لم تكد تمضي ساعتان تقريباً أو أقل على بيان هيئة التفاوض السورية المجتمعة في الرياض حتى طُلب من وسائل الإعلام عدم تداوله وسحبه
لم تكد تمضي ساعتان تقريباً أو أقل على بيان هيئة التفاوض السورية المجتمعة في الرياض حتى طُلب من وسائل الإعلام عدم تداوله وسحبه واستبداله ببيان ثانٍ .
مالذي حدث ولماذا جرى سحب بيان الهيئة الأول؟
في الحقيقة ما أن يقرأ المتلقي البيانين حتى يجد الفرق، فبعيداً عن النقاط المشتركة ومنها التأكيد على تطبيق القرارات الأممية فيما يخصّ الحلّ السّياسي، وإدانة هجوم النظام على الغوطة وسقوط العشرات من المدنيين هناك، نقطتان اثنتان في غاية الأهمية تم حذفهما من البيان الثاني، نتوقف عند كل واحدة على حدة .
النقطة الأولى هي طلب أعضاء الهيئة في بيانهم التهدئة في مدينة عفرين شمال سوريا في إشارة واضحة إلى عدم رضا جميع المنصّات عما تقوم به تركيا في هذه المدينة، خصوصاً مع تزايد عدد القتلى من المدنيين ونزوح العشرات من العائلات نتيجة الضربات العسكرية التركية.
منصة القاهرة هي من أصرّت على طلب التهدئة إيماناً منها بأنّ الموجودين في عفرين سوريون يتوجب حمايتهم، باستثناء القوات الكردية الانفصالية، وهذا ما رأى فيه أعضاء آخرون أمراً سيزعج تركيا وحكومة الرئيس رجب طيب أروغان التي أطلقت عملية عسكرية واسعة في المدينة سمتها "غصن الزيتون"
مصادر "العين الإخبارية" حصلت على تأكيدات بأنّ منصة القاهرة هي من أصرّت على طلب التهدئة إيماناً منها بأنّ الموجودين في عفرين سوريون يتوجب حمايتهم، باستثناء القوات الكردية الانفصالية، وهذا ما رأى فيه أعضاء آخرون أمراً سيزعج تركيا وحكومة الرئيس رجب طيب أروغان التي أطلقت عملية عسكرية واسعة في المدينة سمتها "غصن الزيتون".
أما النقطة الثانية هي إدانة الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية، إذ ذكرت الهيئة في بيانها الأول أنّها تدين هذا الفعل الذي قدم له التدخل الإيراني في سوريا، وبات الطرفان يطاردان بعضهما البعض على أرض لا يهمّهما إذ ما ازداد سعير الحرب عليها، فالضحايا لن يكونوا إيرانيين ولا إسرائيليين، السّوريون هم من يدفع الثمن تقول المعارضة.
النقطتان اللتان تم الاستغناء عنهما في البيان الثاني يشيران إلى حجم الخلاف في وجهات النظر لـ منصات المعارضة الثلاث فيما يجري على الأرض السّورية، ولعلنا نستعرض التباين فقط فيما يخص مدينة عفرين والعملية العسكرية التركية فيها.
إذ ترى منصّة القاهرة أنّ مايجري في عفرين مدانٌ من ناحية استهداف المدنيين وتعريضهم للخطر، وتطالب بألية أخرى يمكن من خلالها دحر الأحزاب الكردية الانفصالية وإجبارها على التراجع عن مواقفها، والسّير بها إلى الاتجاه الصحيح بتغليب المصلحة السّورية على جميع المشاريع الانفصالية.
وجهة نظر منصة القاهرة تقترب منها كثيراً آراء أعضاء منصة موسكو .
أما الائتلاف المعارض فهو يذكر غير مرة أنّه لامشكلة له مع المكوّن الكرّدي، ويستشهد بأنّ المجلس الوطني الكردي أحد أهم أطيافه، ولكنّه يعترض بشدة على سياسة حزب العمال الكردستاني “PKK”وحزب الاتحاد الديمقراطي”PYD” .
الائتلاف يتماهى بشكل شبه تام مع تركيا فيما يخصّ هذين الحزبين؛ لذلك تبقى قرارته مدروسة أكثر إذما تعلق الأمر بتركيا ونزاعها الطويل مع هذين الحزبين، وهذا ما يفسّر الإصرار الكبير لأعضائه من أجل حذف موضوع عفرين من البيان الأول للهيئة العليا للمفاوضات.
اختلاف وجهات النظر هذه لاتعني بأنّ ثمّة انشقاقاً داخل صفوف هيئة التفاوض، على العكس تماماً فكثيرة هي الأطراف العربية منها والدولية تنظر إليها على أنّها الجسم المعارض الأكثر تجانساً وانسجاماً؛ لما بات يمتلكه أعضاؤها من خبرة في مجال التفاوض والتهدئة والتعاطي مع المتغيرات الدولية من دون المساس بمطالب جمهور المعارضة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة