل.
ثانياً: تبرز في هذا السياق دعوات إلى تحرير المنظمة الدولية من النفوذ المحدود ولم تقتصر هذه الدعوات على بلدان العالم الثالث، بل تعدى ذلك إلى البلدان الغربية ووسائل الإعلام فيها، ولأن حق استخدام الفيتو هو حق النقض الممنوح للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي وهم: " أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين"، فإن ذلك لن يمكّن المنظمة الدولية من إحداث التغييرات المطلوبة لتفعيل عملها وتنشيط دورها، وحقن مزيد من الديناميكية في دمائها، وهذا ما يشكل تحدياً بالنسبة لدول العالم الثالث، في الوقت الذي استخدم هذا الحق عدة مرات.
ثالثاً: يتردد في الأوساط السياسية الأوروبية والأمريكية وفي القارة الآسيوية والأفريقية عن نوايا بإعادة تشكيل أعضاء مجلس الأمن الدائمين؛ الأمر الذي يثير زوبعة من التساؤلات، فألمانيا الموحدة يبلغ عدد سكانها أكثر من ثمانين مليون نسمة، واقتصادها هو الأكبر في أوروبا، ونشاطها لم يسبق له مثيل منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، فهي تسعى لاتخاذ دور قيادي في السياسة الخارجية الأوروبية، كما تلعب ألمانيا دوراً رئيسياً في توجيه دول الاتحاد السوفيتي السابق خلال أزمة ما بعد الشيوعية، فتقتنص الشركات الألمانية أفضل فرص العمل في اقتصاديات السوق الجديدة.
لقد أدى التقدم الألماني في هذه الجوانب إلى إثارة الجدل في وسط أوروبا حول إعطاء ألمانيا دوراً دائماً في مجلس الأمن في المقر الرئيسي للأمم المتحدة. أما في مقر المجموعة الأوروبية ببروكسل، فإن دور ألمانيا كقوة رئيسية قد يكون هو المحدد لسرعة الاندماج الأوروبي.
رابعاً: وما يحرك بون في هذا الإطار هو سعي اليابان أيضاً إلى الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن وذلك لقوة اليابان الاقتصادية والعسكرية، وتحاول اليابان أن تبرهن لشعبها وللعالم بأنها على الرغم من تخليها عن أحلامها العسكرية، إلا أنها قادرة على ممارسة الدور سلمي، إلا أنه لا تزال هناك شكوك قوية حولها وإمكانية عودتها لأمجادها العسكرية السابقة، ولكن الدستور الياباني يمنع قيام قوة عسكرية بأي شكل ما ولكن مع الحرب الباردة والحرب الكورية طلبت الولايات المتحدة من اليابان أن تتعسكر كي تتمكن أمريكا من الدفاع عنها.
خامساً: ولا بد من الإشارة إلى أن زعيمي فرنسا وألمانيا وقّعا في الثاني والعشرين من شهر يناير/كانون الثاني 2019 على معاهدة جديدة تنص على أن قبول ألمانيا كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي سيكون من أولويات السياسة بين البلدين. وأيضاً جرى في وقت آخر توقيع معاهدة جديدة لتوطيد علاقات البلدين وتوجيه رسالة دعم لبناء الاتحاد الأوروبي في مواجهة تصاعد النزعات القومية والنص الذي جرى توقيعه بالأحرف الأولى في آخن بغرب ألمانيا، ويثير ذلك جدلاً كبيراً في فرنسا حيث يرى اليمين واليسار انتقاصاً للسيادة الوطنية وتبعية لبرلين.
فيجب على الدول الكبرى التحرك لدعم المنظمة وإصلاحها بتمثيل القارة الأفريقية بمقعد دائم في مجلس الأمن، والسعي بكل دأب وإصرار إلى تنفيذ ما تصدره من قرارات شرعية صائبة تخدم المجتمع الدولي، وإلى مضاعفة تصميمها لجعل هذه الهيئة الدولية في مصاف الطموحات والآمال المعلقة عليها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة