جرافة زراعية تتفادى الألغام.. ابتكار يمني لإحياء الأرض رغم إرهاب الحوثي
اهتدى شاب يمني إلى صناعة جرافة زراعية من شأن تطويرها مستقبلا مساعدة وخدمة المزارعين الفقراء في ظل تلغيم مليشيات الحوثي للأراضي.
ففي مديرية حيس جنوبي محافظة الحديدة (غرب)، التي تعد إحدى أكثر المديريات التي فخختها مليشيات الحوثي بالألغام، تولدت فكرة جديدة لدى "علي عمر الكريبي" نحو صناعة جرافة وحراثة متوسطة الحجم قد يمنحها خفة وزنها فرصة تفادي العبوات الحوثية المصممة للمركبات الثقيلة.
ولا يمتلك الكريبي خبرة كبيرة بعمل دواسات التفجير التي تضعها مليشيات الحوثي في الألغام والعبوات المضادة للمركبات، كما لا يملك بعد ضمانات مؤكدة غير أن ما طوره من صناعة أولية لحراثة صغيرة بجانب جهود نزع الألغام قد تحقق أمانيه في خدمة الكثير من المزارعين المحرومين من زراعة أراضهم إثر فخاخ الانقلابيين.
- اليمنيون واصطياد التونة.. مغامرة ليلية في قلب الأمواج والبرد والألغام
- بعد أزمة مفتعلة.. تسعيرة حوثية جديدة تشعل أسعار الوقود شمال اليمن
ويكفي ما حققه الشاب الثلاثيني من وضع قاعدة أساسية لجراف متحرك يعمل بأدوات بدائية رغم ما يعانيه من فقر وفاقة وانعدام الإمكانيات وسط حرب حوثية اغتالت أحلام آلاف الشباب والمبدعين.
نموذج قابل للتطوير
تطلب الأمر من "علي الكريبي" بضعة أسابيع لتطوير جرافة، فبعد أن تم استبعاده من الحصول على حراثة متكاملة من إحدى المنظمات، قرر صناعة ذلك بنفسه.
واستعان "الكريبي" في ورشة متواضعة يملكها بتحد قطعه على نفسه بامتلاك حراثة كالمزارعين الآخرين، قبل أن يهتدي إلى أن الحجم المتوسط قد يمنحه ميزة تختلف عن تلك الحراثات المحدودة والتي يحصل عليها مزارعون قلة كتشجيع عبر دعم وكالات العون.
عمل "الكريبي"على تجمع مكونات حراثته من أدوات محلية، واستخدم مولد دراجة نارية كمكينة مؤقتة، كما اختار قاعدتها الأساسية، من سيارة متهالكة.
أتاحت له الورشة الصغيرة التي يمتلكها الاستفادة من معداتها في تجهيز الحراثة الصغيرة، لكنها ما تزال في مرحلتها البدائية، وينقصها الكثير حتى تبدو بشكلها الحقيقي.
يقول الكريبي لـ "العين الإخبارية": "إنها بحاجة إلى هيكل خارجي ليكسبها شكلها العام ومظهرها الحقيقي، وإطارات مناسبة فضلا عن أدوات وقطع الأذرع الهيدروليكية والتي لم أستطع شراءها".
وفوق ذلك بحسب الكريبي فإن قوتها لا تبدو بمستواها الذي كان يخطط له، كما أنها بحاجة إلى جرار خلفي يعمل كمحراث لحراثة الأرض وهو في طور صناعته لتناسب حجمها.
ويؤكد الكريبي أن تطوير الفكرة بحاجة إلى تمويل، من أجل إنتاجها بشكل تجاري، فضلا عن ورشة كبيرة تحتوي على "مخرطة" لتعديل بعض المكونات.
وتعد مثل هذه الجرافات الصغيرة مناسبة جدا للمزارعين اليمنيين، بحسب الكريبي الذي سبق له أن صمم عددا من الأدوات، معددا فوائدها بأنها ليست مكلفة نظرا لمكوناتها البسيطة، ما يجعل شرائها متاحا للمزارعين.
بالإضافة إلى كونها مناسبة للأراضي ذات المساحات الصغيرة والأراضي التي تزرعها مليشيات الحوثي بالألغام، ما يجعل حرثها بالحراثات الطبيعية سببا مؤكدا لخطر انفجارات الألغام خاصة المضادة للمركبات.
تجارب سابقة
وسبق للشاب الثلاثي، أن خاض تجارب عديدة ولدت من رحم معاناته، وهي أفكار تناسب محيطه المعيشي، أبرزها تحويل مولد كهربائي يعمل بالبنزين، إلى استخدام مادة الغاز، قبل وجود تلك المولدات في الأسواق اليمنية.
كما تمكن من تصميم ماكينة لصناعة الطوب، ودراجة نارية مزودة بحوض لنقل البضائع، عبر تجميع أجزائها من دراجات تالفة، لكن ذروة ابتكاراته كما يقول كانت في طفولته لدى مساهمته مع شخص آخر يدعى "مصعب" من ذاته مدينته في صناعة طائرة صغيرة تتسع لـ8 ركاب.
تم تجهيز جسم الطائرة الخارجي من صفائح معدنية وتم تزويدها بمحرك قارب صيد بقوة 25 حصان، بعدما أجريت عليه تعديلات كثيرة.
ويرى أن اختياره محرك قارب كان مناسبا باعتباره الأخف وزنا والأقوى حركة، وأجريت عليه تعديلات وإضافات، كي يبدو محركا حقيقيا، لكن المشروع لم يكتب له النجاح، إذ كان بحاجة إلى محرك أقوى للمساعدة على الإقلاع.
وإضافة إلى ذلك، قال إن الجهات الأمنية حينها قامت باستدعائهما لتوضيح ما يقومان به، وسرعان ما تغير الأمر إلى مخاوف قوات الأمن، من سعيهما لتنفيذ جريمة عبر استخدام طائرة بدائية الصنع.
ويشير في ختام حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أنه توقف عن تطوير الفكرة نظرا للمخاوف التي انتابتهما، إذ نمى إلى عقليهما أن ما يقومان به قد يعرضهما للمساءلة الأمنية خصوصا أنهما يعيشان في مدينة ريفية تعاني العزلة والكثير من الجهل.
aXA6IDMuMTQuMTMyLjQzIA== جزيرة ام اند امز