قمة المناخ الأفريقية.. التزامات تاريخية وفرص خضراء ترسم مستقبل الطاقة
300 غيغاواط طاقة متجددة و100 مليار دولار استثمارات

انعقدت القمة الأفريقية الثانية للمناخ بين يومي 8 و10 سبتمبر/أيلول 2025 في أديس أبابا، وناقشت الدورة الثانية من القمة احتياجات أفريقيا؛ خاصة وأنها من أكثر القارات تأثرا بالتغيرات المناخية، لكنها في الوقت نفسه تمتلك موارد طبيعية تدعمها في الانتقال نحو الطاق
ومع ذلك، تواجه القارة السمراء العديد من التحديات، إذ تعاني من ضعف التمويل ونقص العمالة الماهرة وغيرها. وقد كانت القمة الإفريقية الثانية للمناخ فرصة مهمة لمناقشة المستجدات في قطاع الطاقة المتجددة.
"العين الإخبارية" تواصلت مع الدكتور جواد الخراز، مدير الشبكة المتوسطية للطاقة النظيفة، ومنسق مبادرة تيراميد، والمدير السابق للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة بالقاهرة، والذي حضر القمة، ليحدثنا في حوار حصري عن أبرز ما شهده، وخاصة فيما يتعلق بقطاع الطاقة المتجددة.
ما أهم نتائج السياسات أو الالتزامات التي قُطعت خلال القمة الأفريقية الثانية للمناخ فيما يتعلق بقطاع الطاقة المتجددة؟
أهم نتائج السياسات أو الالتزامات في قطاع الطاقة المتجددة خلال هذه القمة الأفريقية كانت تبني "إعلان أديس أبابا حول تغير المناخ ودعوة للعمل"، الذي يؤكد على تحويل أفريقيا إلى مركز للطاقة المتجددة والتنمية المستدامة.
ومن أبرز الالتزامات: وضع هدف قاري للوصول إلى 300 غيغاواط من قدرة الطاقة المتجددة بحلول 2030، وزيادة حصة أفريقيا في الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة من 2% إلى 20% على الأقل بحلول 2030.
كما دعا الإعلان إلى دعم المبادرات الأفريقية مثل مبادرة "الجدار الأخضر الكبير" للاتحاد الأفريقي، ومبادرة "استعادة المناظر الطبيعية الغابية الأفريقية"، ومبادرة "الإرث الأخضر الإثيوبي" كنماذج للتنمية الخضراء.
هذه الالتزامات تعزز الانتقال إلى اقتصاد أخضر يعتمد على الطاقة النظيفة، مع التركيز على الابتكار المحلي.
هل أُعلن عن أي آليات تمويل أو شراكات ملموسة لدعم الانتقال المناخي في أفريقيا؛ خاصة فيما يتعلق بتطوير الطاقة المتجددة؟
نعم، أُعلن عن آليات تمويل وشراكات ملموسة عديدة. على سبيل المثال، تم إطلاق "ميثاق الابتكار المناخي الإفريقي" (ACIC) الذي يهدف إلى جمع 50 مليار دولار سنويا لتمويل الحلول المناخية، بما في ذلك تطوير الطاقة المتجددة، مع التركيز على المنح لا القروض لتجنب تراكم وزيادة الديون على الدول الأفريقية. كما تم إنشاء "المنشأة المناخية الأفريقية" (ACF) لدعم هذا الميثاق.
بالإضافة إلى ذلك، تم الإعلان عن صفقة تاريخية بقيمة 100 مليار دولار بين الممولين الأفريقيين والبنوك التجارية للاستثمار في توليد الطاقة الخضراء.
ومن الشراكات: التزام الدنمارك بـ79 مليون دولار لتحويل الزراعة، وإيطاليا بـ4.2 مليار دولار (70% منها لأفريقيا)، والبنك الأوروبي للاستثمار بـ100 مليار يورو بحلول 2027 لدعم البنوك الإثيوبية في التمويل الأخضر. كما تم تفعيل "صندوق تغير المناخ الأفريقي" من قبل بنك التنمية الأفريقي لتوجيه السندات الخضراء.
ما أبرز الالتزامات أو الإعلانات المتعلقة بالطاقة المتجددة التي تم الإعلان عنها خلال القمة؟
أبرز الالتزامات المتعلقة بالطاقة المتجددة تشمل: الهدف القاري البالغ 300 غيغاواط من الطاقة المتجددة بحلول 2030، و"أجندة المهمة 300" لتوفير الطاقة الحديثة لـ300 مليون أفريقي، ومبادرة "الطبخ النظيف" لـ900 مليون شخص. كما تم الإعلان عن "استراتيجية المعادن الخضراء" لضمان دور وحضور لأفريقيا في سلاسل التوريد العالمية للطاقة النظيفة، مع التركيز على إضافة القيمة المحلية للمعادن مثل الكوبالت والليثيوم.
إلى جانب ذلك، تم عرض مبادرات مثل "مبادرة تيراميد" (TeraMed) في جلسة جانبية ساهمت فيها شخصيًا، والتي تهدف إلى الوصول إلى 1 تيراواط من القدرة المركبة للطاقة المتجددة في منطقة المتوسط بحلول 2030، مع التركيز على إمكانيات شمال أفريقيا في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
كما تم خلال الجلسة نفسها الإعلان رسميًا لأول مرة عن الشراكة بين "المنتدى العالمي للانتقال الطاقي" الذي أطلقته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين العام الماضي خلال فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، بهدف تتبع ومواكبة تحقيق أهداف التزام COP28 بدبي بمضاعفة قدرة الطاقة المتجددة 3 مرات عالميًا ومضاعفة معدل تحسين كفاءة الطاقة مرتين بحلول عام 2030، وبين "مبادرة تيراميد" التي أطلقها تحالف من جمعيات المجتمع المدني ومراكز الفكر والقطاع الخاص والمؤسسات الخيرية في المنطقة المتوسطية تحت إطار الشبكة المتوسطية للطاقة النظيفة والتحالف المتوسطي لمراكز الفكر حول تغير المناخ، وذلك خلال فعاليات أسبوع القاهرة للطاقة المستدامة في أكتوبر/تشرين الأول 2024.
هل تم إطلاق أو توسيع أي مبادرات إقليمية أو قارية جديدة للطاقة المتجددة خلال القمة؟
نعم، تم إطلاق أو توسيع عدة مبادرات. منها "ميثاق الابتكار المناخي الإفريقي" (ACIC) الجديد لتقديم 1000 حل مناخي بحلول 2030، بما في ذلك في مجال الطاقة. كما تم توسيع "برنامج تسريع التكيف الإفريقي" (AAAP 2.0) باستثمار 50 مليار دولار بحلول 2030 للبنية التحتية والطاقة المتجددة.
وتم إطلاق "مبادرة التصنيع الأخضر الأفريقي" (AGII) بـ100 مليار دولار لتحويل الصناعات إلى صناعات خضراء تعتمد على الطاقة المتجددة. أما "استراتيجية المعادن الخضراء" فهي مبادرة قارية جديدة لتعزيز الطاقة النظيفة.
وفي السياق الإقليمي، تم عرض توسيع "مبادرة تيراميد" لشمال أفريقيا والمتوسط، والتباحث بخصوص كيفية دعم تبنيها من حكومات الدول المتوسطية، ومساندتها في جلب 700 مليار دولار وخلق 3 ملايين فرصة عمل لتحقيق 1 تيراواط بحلول عام 2030، بحضور ممثلين عن مركز الفكر الإيطالي "إيكو"، والمغربي "إيمال"، فضلًا عن "اليونيدو" (منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية)، وجمعيات كان إفريقيا، وتحول القوة في أفريقيا، وECDPM.
هل تناولت القمة فجوة التمويل في مجال البنية التحتية للطاقة المتجددة في أفريقيا؟
بالفعل، تناولت القمة فجوة التمويل بشكل مباشر، مشيرة إلى أن أفريقيا تتلقى فقط 2% من الاستثمارات الخضراء العالمية رغم إمكانياتها الهائلة (60% من الإمكانيات الشمسية العالمية).
ودعا الإعلان إلى إصلاح الهيكل المالي الدولي لخفض تكاليف الاقتراض وزيادة التمثيل الأفريقي في المؤسسات المالية. كما تم التركيز على تحويل التمويل إلى منح بدلًا من القروض التي تثقل كاهل اقتصاديات الدول الأفريقية، وإنشاء آليات مثل "إطار الصمود العادل الإفريقي" (JRF) و"صندوق التأثير المناخي العادل لإفريقيا" (CJIFA) الذي وزّع 64 منحة في 17 دولة.
هذه الخطوات تهدف إلى سد الفجوة في بنية الطاقة المتجددة، مع تقديرات بأن التغير المناخي يكلف أفريقيا 13 مليار دولار سنويًا من خلال خسائر البنية التحتية.
هل كانت هناك مشاركة ملحوظة للمبتكرين الأفارقة في مجال الطاقة المتجددة؟
كانت المشاركة الملحوظة للمبتكرين الأفارقة واضحة، حيث ركزت القمة على عرض الحلول الأفريقية المحلية. وتم تسليط الضوء على ابتكارات في الطاقة المتجددة من قبل رواد أعمال وشركات صغيرة ومتوسطة أفريقية، خاصة في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والحلول الرقمية.
ومن جهة أخرى، يهدف ميثاق الابتكار المناخي إلى دعم 1000 حل ابتكاري، بما في ذلك في مجال الطاقة، مع مشاركة نشطة من الشباب والنساء الأفارقة. كما شارك ممثلون عن منظمات مثل الاتحاد الإفريقي للطاقة ومراكز البحث في جلسات حول الابتكار، مما يعكس تحول إفريقيا من مجرد متلقٍ إلى مبتكر في الطاقة النظيفة.
ما تعليقك العام على مخرجات القمة؟
تعليقي العام هو أن مخرجات القمة جيدة وتمثل خطوة إلى الأمام نحو قيادة أفريقيا للعمل المناخي العالمي. الإعلان والمبادرات الجديدة تحول الضعف إلى قوة، مع التركيز على الحلول المحلية والتمويل العادل. ومع ذلك، فإن النجاح يعتمد على التنفيذ الفعّال والشراكات المستمرة، خاصة في مواجهة فجوة التمويل.
لقد نجحت القمة في توحيد الصوت الأفريقي، وأنا فخور بمساهمتي في القمة وفي جلسة تيراميد التي أبرزت إمكانيات دول شمال أفريقيا.
لكن يجب أن أشير كذلك إلى أن القمة كانت أقل زخمًا من نظيرتها السابقة في نيروبي، حيث كان هناك حضور أكبر لرؤساء الدول وزخم سياسي أوضح. ومع ذلك، أتفهم أننا نعيش في فترة جيوسياسية صعبة، وأن القمة في أديس أبابا تظل ناجحة بالنظر إلى السياق العالمي الحالي.
هل هناك تقدم ملحوظ خلال قمة المناخ الأفريقية يسهم بشكل ما في دعم ملف الطاقة المتجددة خلال COP30؟
نعم، هناك تقدم ملحوظ يدعم ملف الطاقة المتجددة في COP30. الإعلان يقدم رسائل استراتيجية موحدة لأفريقيا في المفاوضات، مطالبًا بتمويل عادل وإصلاح مالي دولي.
الالتزامات مثل 300 غيغاواط والـ50 مليار دولار السنوية ستعزز موقف إفريقيا في COP30 (الذي سيعقد في البرازيل في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل)، مع التركيز على الانتقال العادل والابتكار الإفريقي.
هذا يساهم في دفع أجندة الطاقة النظيفة عالميًا؛ خاصة مع الدعوة إلى زيادة الاستثمارات في إفريقيا كمركز للطاقة المتجددة والتصنيع الأخضر.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI0IA== جزيرة ام اند امز