مؤتمر بالجزائر: 14 ألف إرهابي عادوا لدول أفريقية
وزير الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل دعا الدول الأفريقية لإعداد استراتيجية لتجفيف تمويل الإرهاب.
أجمع خبراء أمنيون على أن قارة أفريقيا تعد من أكثر المناطق "خصوبة وجذباً" للإرهاب على اختلاف أشكاله، وبؤرة "لتفريخ" التنظيمات الإرهابية.
وكشف اجتماع "مكافحة تمويل الإرهاب في أفريقيا" والذي عقد على مدار يومين بالجزائر عن عودة نحو 14600 إرهابي من بؤر التوتر على مدار العام ونصف العام الماضي إلى شمال أفريقيا والساحل الأفريقي.
وطالب الاجتماع الذي حضره ممثلوا دول الاتحاد الأفريقي والدول الأعضاء في مجلس الأمن بما فيها الخمس الدائمة، إضافة إلى كندا، الدول الأفريقية بالتنسيق وتبادل الخبرات والمعلومات فيما يتعلق بقضية تمويل الإرهاب.
- قانون جديد في الجزائر لمكافحة الجرائم الإلكترونية
- الجزائر.. تفكيك خلية "الذئاب المنفردة" الداعشية غرب البلاد
وطالب البيان الختامي للمؤتمر الدول الأفريقية بالعمل على "عصرنة وتطوير عمل المصارف لتتلاءم مع التشريعات الدولية"، وبمساعدة من الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي.
وعن مسألة عصرنة المصارف، ذكر ممثلو دول الاتحاد الأفريقي أنها ستكون الخطوة الأولى نحو تخفيف المخاطر الناجمة عن تبييض الأموال من قبل التنظيمات الإرهابية والتنظيمات المتخصصة في تجارة السلاح والمخدرات، ومحاصرة نشاطهم داخل القارة السمراء، من خلال آليات جديدة تسهم في تجفيف منابع تمويل الجماعات الإرهابية.
كما توصل اجتماع الجزائر إلى توصيات أخرى تتعلق بآليات جديدة لتجريم دفع الفدية للمجموعات الإرهابية في القارة الأفريقية.
ودعا وزير الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل، خلال كملته أمام الاجتماع، الدول الأفريقية "لإعداد استراتيجية حول تجفيف تمويل الإرهاب، إذا أرادت أن تكافح هذه الظاهرة التي أصبحت تنسق أعمالها مع الجريمة المنظمة في المنطقة".
كما اعتبر أن اجتماع الجزائر يعد "فرصة هامة للتعرف أفضل على طبيعة ومدى التهديد الذي يمثله توفر كل هذه الموارد المالية للإرهاب، ونحن بحاجة ماسة لتحديد أفضل للتطور الدائم للأساليب والآليات والطرق التي تستعملها الجماعات الإرهابية أو الإجرامية لتحويل ونقل الأموال".
وتطرق وزير الخارجية الجزائري إلى مسألة "الخطر الإلكتروني" أو الشبكة العنكبوتية، الورقة الرابحة في يد التنظيمات الإرهابية.
كما أكد عبد القادر مساهل أن "السعي وراء المال عوّض القناعة الأيديولوجية في مسارات حملات التجنيد التي تشنها الجماعات الإرهابية".
أنماط تمويل الإرهاب
اجتماع الجزائر لم يكن فقط للخروج بالتوصيات، بل لكشف حقائق جديدة عن النشاط الإرهابي وتداخله مع الإجرامي في أكثر المناطق سخونة في العالم كما أشار المجتمعون.
وكُشف وزير الخارجية الجزائري عن أن قيمة تمويل الإرهاب في أفريقيا، وخاصة في منطقة الساحل وصلت "إلى مليار دولار"، وأن مصدر التمويل الأساسي لتنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين يأتي من تجارة المخدرات، أو الاتجار بالبشر، أو الهجرة غير الشرعية، أو دفع الفدية.
وحدد الاجتماع نحو 12 نمطا لمصادر تمويل الإرهاب وبينها: "منظمات غير حكومية، الاقتطاعات الخاصة بالأعمال الخيرية، المتاجرة بالسلاح، تجارة المخدرات، مختلف المنتجات الطبية المقلدة، المهلوسات، القرصنة، احتجاز الرهائن مقابل الفدية، تجارة الممتلكات الثقافية، الهجرة غير الشرعية، تحويل الأموال، والتسول".
واعتمد اجتماع "مكافحة تمويل الإرهاب في أفريقيا" بالجزائر على التقرير الصادر شهر فبراير/شباط الماضي عن كل من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومجموعة العمل الحكومي لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في غرب أفريقيا، وبنك التنمية الإفريقي، والشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا.
وخلص التقرير إلى أن "نشاطات الجريمة المنظمة تمثل ما نسبته 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي لـ15 بلداً من غرب أفريقيا".
كما اعتمد المجتمعون على تقرير آخر صدر شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي عن "الشبكة العالمية ضد التزوير واتحاد المصنعين"، والذي أكد وجود علاقة كبيرة بين "كيفية استعمال الإرهاب للتقليد للحصول على الأموال".
وفي حديثه مع "العين الإخبارية"، قال الخبير الأمني، أحمد ميزاب، والذي شارك في اجتماع الجزائر، "إن الاجتماع يأتي في ظل دعوة الجزائر الدائمة لضرورة اتخاذ إجراءات حازمة لتجفيف الموارد المالية للجماعات الإرهابية وتجريم دفع الفدية، خاصة أن الكثير من الدول الأفريقية أصبحت مهددة بكل أشكال الإرهاب في المنطقة".
وأضاف أن " عقد الاجتماع في هذا الظرف الزمني بالذات، له أكثر من دلالة، خاصة مع بروز خارطة انتشار جديدة للجماعات الإرهابية، الأمر الذي بات يلزم الدول الأفريقية وحتى الدول الكبرى لصياغة مسودة قانون لتجفيف منابع الإرهاب".
كما تحدث عن مصادر تمويل الإرهاب التي قال إنها تبقى "تقليدية وأخرى غير تقليدية، وهو ما يدفعنا جميعاً للتحرك في إطار تجفيف منابع تمويل الإرهاب، وحتى في إطار قطع طرق الإسناد والتغذية لهذه الجماعات".
ميزاب أكد أيضاً أن "خارطة الانتشار الجديدة التي تم رصدها تعمل على خلق قيادات جديدة محلية في الدول الأفريقية في إطار إعادة انتشار العائدين من بؤر التوتر، وهذا لضمان البيئة الحاضنة للجماعات الإرهابية خاصة داعش والقاعدة، وضمانا للتمويل وللحفاظ على نشاطهم".
وأضاف:"أن المعلومات تؤكد عودة 14600 إرهابي من بؤر التوتر على مدار عام ونصف العام إلى شمال أفريقيا والساحل الأفريقي".