طائرة الشبح الجديدة.. أم سراب تقني؟ علامات استفهام تلاحق «إف-47»

تواجه طائرة «إف-47» الجديدة التابعة للقوات الجوية الأمريكية سلسلة من الانتقادات والتحديات التي تضع مستقبلها في دائرة التساؤلات
الانتقادات جاءت عقب تاريخ سابق من البرامج الدفاعية التي شهدت تجاوزات هائلة في التكلفة وتأخيرات متكررة في الإنجاز.
ففي حفل الإعلان عن العقد الذي بلغ قيمته 20 مليار دولار، جاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليعلن عن "رقم جميل" دون تقديم تفاصيل واضحة حول السعر أو الجدول الزمني للتنفيذ، مما أثار تساؤلات حول جدوى البرنامج ومدى إمكانية تحقيق الأهداف التقنية المُعلنة.
ورغم التأكيد على مزايا الطائرة مثل التمويه المتقدم والتكامل مع الدرونز التعاونية، إلا أن التجارب السابقة مثل برنامج إف-35 تظهر أن الطموحات الكبيرة غالباً ما تتحول إلى مشاريع تعاني من زيادات غير متوقعة في التكاليف ومشاكل تقنية متكررة.
ويشير موقع ريسبونسبول ستيت كرافت إلى أن تاريخ مشروع المقاتلة إف-47 يسلط الضوء على حملة لوبية ضخمة مكنت شركة بوينغ – المُثَقلَة بسمعة كارثية من برامج مثل ناقلة الوقود KC-46، ومركبة الفضاء ستارلينر، والطائرة 737 MAX، ناهيك عن طائرة التدريب T-7..
جاء الإعلان عن العقد في مارس/آذار الماضي خلال حفل بالمكتب البيضاوي، وسط اتهامات جنائية تنتظر بوينغ في يونيو/حزيران المقبل، وتراجع ثقة القوات الجوية في برامج المقاتلات المأهولة.
ورغم ذلك، نجحت الشركة في تأمين الدعم المالي عبر شبكة مصالح سياسية معقدة، تعيد إنتاج سيناريو برنامج إف-35 الذي تجاوزت تكلفته 2 تريليون دولار بعد ربع قرن من التأخيرات والعيوب الفنية.
من إف-35 إلى إف-47 حلقة مفرغة من التكاليف والإخفاقات
تشير التوقعات إلى أن مسار إف-47 سيكون نسخة مكررة من سابقتها المتمثل في زيادة هائلة في التكاليف، وتأخيرات زمنية، وإلغاء جزئي للإنتاج.
وكما حدث مع إف-35 – التي وُعدت بدخول الخدمة عام 2008 ولا تزال تعاني مشكلات تقنية – فإن عقد إف-47 صُمم بذكاء لضمان استمراريته.
تضمنت شروط العقد "إنتاجًا أوليًا منخفض الحجم"، وهي آلية تسمح بنشر العقود الفرعية عبر الولايات، مما يخلق لوبيًا قويًا يعيق أي محاولة مستقبلية لإلغاء البرنامج. وقد نجح هذا النموذج سابقًا مع إف-35، حيث أُنتجت 1000 طائرة قبل الحصول على موافقة الإنتاج الكامل، بينما تستثمر بوينغ 2 مليار دولار لتوسيع مرافقها في سانت لويس، رغم إنهاء إنتاج طائرة F-15EX في المصنع نفسه.
وهم التخفي الراداري: من حرب الخليج إلى التهديدات الحديثة
ركز ترامب على ميزة التخفي الراداري للطائرة إف-47، مدعيًا أن الأعداء "لن يرونها قادمة"، متجاهلًا تاريخًا من الادعاءات المبالغ فيها.
ففي حرب الخليج 1991، أُشيد بفعالية طائرة F-117 ، لكن تقارير لاحقة كشفت اعتمادها على حماية طائرات الحرب الإلكترونية، وفشلها في تدمير دفاعات العراق. بل إن الصرب أسقطوا إحداها في 1999 بتكتيكات بسيطة.
اليوم، تدعي روسيا والصين امتلاك تقنيات لاكتشاف الطائرات المخفية، بل وحتى استخدام أقمار ستارلينك لاكتشافها، مما يطرح تساؤلات عن جدوى أولوية التخفي في تصميم إف-47، خاصة مع تضخم هيكلها بسبب ضرورة حمل الأسلحة داخليًا، ما يقلل من كفاءتها الهوائية.
طائرات بدون طيار: وعد تقني أم فخ استراتيجي؟
تم الترويج لـإف-47 كمقاتلة "ترافقها أسطول من الطائرات المسيرة"، التي تخطط القوات الجوية لشراء 1000 منها بتكلفة 30 مليون دولار للواحدة. لكن المنافسة بين شركتي "جنرال أتوميكس" و"أندوريل" – المتهمتين بالمبالغة في إمكانياتهما – تثير شكوكًا حول الجدوى القتالية لهذه الطائرات. فبرامج البرمجيات المعقدة المطلوبة لتنسيق العمليات بين الطائرة المأهولة والمسيرات لا تزال عقبة، كما في فشل تحديث برمجيات إف-35 مؤخرًا.
بالإضافة إلى ذلك، ينتقد مراقبون عدم تشكك مسؤولي البنتاغون في وعود المقاولين، مما يعيد إحياء مخاوف من إهدار مليارات الدولارات على تكنولوجيا غير ناضجة.