أول «إير فورس وان».. طائرة الرؤساء الأربعة و«إدارة الأزمات»

لطالما كانت طائرة "إير فورس وان" رمزًا للقوة والهيبة الرئاسية في الولايات المتحدة، فهي ليست مجرد وسيلة نقل، بل مكتب رئاسي طائر.
من بين الطائرات التي حملت هذا الاسم الشهير، تبرز الطائرة "SAM 970" بوصفها أول طائرة نفاثة استخدمها رئيس أمريكي للسفر، حيث خدمت أربعة رؤساء خلال فترة عملها الطويلة، بحسب تقرير لموقع "بيزنس إنسايدر".
ووفق التقرير، فإن الولايات المتحدة شهدت في عام 1959، نقلة نوعية في مجال النقل الرئاسي عندما استقل الرئيس دوايت أيزنهاور الطائرة النفاثة SAM 970، التي عُرفت لاحقًا باسم "إير فورس وان".
وأصبح بذلك أول رئيس أمريكي يسافر بطائرة نفاثة بعد عقود من الاعتماد على الطائرات ذات المحركات المروحية مثل "سي-121 سي سوبر كونستلاشن".
وجرى تطوير الطائرة من طراز "بوينغ 707-153" خصيصًا لتلبية احتياجات الرئيس وطاقمه، حيث ضمت تعديلات فريدة شملت جناحًا رئاسيًا مزودًا بغرفة نوم وحمام فاخر، وغرفة مؤتمرات مجهزة بأحدث أجهزة الاتصال، ومقاعد مريحة للصحفيين، بالإضافة إلى خزنة سرية لحفظ أكواد الأسلحة النووية.
من أيزنهاور إلى نيكسون
على مدار ثلاثة عقود، حملت الطائرة "SAM 970"، أربعة رؤساء أمريكيين، بدءًا من دوايت أيزنهاور، مرورًا بجون كينيدي الذي أضاف لمسات جمالية لها عبر زوجته جاكي كينيدي، وليندون جونسون الذي ارتبطت فترة رئاسته بحكايات طريفة عن تعديلات خاصة لراحته، وصولًا إلى ريتشارد نيكسون الذي استخدمها خلال زيارته الشهيرة للصين عام 1972.
وعلى الرغم من استبدالها عام 1962 بطائرة "VC-137C" أكثر تطورًا، واصلت "SAM 970" لعب أدوار ثانوية كنقل نواب الرؤساء والوفود الرسمية حتى تقاعدها النهائي عام 1996، لتصبح بذلك شاهدًا على أحداث سياسية وعسكرية فارقة، من إدارة أزمات الحرب الباردة إلى مفاوضات السلام الدولية.
التصميم الداخلي
تميزت الطائرة بتصميم داخلي فريد يجمع بين الرفاهية والأمان. ففي قمرة القيادة، كان يجلس الطيار ومساعده ومهندس الطيران أمام لوحات تحكم تعكس تكنولوجيا الستينيات، مع سرعة قصوى بلغت 590 ميلًا في الساعة، أقل من سرعة الطائرة الرئاسية الحالية التي تبلغ سرعتها 630 ميلًا/ساعة.
أما أنظمة الاتصالات فكانت ثورية في عصرها، مكَّنت الرئيس من التواصل المباشر مع غرفة العمليات بالبيت الأبيض والمركز العسكري للقيادة الوطنية، حتى في حالات الطوارئ النووية.
وفي الجزء الخلفي من الطائرة، وُضعت خزنة فولاذية تحتوي على "الحقيبة النووية" الشهيرة (كرة القدم النووية)، التي حملت رموز إطلاق الضربات النووية وأكواد الاتصال السرية مع القيادة العسكرية، لتصبح جزءًا لا يتجزأ من تراث الرئاسة الأمريكية منذ أيزنهاور.
الجناح الرئاسي: قصص الفخامة والطرائف
صُمم الجناح الرئاسي ليحاكي رفاهية البيت الأبيض، حيث ضم حمامًا فاخرًا بمساحة تفوق حمامات الطاقم بثلاث مرات، وغرفة اجتماعات أُطلق عليها "المكتب البيضاوي الطائر" لدورها المحوري في إدارة الأزمات الدولية.
لكن التصميم لم يخلُ من الطرائف، مثل الباب الصغير المُضاف لكلاب الرئيس جونسون التي كانت تعوي إذا تُركت خارج الغرفة.
كما لجأ الطاقم إلى حيلة ذكية لتهدئة جونسون، الذي كان يشكو دائمًا من ارتفاع درجة حرارة المقصورة، عبر تركيب لوحة تحكم وهمية لدرجة الحرارة تُظهر له إمكانية ضبط درجة الحرارة، في حين كان القبطان يتحكم بالحرارة فعليًا دون علم الرئيس!
تفاصيل الحياة اليومية على متن الطائرة
شملت الخدمات اللوجستية على متن الطائرة مطبخين متكاملين (أمامي وخلفي) مجهزين بأفران وثلاجات وموزعات للمشروبات، مع تحذير أمني صارم على هواتف الطاقم يُنبه بعدم مناقشة المعلومات السرية.
أما أماكن الجلوس فقُسمت وفق الرتبة: حيث جلس كبار الشخصيات في مقاعد فسيحة مع طاولات لعقد الاجتماعات، في حين حُجزت مقاعد شبيهة بدرجة الاقتصاد في المؤخرة للصحفيين، مع إتاحة تحديثات الرحلة عبر مكبرات صوت صغيرة.
لمسات فنية وحكايات إنسانية
تركت الشخصيات الرئاسية بصماتها على الطائرة، بدءًا من جاكي كينيدي التي اختارت تزيينها بألوان أنيقة تجمع بين الأزرق السماوي والأبيض واللمسات المعدنية، وصولًا إلى الرئيس دونالد ترامب الذي اقترح عام 2018 تغيير ألوان الطائرة الرئاسية الجديدة إلى مزيج من الأحمر والأبيض والأزرق الداكن.
لكن الفكرة واجهت رفض القوات الجوية بسبب التكلفة العالية ومخاطر تأثير الألوان الداكنة على أنظمة التبريد، مما أدى إلى تأجيل تسليم الطائرة المُحدثة حتى عام 2027.
aXA6IDE4LjIyMS43OS4xNTcg جزيرة ام اند امز