يضع لنا قانوناً في الإدارة وهو أن رأي الموظفين في مدير المؤسسة أو في الوزير، ينبع من رأيه في معاونيه.
أبدع أمير الشعراء أحمد شوقي بك في التحليل الثقافي من خلال قصائد تتناول قصص الحيوان والطير، كل قصيدة منها تلخص حالةً نعيشها ونعاني منها، وموضوعنا اليوم مع قصيدة "الأسد ووزيره الحمار"، وهي تحكي قصة أسد هصور، يدير مملكته بكل حزم، ثم مات وزيره، وعندما جاء ليختار وزيراً جديداً، ظن أن قوته وسطوته وطاعة الغابة له يمكن أن تبرر له أي اختيار يريد، وأنه يستطيع أن ينصِّب من يشاء وزيراً، وظن أن كل ما يملكه من سلطة وقوة وجبروت من الممكن أن تقلب موازين المجتمع، وأن تجعل الحمار صاحب سلطة وسلطان تخضع له الرعية، ولم يخطر على باله أن للحكم موازين وقوانين، وأن مكانته كملك في قلوب الرعية من مكانة وموقع معاونيه ومساعديه، وأنه إذا اختار وزراء ومساعدين ممن لا يحترمهم الشعب سوف يفقد هو مكانته واحترامه.. يقول شوقي:
لليث ملك القفار
وما تضم الصحاري
سعت إليه الرعايا
يوماً بكل انكسار
قالت تعيش وتبقى
يا دامي الأظفار
مات الوزير فمن ذا
يسوس أمر الضواري
قال الحمار وزيري
قضى بهذا اختياري
تعجبت الرعية من قرار الملك، وتساءلت عن المزايا التي يراها الأسد في الحمار، ولا تعرفها باقي الحيوانات فيه، وبعد ذلك تركته الرعايا التي كانت منكسرة أمامه وطارت تنشر الخبر أن الملك اختار الحمار وزيراً.. هنا يضيف شوقي:
حتى إِذا الشهر ولى
كليلة أو نهار
لم يشعر الليث إلا
وملكه في دمار
القرد عند اليمين
والكلب عند اليسار
والقط بين يديه
يلهو بعظمة فار
بعدها استفاق الأسد، وبكى حاله وانكساره وضياع هيبته، وتأسى على ضياع ملك الآباء والأجداد، وبدأ في عملية المراجعة، التي تأخرت كثيراً في دولة الإنسان في هذا الزمان.
وهنا جاء القول الفصل من القرد ليضع لنا قانوناً في الإدارة وهو أن رأي الموظفين في مدير المؤسسة أو في الوزير، ينبع من رأيه في معاونيه، فإذا اختار معاونين من أصحاب الكفاءة والمصداقية فسوف ينال احترام مرؤوسيه، وتقديرهم وطاعتهم للقانون والنظام، وإن اختار دون ذلك فسوف ينظر له المرؤوسون على أنه كذلك، فعليه أن يختار.. إما معاونين ممن يرفعون قدره وقيمته.. وإما الحمار.
نقلا عن الرؤية الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة