الذكاء الاصطناعي عاجز أمام أزمات مهنة «خدمة العملاء»

في عدد من البلدان الغربية أصبحت معاناة المتعاملين مع خدمة العملاء أكثر من أي وقت مضى، بسبب الردود الآلية التي تعتمد الآن في غالبيتها على الذكاء الاصطناعي.
ورصدت صحيفة "فايننشال تايمز"، واحدا من النماذج لسيدة تروي تجربتها في الأسابيع الماضية مع عملية الرد الآلي عبر خدمة العملاء.
وتقول: "كدت أفقد صوابي عندما كنت أحاول توصيل جهاز إنترنت لمنزلي الجديد في وقت سابق من هذا العام".
وتابعت بقولها: "في كل مرة كنا نحجز فيها موعدًا للتركيب، كنا نتلقى رسالة نصية آلية تؤجل موعدنا، تكررت العملية على مدى أسابيع في حلقة مفرغة محبطة، وكان الرد الذي نحصل عليه عبر أحد مستشاري مركز الاتصال، وكان رده مُعد مسبقًا، "لا أرى هذا في سجلاتنا".
واختتمت بقولها "كل ما كنت أتمناه هو رد فعل بشري يُقر بإحباطي، بدلًا من ذلك، طُلب مني ملء استبيان رضا".
وغالبًا ما تكون خدمة العملاء سيئة للغاية لدرجة يصعب معها عدم الاعتقاد بأن أدوات الذكاء الاصطناعي ستحسنها - من استجابات أسرع وملاحظات مُخصصة إلى تحليلات تنبؤية وتوجيه ذكي، ولم يعد المتخصصون متأكدون من مدى فعاليتها.
ويسيطر الذكاء الاصطناعي على هذا المجال جزئيًا لأن العديد من هذه العمليات قد جردت من التدخل البشري، حيث يعالج مشكلة ساهمت التكنولوجيا نفسها في خلقها.
وتقول بليندا بارمار، الرئيسة التنفيذية لشركة الاستشارات المؤسسية "ذا إمباثي بيزنس" لصحيفة فايننشال تايمز، إن الذكاء الاصطناعي يُسهم في إصلاح "نظام معطل" في خدمة العملاء، ناجم عن خفض التكاليف والأتمتة والهوس بالكفاءة.

وتضيف: "أُنشئت مراكز الاتصال لإدارة العمليات، لا الأفراد".
وترى الشركات أنها بإضافتها للأتمتة، قللت من معدلات التخلي عن الخدمة وقللت من متوسط أوقات معالجة الأزمات للعملاء، وترى هذه الشركات أن الموظف الذي يجري مكالمته الستين يوميًا، والذي يعاقب على الخروج عن النص المُحدد، لا يُجيد التعبير عن الود.
ويقول بعض الخبراء إن الذكاء الاصطناعي يمكنه بالفعل المساعدة في هذه المشكلة وتعزيز رضا العملاء وولائهم، بما في ذلك في التفاعلات مع برامج الدردشة الآلية أو رسائل البريد الإلكتروني.
ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي بالفعل للتعرف على الإشارات العاطفية، وتحليل النصوص أو نبرة الصوت لاستشعار الغضب أو الحزن.
وإذا اكتشف الذكاء الاصطناعي وجود ضائقة، يمكنه إبلاغ المشرف أو تنبيه المستشار قبل تفاقم الوضع. يمكن للنصوص التكيف فورا.
وتجادل شركات التكنولوجيا بأن أدوات الذكاء الاصطناعي، أو الوكلاء، يجب أن تعالج المهام المرهقة والمتكررة، مما يتيح للعمال البشريين القيام بالعمل الأكثر أهمية، والفكرة هي تعزيز كفاءة خدمة العملاء مع الحفاظ على العنصر البشري الأساسي.
وتسعى بعض الشركات إلى تحقيق هذا التوازن، فعلى سبيل المثال، تستخدم شركة Octopus Energy في المملكة المتحدة الذكاء الاصطناعي التوليدي لنسخ المكالمات، وتلخيص المحادثات، وصياغة ردود البريد الإلكتروني التلقائية، مما يتيح للموظفين التركيز على حالات العملاء المعقدة.
ويوفر مطعم Taco Bell التابع لشركة Yum Brand نظام ذكاء اصطناعي للتعامل مع طلبات السيارات، مما يتيح للموظفين التركيز على تفاعلات أكثر دقة.
ولكن في العام الماضي، صرح ك. كريثيفاسان، الرئيس التنفيذي لشركة Tata Consultancy Services، أكبر شركة تكنولوجيا معلومات في الهند، لصحيفة Financial Times بأن التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بين الشركات الكبيرة قد يعيق استخدام معظم مراكز الاتصال إذا تمكنت الشركات من التنبؤ بالمكالمات قبل حدوثها وحل المشكلات بشكل استباقي.
وسيسعد هذا النهج الكثيرين، حيث ينظر إلى خدمة العملاء الجيدة بشكل متزايد على أنها خدمة سلسة.
وحتى مع تراجع التفاعل البشري في بعض المجالات، لا يزال التواصل مهمًا، ليس فقط لمن يستطيعون دفع مبالغ إضافية مقابل الاهتمام الشخصي، كما هو الحال في تجارة التجزئة الفاخرة.
aXA6IDE4LjExNi40Ny4zMyA= جزيرة ام اند امز