العقارات في مصر بعد خفض الفائدة.. تمويل أسهل وأسعار صامدة

في خطوة جديدة ضمن سياسة التيسير النقدي، أعلن البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة الأساسية بواقع 1%، وسط ترقب واسع لتأثير القرار على القطاعات الاقتصادية، وعلى رأسها سوق العقارات الذي يواجه ضغوطًا متزايدة من ارتفاع تكاليف البناء والتشغيل.
وبينما يرى خبراء أن الخفض المتكرر قد ينعش التمويل العقاري ويحرك الطلب، يؤكد آخرون أن الأسعار ستظل ثابتة مدفوعة بارتفاع التكاليف وضعف هوامش المطورين.
تأثر القطاع العقاري في مصر بقرار البنك المركزي خفض أسعار الفائدة، إذ يرى الخبراء أن القرار يدعم النشاط والتمويل العقاري لكنه لا ينعكس مباشرة على أسعار الوحدات التي تظل رهينة تكاليف البناء والتضخم.
أعلنت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، في اجتماعها اليوم، عن خفض أسعار العائد الأساسية بواقع 100 نقطة أساس، ليصل سعر عائد الإيداع إلى 21%، والإقراض لليلة واحدة إلى 22%، وسعر العملية الرئيسية إلى 21.5%، كما قررت اللجنة خفض سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليسجل 21.5%.
وأكد المركزي أن القرار جاء انعكاسًا لتقييم مستجدات معدلات التضخم وتوقعاته خلال الفترة المقبلة، في إطار سياسة تستهدف تحقيق التوازن بين دعم النشاط الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار.
ورغم أهمية قرار خفض الفائدة وتأثيره على معدلات النمو الاقتصادي، يرى خبراء في القطاع العقاري ومصرفيون أن تأثير خفض الفائدة المتكرر على القطاع لن يكون مباشرًا في صورة انخفاض للأسعار.
وخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بنحو 6.25% خلال 4 اجتماعات هذا العام، بما فيهم اجتماع اليوم.
وكشف طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، عن التأثير المباشر لأسعار الفائدة وارتفاع تكاليف الإنشاء على واقع السوق العقاري، موضحًا أن التمويل العقاري أصبح يشكل عنصرًا ضاغطًا على المطورين والعملاء على حد سواء.
وأوضح شكري لـ"العين الإخبارية" أن تكلفة الوحدة العقارية تتوزع بواقع 35% لقيمة الأرض، و40% للمرافق والإنشاءات، و10% لمصروفات التسويق، بخلاف المصاريف الإدارية، بينما تمثل الفائدة على القروض العقارية ما بين 5 إلى 10% من إجمالي التكلفة.
وأشار إلى أن المبيعات التي شهدها السوق خلال عامي 2020 و2021 تسببت في خسائر فادحة للمطورين، حيث تم البيع وقتها بسعر صرف دولار يعادل 18 جنيهًا، في حين ارتفعت تكلفة التنفيذ مع صعود الدولار إلى 50 جنيهًا، وهو ما خلق فجوة مالية كبيرة أثرت على استمرارية المشروعات.
وأكد رئيس الغرفة أن القطاع يسعى إلى تخفيف الأعباء عن العملاء والمطورين معًا، لافتًا إلى أن الغرفة تقدمت رسميًا للحكومة بطلب لتوفير برامج تمويل عقاري، حتى ولو لوحدة واحدة لكل عميل، بهدف إنعاش السوق وتحريك معدلات الطلب.
وأضاف أن مجلس الوزراء وعد بدراسة المقترح، مع التحضير لاجتماع مرتقب مع محافظ البنك المركزي لمناقشة آليات التنفيذ ووضع ضوابط تضمن استدامة التمويل.
وشدد شكري على أن تحفيز السوق العقاري يتطلب تنسيقًا وثيقًا بين الحكومة والبنك المركزي لتبني حلول تمويلية مرنة، معتبرًا أن هذه الخطوة قد تسهم في تدارك خسائر المرحلة الماضية، ودعم القدرة الشرائية للمواطنين، فضلاً عن تشجيع الاستثمار وضمان استقرار أسعار العقارات في ظل تقلبات أسعار الفائدة والعملات الأجنبية.
وقال الخبير العقاري أيمن سامي لـ"العين الإخبارية" إن خفض الفائدة خطوة إيجابية تساعد على تيسير التمويل، لكنها لن تنعكس على تراجع أسعار الوحدات، موضحًا: "السوق العقاري لم يشهد تاريخيًا انخفاضًا في الأسعار، بل على العكس، عادة ما تكون هناك زيادات طفيفة حتى في فترات التباطؤ."
وأضاف أن المطورين العقاريين زادوا من فترات السداد خلال الأعوام الماضية، وهو ما ضاعف الأعباء عليهم، مؤكدًا أن "التباطؤ الحالي في المبيعات لا يعني ركودًا وإنما يأتي بعد طفرة استثنائية في العام الماضي."
من جانبه، أكد الخبير المصرفي الدكتور علي الإدريسي لـ"العين الإخبارية" أن الخفض المتتالي لأسعار الفائدة يسهم في تنشيط وترويج حركة السوق العقاري، لأنه يسهل على المواطنين الحصول على قروض لشراء الوحدات السكنية.
وشدد على أن أسعار العقارات لن تنخفض حتى مع استمرار خفض الفائدة، مرجعًا ذلك إلى ارتفاع تكلفة مواد البناء وأسعار الوقود المتوقعة، ما يزيد من أعباء المطورين العقاريين.
وتابع الإدريسي: "حتى لو لم تنخفض أسعار الوحدات، فإن خفض الفائدة يمنع حدوث زيادات كبيرة مبالغ فيها، ويمنح السوق استقرارًا نسبيًا."
واتفق أسامة سعد الدين، الرئيس التنفيذي لغرفة صناعة التطوير العقاري، مع الآراء السابقة وأكد لــ"العين الإخبارية" أن قرار خفض الفائدة سيدعم النشاط الاقتصادي ويحفز الاستثمار العقاري، لكنه لن يؤدي إلى تراجع أسعار العقارات، التي تظل مرتبطة بالأساس بعوامل التضخم، وتكاليف البناء، والضغوط الخارجية على الاقتصاد.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjEg جزيرة ام اند امز