وفاة أحمد خالد توفيق.. ليست كذبة أبريل
خبر وفاة الكاتب المصري أحمد خالد توفيق أثار ارتباكا شديدا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تعرف على تلك الحالة الخاصة بين الراحل وقرائه.
استغرق رحيل الدكتور أحمد خالد توفيق ساعاتٍ لاستيعاب خبر وفاته، فهو الكاتب المفضل لدى جيل كامل من القراء، وسبب ارتباطهم بالقراءة، وشغفهم بلون "الفانتازيا والخيال العلمي" الذي تفرّد به، علاوة على صغر عمره نسبيا، وعدم الإعلان من قبل عن صراعه مع المرض، ما ضاعف من المفاجأة والصدمة بخبر فقده.
مواقع التواصل
أحمد خالد توفيق، الأديب المصري الذي انتفضت وسائل التواصل الاجتماعي مساء الإثنين بعد إعلان أقرب أصدقائه "د.أيمن الجندي" خبر وفاته في أحد المستشفيات الخاصة، الخبر الذي تم التشكيك به من جانب الجمهور العريض لأحمد خالد توفيق. "إشاعة" يقولون تارة، ثم يخرج فريق آخر "هي كذبة أبريل".. فيرد الأكثرية: "كذبة سخيفة"، في إشارة للتقليد الشهير بـ April's fool بربط بداية أبريل بإطلاق الفكاهات وعمل خدع في الآخرين.
ظل التأرجح هو سيد الموقف على منصات التواصل الاجتماعي، حتى تأكد الخبر، وبدأ التداول الإعلامي الرسمي للخبر "وفاة الكاتب الكبير أحمد خالد توفيق عن عمر يناهز 56 عاما".
قاعدة جماهيرية
انهالت عبارات النعي، وخرجت وزارة الثقافة المصرية ببيان عقب تأكد الخبر جاء فيه "تنعى الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة وجميع القطاعات والهيئات بوزارة الثقافة، رحيل الكاتب والروائي أحمد خالد توفيق الذي وافته المنية منذ قليل بموطنه بمدينة طنطا. وفقدت الثقافة المصرية والعربية روائيا عظيما طالما أثرى الحياة الثقافية في مصر والوطن العربي".
وأضاف البيان: "ترك الراحل للمكتبة العربية العديد من الروايات والكتابات النقدية الهامة، وكان أحد أبرز كتاب قصص التشويق والشباب في الوطن العربي، التي تتميز بأسلوبه الممتع والمشوق مما أكسبة قاعدة كبيرة من الجمهور والقراء".
البطل رفعت إسماعيل
سرعان ما عاد الجميع لأرض الواقع، أرض الفقد، مرّ شريط واحد تقريبا على الجميع، تحديدا على جيلي الثمانينيات والتسعينيات، الذين تربوا على سلسلة رواياته الأشهر "ما وراء الطبيعة"، التي تعتبر أشهر سلسلة روائية فانتازية في تاريخ العالم العربي، تداولوا اسم بطلها "الدكتور رفعت إسماعيل"، ذلك البطل الذي أصبح على مدار سنوات بطلهم الأبرز، الذي ظل القراء يتتبعون مغامراته على مدار 10 سنوات، وينتظره الجمهور بفارغ الصبر، ذلك الطبيب النحيل العجوز العصبي، الذي غيّر معايير بطل الروايات التقليدي.
في العدد الـ80 انقلب جمهور أحمد خالد توفيق عليه بعدما قرر أن ينهي السلسلة الأشهر بوفاة "رفعت إسماعيل"، واعتبروا أنه قام بجريمة قتل لبطلهم الأثير، وعندها خرج أحمد خالد توفيق بتصريح شهير قال فيه: "لا أعرف لماذا لم يصدق أحدا أنني صادق، فأنا حددت موت رفعت منذ عشر سنوات بالعدد80"، وأضاف "لو تركت رفعت لقالوا لماذا يستمر لقد صار مملاً".
سلاسل أخرى حازت نسب قراءة لافتة، منها سلسلة "سفاري" التي جاب فيها الراحل أحمد خالد توفيق أدغال أفريقيا، وكذلك سلسلة "فانتازيا"، و"روايات عالمية للجيب" التي لاقت رواجا شاسعا بسبب الأسلوب الجذاب للراحل في الكتابة.
عرّاب الجيل
عالم روايات أحمد خالد توفيق هو ذلك العالم الذي لن تجده سوى بالكاد في الرواية العربية، فعوالمه تعج بالفيروسات القاتلة والسحرة المجانين، وأكلة لحوم البشر، ومصاصي الدماء، عالم الفانتازيا الساخرة، والرعب المُحبب، في تركيبة مدهشة.
أطلق عليه جمهوره لقب "العراب" أو "عرّاب الجيل "، فذكراه هي ذكرى الطفولة، وزيارة "أكشاك" المكتبات للسؤال عن العدد الجديد من سلسلته، وترقب مصير أبطاله، هذا الارتباط "النادر" بين كاتب وقراء، وعلى الرغم من شهرته الواسعة، فإنه من المشهود للراحل قربه الشديد من الجميع، وعدم تكلفه سواء في الرد على قرائه أو التواصل مع الجيل الأحدث من الكتاب.
دخل توفيق في مرحلة الروايات الطويلة بعد السلاسل الأدبية، أبرزها رواية "يوتوبيا"، و"السنجة"، و"مثل إيكاروس" وهي الرواية التي فازت بجائزة أفضل رواية بمعرض الشارقة للكتاب 2016، ثم أتبعها في 2016 بروايته "ممر الفئران"، وكانت رواية "شآبيب" هي آخر أعماله، أو صدرت في معرض القاهرة للكتاب يناير/كانون الثاني الماضي، وسادت في رواياته الأخيرة روحه الفانتازية، التي لا تبرح الديستوبية.
ولد الراحل أحمد خالد توفيق عام 1962 بطنطا بمحافظة الغربية، وانضم إلى قافلة القادمين من مجال الطب إلى مجال الكتابة الأدبية في 1992، وعلى عكس المعهود بترك الأدباء محافظاتهم للإقامة بالقاهرة حيث المركز الأدبي، لم يترك أحمد خالد توفيق بلده طنطا حتى آخر عمره، محطما أسطورة العاصمة، وظل على الرغم من كل تلك الشهرة يكتب في مكتبه المنزوي بالبلدة الصغيرة، وكان دوما ما يعلن في تصريحاته رفضه ضجيج العاصمة، وعدم قدرته عن التخلي عن عالمه الخاص بمدينته الصغيرة.
استعار محبيه عبارات "العراب" أحمد خالد توفيق التي جاءت على لسانه أو لسان أبطاله في توديعهم له، وأبرزها:
"أنا يا رفاق أخشى الموت كثيرًا.. ولست من هؤلاء المدعين الذين يرددون في فخر بطولي.. نحن لا نهاب الموت.. كيف لا أهاب الموت وأنا غير مستعد لمواجهة خالقي..إن من لا يخشى الموت هو أحمق أو واهن الإيمان".