كتاب يرصد مُذكرات الحجيج الناطقة على جدران البيوت
رحلة خاضت غمارها كل من المُصورة الأمريكية آن باركر، والكاتبة آفون نيل، بعد أن أسرتهما مظاهر الاحتفالات الشعبية بأداء مناسك الحج في مصر.
رحلة بمصاحبة الكاميرا استغرقت 10 سنوات كاملة، خاضت غمارها كل من المُصورة الأمريكية آن باركر، والكاتبة آفون نيل، بعد أن أسرتهما مظاهر الاحتفالات الشعبية بأداء مناسك الحج في مصر على جدران البيوت.
قررت باركر نقل تلك الاحتفالات بصريا، من خلال التقاطها لصور عدد كبير من جدران المنازل والبيوت في الريف والصعيد المصري تحديدا، الذين سجلوا احتفالات ذويهم بتأدية المسنك الديني الأعظم وهو أداء فريضة الحج.
لفت نظر صانعتي الكتاب حالة الشغف بتأريخ تلك الرحلة، بداية من الاستعداد لها، وحتى العودة منها، لتكون بمثابة مذكرات مُدونة على الجدران، فجمعتا تلك التجارب المصورة مدعومة بنصوص شارحة لطبيعة احتفالات المصريين منذ القدم بأداء الركن الخامس، وذلك في كتاب "Hajj Paintings رسوم الحج"، الصادر عن قسم النشر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.
تقدم نيل الكتاب بسطور عن دأب الحجاج المصريين على مدار التاريخ بالاستعانة بفنانين محليين لرسم رموز تعبر عن مناسك الحج على جدران بيوتهم، مثل الكعبة والجمال التي كانت وسيلة نقل الحجيج لمكة المكرمة قديما والسفن، وصولا إلى الطائرات، وكتابة اسم صاحب البيت على الجدار مصحوبا بكلمة "الحاج"، وعبارات مثل "لبيك اللهم لبيك" و"حج مبرور وذنب مغفور"، واعتبرت الفنانين أن تلك الفنون واحدة من الفنون المحلية الغارقة في مشاعر الفرحة بإتمام الركن الخامس للدين الإسلامي.
قضت كل من آن باركر وأفون نييل نحو 10 سنوات كاملة للتقصي عن تلك الرسوم على الجدران بين قرى محافظات دلتا النيل والبحر الأحمر وصولا إلى سيناء، والتقطوا أبرز جدران البيوت المُزينة بجداريات رائعة تضيئها الشمس، وتصوَّر أيقونات لمناسك الحجاج وآيات من القرآن الكريم، وجمعوا في الكتاب صورا ملونة يبلغ عددها 150 صورة تقريبا، ومعها أوصاف مصاحبة لها عن هذا الفن العفوي وصانعيه في القرى.
يبرز كتاب "رسوم الحج" البيوت من الخارج، والجدران الداخلية للبيوت كذلك، وتحدثوا إلى أصحاب تلك البيوت عن ذكرياتهم مع الحج، ورصد الكتاب التحوّل الذي صاحب رسوم الحج، منذ أن كان نشاطا يقوم به أصحاب البيت أنفسهم أو من يقومون بواجب التهنئة للحاج، ثم تطور الأمر ليصبح أكثر إتقانًا وحرفيةً وصار حرفة يقوم بها الخطاطون والنقاشون، فيرسمون قصة الحج على جميع جدران البيت، من بداية تمني الحاج للأداء فريضة الحج، وارتداء ملابس الإحرام، وتحضير الحقائب للسفر، ووصولا للأماكن المقدسة.
ويعرج الكتاب إلى ولع المصريين بتدوين احتفالاتهم على الجدران منذ القدم، مشيرا إلى أن التاريخ يرجعه إلى العصور العثمانية ومن قبلها لدى جدران معابد وبيوت الفراعنة، ليس فقط الملوك وإنما البسطاء في مصر القديمة، كما يرصد الكتاب تطور رسوم الحج من الهواية إلى أن محترفين لاسيما في صعيد مصر.