الدبلوماسية الأفريقية في واشنطن.. التحديات وأسرار «الغياب»
تغص رزنامة العاصمة الأمريكية، واشنطن، بحفلات الاستقبال في السفارات، ومراسم توقيع الكتب، ومآدب العشاء الخاصة مع صنّاع السياسات.
ويمثل كل تجمع من هذه التجمعات فرصة مهمة للدبلوماسيين، للتواصل مع الشخصيات النافذة، وتبادل المعلومات، وبناء العلاقات التي يمكن أن تُشكِّل العلاقات الدولية وتصوغها، وفقا لمجلة بوليتكو الأمريكية.
غياب عن الأنظار
بيد أنه، رغم هذه الفورة من النشاط في مدينة نابضة بالحياة، تظل فئة واحدة متوارية عن الأنظار إلى حدٍ كبير في خضم هذا المشهد الصاخب، ألا وهي فئة الدبلوماسيين الأفارقة.
هذه ظاهرة يعترف بها الكثير من صناع السياسة الأمريكيين والمسؤولين الأجانب وحتى بعض الدبلوماسيين الأفارقة سرًا. ويرى العديد منهم بضرورة تغييرها إذا أرادت الدول الأفريقية استقطاب اهتمام الولايات المتحدة، الذي يقول الكثيرون إنهم يتوقون إليه - ناهيك عن المزيد من الاحترام.
ووفقا للمجلة، أبدى الدبلوماسيون الأفارقة رغبة في مزيد من الظهور في العاصمة الأمريكية، لكنهم فوق كل شيء يفتقرون إلى الموارد.
نقص الموارد
وأضاف التقرير: "تتمثل العقبة الأكثر إلحاحاً على الإطلاق في نقص الموارد، فالعديد من السفارات الأفريقية تضمُّ عدداً قليلاً جداً من الموظفين الدبلوماسيين الذين يتقاضون أجوراً زهيدة للغاية، وفي ظل محدودية التمويل، تكافح تلك السفارات للحفاظ على الوظائف الأساسية فيها".
وتابع "لكم أن تتخيلوا موقعاً إلكترونياً مليئاً بمعلومات عفا عليها الزمن، أو سفارة خالية من الفعاليات التي تهدف إلى جذب الضيوف المؤثرين حقاً في الدولة المضيفة، أو غياب مسؤول شؤون عامة لإدارة التواصل والتوعية. ومن المثير للدهشة أن بعض الدبلوماسيين الأفارقة يلجأون حتى إلى الاضطلاع بأعمالٍ جانبية مثل قيادة السيارات تحت مظلة تطبيقات النقل التشاركيّ أو العمل في محطات الوقود لتغطية نفقاتهم ليس إلا".
وقال أحد الدبلوماسيين الأفارقة: "تمضي بعض السفارات أشهراً دون الحصول على مخصصاتها لأنه لا يوجد تمويل من الوطن"، مشيراً إلى أنه في حين أن بعض السفارات تستضيف فعاليات، إلا أنها تفعل ذلك "نادراً".
الوحدة المفتقدة
نحن نتحدث عن قارة تضم 54 دولة، أي أكثر من ربع دول العالم. من الناحية النظرية، ينبغي أن تكون هناك قوة في مثل هذا العدد، ولكن في الواقع ليس هناك الكثير من الوحدة.
وأشار التقرير إلى أن ما يزيد الطين بلّة عدم وجود وحدة بين الدول الأفريقية. فلكل دولة مجموعة من الأولويات الخاصة بها، وبعضها تفصلها خصومات عميقة الجذور مع جيرانه.
وفضلاً عن ذلك، تفرض بعض حكومات الدول الأفريقية قيوداً صارمة للغاية على دبلوماسييها، مما يعوق قدرة سفاراتها على التعامل مع مؤسسة السياسة الأمريكية.
جماعات الضغط
وحتى عندما يتمكن الدبلوماسيون الأفارقة من التغلب على هذه العقبات الداخلية، فإنهم يواجهون عقبة أخرى تتمثل في الاعتماد على جماعات الضغط باهظة التكلفة في واشنطن. وغالباً ما يتم تكليف هؤلاء المأجورين بمهامٍ دبلوماسية أساسية مثل ترتيب الاجتماعات مع المسؤولين الأمريكيين
.وعلى الرغم من ذلك، فإن التحديات التي يواجهها الدبلوماسيون الأفارقة تتجاوز بمراحل حدودهم الداخلية، فأولويات السياسة الخارجية لواشنطن نفسها دائماً ما تؤدي دوراً بالغ الأهمية. فعلى الرغم من شريحة الشباب الكبيرة في أفريقيا ونمو القارة السكانيّ السريع، تحظى القارة السمراء باهتمام أقل بكثير مقارنةً بالمناطق التي تربطها بالولايات المتحدة علاقات اقتصادية وعسكرية أقوى.