61 عاما على ولادة «الوحدة الأفريقية».. هل تحقق حلم الآباء؟
61 عاما مرت على تأسيس أول كيان أفريقي ضم تحت جناحيه دولا حديثة الاستقلال في ولادة شكلت تتويجا لحلم الآباء المؤسسين بالوحدة.
واليوم السبت، تحتفل القارة بالذكرى 61 لتأسيس «منظمة الوحدة الأفريقية»، التي تحولت لاحقا إلى «الاتحاد الأفريقي»، الكيان الذي تم تدشينه في 25 مايو/ أيار 1963 بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
- الاتحاد الأفريقي يدخل "مجموعة العشرين" من بوابة الهند
- قبل النيجر.. 9 دول علق الاتحاد الأفريقي عضويتها
وقال موسى فكي، رئيس المفوضية الأفريقية، الجهاز التنفيذي للتكتل القاري، في كلمة مسجلة وجهها بالمناسبة لجميع الأفارقة، إن «يوم أفريقيا الذي نحتفل به اليوم يشكل لحظة مناسبة للتأمل لتقييم مدى التقدم الذي أحرزناه، والتفكير في الطريق الذي أمام القارة الأفريقية»
وأضاف أن «الانفجار الديمغرافي في أفريقيا، والقيود الاجتماعية التي تقاوم متطلبات العالم الجديد، والتدهور المستمر لأحوال المناخية، والتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية، جميعها عوامل باتت تمثل تحديات جسيمة للقارة».
وأدرج الاتحاد الأفريقي الاحتفال بهذه الذكرى في 25 مايو من كل عام تخليدا لمحطة مفصلية في مسار تحقيق حلم الآباء المؤسسين.
ورغم أن التحديات التي واجهها، بدءا من الصراعات والانقلابات والحروب إضافة للكوارث الطبيعة والمجاعات، إلا أنه استطاع الصمود بوجه جميع تلك العواصف العاتية، وإن تلاحقه في خضم ذلك انتقادات بالبطء وعدم التعاطي بسرعة مع أزمات الدول الأعضاء.
وحول السلم والأمن الأفريقيين، قال فكي إن التحديات الأمنية، وخصوصا الإرهاب، وحل الأزمات التي تعصف ببعض بلدان القارة، تتطلب زيادة حقيقية في التعبئة والتضحيات والنضالات المتماسكة لوضع نهاية لها.
وحذر من أن «منظمة الوحدة الأفريقية، التي ولدت من آلام نضالات شعوب أفريقيا تجد نفسها الآن على مفترق طريق حقيقي، ما يستوجب الإصلاح بحزم وشجاعة ليتم تحقيق حلم الآباء المؤسسون بخلق قارة أفريقية قوية محررة تنعم بالتكامل والازدهار».
ماذا تحقق؟
مكاسب عديدة استطاع الاتحاد الأفريقي تحقيقها ليحول جزءا كبير من حلم الآباء المؤسسين إلى حقيقة.
وفي مقدمة إنجازاته، تعزيز التكامل الإقليمي والاقتصادي بين الدول الأعضاء كأحد الأهداف الرئيسية، فقد نجح في إنجاز خطوات تقدمية في هذا الإطار.
ويتجلى ذلك من خلال التكتلات الاقتصادية التي دشنها مثل «كوميسا» في شرق القارة، و«ساداك» في جنوبها، و«إيكواس» في الغرب، وإطلاق المنطقة الأفريقية الحرة عام 2019.
أيضا الجواز الأفريقي الموحد، والذي تم إطلاقه في يوليو/ تموز 2016 كأحد أهداف حلم الآباء المؤسسين خلال القمة الأفريقية المنعقدة برواندا لتيسير الحركة الحرة للأفراد داخل القارة.
لكن عدم التزام الدول الأعضاء بالتكتل بتنفيذ الخطوة بشكل فعال، بما في ذلك تسهيل عمليات إصداره وتوفير التكنولوجيا اللازمة لضمان الأمان وتبسيط الإجراءات عبر الحدود، شكل عقبة أمام فاعلية هذه الخطوة التكاملية.
تحديات
رغم المكاسب، لكن تظل هناك تحديات جسيمة تطال السلم والأمن في أفريقيا، وتتجلى في النزاعات المسلحة والانقلابات العسكرية والإرهاب والتطرف الذي تشهده بعض المناطق بالقارة.
ولعل أكثر ما يؤرق أفريقيا هي التنظيمات الإرهابية والمسلحة بشكل عام، مثل حركة الشباب في الصومال، وبوكو حرام في نيجيريا.
ويضاف لمعضلة الإرهاب، محنة الهجرة غير النظامية، والفساد وضعف الحكم الرشيد وانتهاكات حقوق الإنسان، ما يزيد من عدم الاستقرار والتوترات الداخلية.
وعلى الرغم من ذلك، يلعب الاتحاد الأفريقي دورا بارزا في سبيل تعزيز السلم والأمن بالقارة من خلال الوساطات لمنع النزاعات، وإرسال قوات حفظ السلام إلى المناطق المضطربة، وتعزيز التعاون الأمني بين الدول الأعضاء.
كما يساهم التكتل، من خلال التعاون الإقليمي والدولي، في مكافحة الإرهاب والتطرف بتبادل المعلومات والخبرات وتطوير القدرات الأمنية للدول الأعضاء.
انتظارات
يعتبر الاتحاد الأفريقي لاعبًا مهمًا في الساحة العالمية، ويسعى جاهد للتأثير في التطورات العالمية، ومع ذلك، تتطلع الشعوب الأفريقية لأن يكون هذا الكيان قوة مؤثرة بالخارطة الدولية، عبر استثمار التطورات الراهنة التي جعلت القارة قبلة القوى الدولية الكبرى لما تزخر به من ثروات وإمكانات.
والشعوب الأفريقية لا تزال تتطلع لاستكمال حلم الآباء المؤسسين في بناء قارة قوية ومزدهرة، تتمتع بالسلم والازدهار والتضامن، والتكامل الاقتصادي والسياسي وتحسين مستويات المعيشة وتقليل معدلات الفقر.
حلم يدركون جيدا أنه لن يتحقق إلا من خلال التنمية الشاملة وتوفير فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية.