بالصور.. منازل "عفرين الصغيرة" حكايات من قلب المأساة
عشرات العائلات الفارة تضيق من العدوان التركي
العدوان التركي على "عفرين" يفتح نار الجحيم على العائلات التي لجأت للفرار من هجماته الشرسة.
داخل منزل صغير في مدينة عفرين، تتشارك أمونة حسن مع 6 عائلات المطبخ والحمام ذاته، ويعيشون جميعهم في 3 غرف فقط، بعدما أجبرهم العدوان التركي المستمر منذ أسابيع على الفرار من منازلهم في القرى الحدودية.
"نحن هنا 7 عائلات، كل عائلة قد تضم 10 عشرة أشخاص".. كلمات قالتها أمونة، التي غزت التجاعيد وجهها، وهي تتحدث لوكالة الأنباء الفرنسية عن المأساة التي يعانون منها في عفرين جراء العدوان التركي.
وأشارت أمونة إلى أن كل الرجال موجودون خارج المنزل "أحدهم يبحث عن الخبز، وآخر عن الحفاضات (للأطفال)، وثالث عن الحليب".
وتلوح أمونة، المرأة السمراء العجوز، بيديها بغضب أثناء حديثها عن معاناتها وعائلتها منذ نزوحهم قبل أيام من بلدة جنديريس الحدودية مع تركيا، هربا من العدوان الذي تنفذه أنقرة وفصائل سورية موالية لها منذ 3 أسابيع.
مأساة عفرين
وتعيش أمونة حاليا مع أسرتها وعائلات أشقائها وآخرين في منزل يملكه صديق شقيقها في مدينة عفرين.
وتوضح بينما تفترش الأرض داخل غرفة فيها نحو 10 نساء وأطفال، ويستلقي خلفها عجوز يبدو مريضا: "ننام ونحن جالسون، ما هو هذا النوم؟ كيف من الممكن أن نتسع هنا؟ ماذا يمكن أن يحصل معنا أبشع من ذلك؟".
حين تتحدث عن الحمام، تقول بسخرية: "لم نستحم منذ أيام، نريد فقط أن نأكل، الحمام أصلاً لا يعمل". وتبدو في إحدى زاويا الغرفة المكتظة، كمية من الأغطية موضبة فوق بعضها البعض.
"محاصرون هنا"
تتذكر أمونة بغضب مشقة النزوح: "أتينا تحت الضرب والصراخ والمطر، أتينا من تحت الموت"، متحدثة عن ابنها الذي نزح مرات عدة خلال سنوات النزاع هربا من المعارك، من الرقة إلى الطبقة ثم حلب قبل أن يعود إلى عفرين.
وتقول وقد وضعت على رأسها حجابا مرقطا: "ينزح ابني منذ 6 سنوات"، مضيفة أنه "الآن ها نحن محاصرون هنا، لتأتي قنبلة ونموت كلنا سويا".
أمام مداخل منازل تكتظ بالعائلات النازحة إلى مدينة عفرين، يمكن رؤية عشرات الأحذية التي تركها السكان قبل دخولهم.. وفي الباحات، تمتلئ حبال الغسيل الطويلة بالثياب الملونة.
كما تكتظ الساحات العامة وحدائق المدينة بالنازحين والأطفال الذين يلهون فيها.
قبل أيام قليلة، نزح عبد الحاج أحمد (49 عاما) مع عائلته المؤلفة من 12 فردا من قرية شيخ محمد إلى عفرين.
ويروي: "الوضع مأساة، لم تكن هناك سيارات في الطرقات.. خرجنا بحقائبنا، مشينا من منطقة إلى أخرى حتى وجدنا سيارة تقلنا" إلى منزل أحد الأقارب في عفرين، حيث تعيش الآن "9 عائلات ما يعادل نحو 40 شخصا".
ويضيف:"تخيلوا كيف يمكن أن تعيش 9 عائلات في منزل مع مطبخ واحد وحمام واحد؟ تخيلوا الفرق بين أن تكون عائلة واحدة في منزل و9 عائلات في منزل واحد".. ويروي بحزن: "هذه أول مرة نعيش فيها حياة النزوح".
"نريد العودة"
في معظم المنازل المضيفة، يتجمع السكان الجدد في غرف لا تحتوي إلا على بعض الفرش والسجاد حول مدفئة تعمل على الخشب.
بين ليلة وضحايا، وجدت نازلية بلو، (28 عاما)، بيتها مأوى لأقربائها بعدما كانت تعيش بهدوء مع أفراد أسرتها.
وتقول بلو وهي ترتدي سترة رمادية وتضع سلسلة ذهبية في عنقها: "نزح بيت خالي وأقرباؤهم وأتوا إلينا.. كنا في الأساس 10 أشخاص والآن أصبحنا 30 شخصا في المنزل".
وتضيف: "نساعد بعضنا بعضا.. فظروف الحرب الصعبة جمعتنا، فرحون بهم هنا لكن الوضع محزن بشكل عام، لقد تركوا منازلهم".
وتناشد بلو أهالي عفرين مساعدة "أهل القرى الذين تضررت منازلهم"، مضيفة "إنها مأساة كبيرة ونحن نفتح منازلنا للجميع".
ويتقاسم محمد كدرو، (53 عاما)، مع 5 عائلات نازحة، غالبيتهم من أقربائه، بدل إيجار منزله.
ويقول الرجل الذي طغى الشيب على لحيته: "ليس هناك فرش كافية ليناموا، المعيشة صعبة".
وانتقل عبدين كشاد، (30 عاما)، إلى منزل كدرو، بعدما فرّ مع أفراد عائلته الخمسة قبل نحو أسبوعين من قرية قره بابا.
في غرفة صغيرة تجمع فيها مع أقاربه، يروي كشاد "كان هناك قصف مدفعي كثير، فانتقلنا إلى راجو، وحين قصفوها بالطائرات نزحنا إلى عفرين".
ويضيف "لا نريد أن يلاحقنا القصف، فليتوقف لنعود إلى منازلنا، هذا ما نريده".