قناة الجزيرة القطرية كانت منذ أن أنشئت وحتى عام 2011 هي المتسيدة لساحة الأخبار العربية إعلاميا تقريبا،
قناة الجزيرة القطرية كانت منذ أن أُنشئت وحتى عام 2011 هي المتسيدة لساحة الأخبار العربية إعلاميا تقريبا، ومن خلالها استطاع (تنظيم الحمدين) الشرير، إشعال الحرائق، والفتن، والاضطرابات في كثير من الدول العربية، والذي كان يُعرف بالربيع العربي؛ هذه حقيقة تاريخية لا يمكن لأحد أن يزايد عليها.
الآن دخلت إلى الساحة العربية قنوات إخبارية أخرى، ولم تعد هذه القناة الشريرة تحتكر التأثير في الرأي العام العربي، أو التحريض على الحكومات العربية حسب أجندة الحمدين، فقد دخل منافسون وبقوة إلى الساحة، مثل قناة العربية، وسكاي نيوز عربية، وكذلك قنوات أجنبية ناطقة بالعربية، مثل (البي بي سي)، و (فرانس 24)، وكذلك (الدي دبليو) الألمانية وغيرها، ما جعل هذه القناة تفقد تفردها واحتكارها وتميزها.
وحينما جاءت مقاطعة الدول الأربع لقطر، والذي كان على ما يبدو مفاجئا لتنظيم الحمدين، جُن جنون العاملين في تلك القناة، وجعلهم يفقدون كثيرا من توازنهم، وكذلك مهنيتهم، ورغم مرور الآن قرابة سبعة أشهر على المقاطعة، إلا أنها لم تزل تتخبط، وأصبحت (أزمة قطر) هي شغلها الشاغل، والمحور الذي تدور حوله كل نشراتها الإخبارية، وبرامجها الحوارية، وتعليقات من يستضيفون، فسقطت مهنيا سقوطا مريعا.
ومعروف في عالم الإعلام والنشر أن الوسيلة الإعلامية، إذا فقدت صدقيتها وبالتالي متابعيها، وسقطت، فإن استعادت مكانتها في غاية الصعوبة، إذا لم تكن شبه مستحيلة، بالشكل الذي يجعل إنشاء وسيلة جديدة أسهل وبكثير من استعادة المتابعين؛ لذلك فأنا أعتقد أن قناة الجزيرة لا يمكن أن تستعيد مجدها السابق للمبررات التي ذُكرت.
جُن جنون العاملين في تلك القناة، وجعلهم يفقدون كثيرا من توازنهم، وكذلك مهنيتهم، ورغم مرور الآن قرابة السبعة أشهر على المقاطعة، إلا أنها لم تزل تتخبط، وأصبحت (أزمة قطر) هي شغلها الشاغل.
النقطة الثانية، التي يجب أن نصرف إليها جهودنا الإعلامية، مواجهة إيران الملالي عدونا الأول. وفي تقديري أن مواجهة إيران إعلاميا، وعلى وجه السرعة، من ألح الضرورات في الوقت الحاضر، وهي بيئة خصبة لاستقطاب المتلقي الإيراني بسهولة. فالقنوات الإيرانية الناطقة بالفارسية ضعيفة، وذات خطاب دعائي فج ومباشر ، ما يجعل المهمة أسهل في صناعة رأيٍ عام إيراني مُناوئ لنظام الولي الفقيه.
كما أن إيران تتكون - كما هو معروف - من قوميات وطوائف ومذاهب وإثنيات متعددة، وهي كما أكد لي كثيرون، وأثبتته الاحتجاجات الشعبية الأخيرة، تُعاني من مشاكل اقتصادية، وثقافية وعنصرية، وتوجهات سياسية تتطاحن تحت الأرض، تحتاج فقط إلى من يتبنى تلك الأصوات المعارضة في الداخل والخارج، وإسماعها للشعوب الإيرانية في الداخل، ما يجعل (العقد الاجتماعي) بين الحاكم والمحكومين يضعف ويتضعضع، وهذا هو المطلوب، فلماذا لا نعمل إعلاميا، وبقوة، على إنشاء عدة قنوات ناطقة بالفارسية، كل قناة تخاطب قومية معينة، وتبث على مدار الساعة، ويتولاها إيرانيون محترفون، يعرفون معرفة تامة، من أين تؤكل الكتف الإيرانية.
لو استطعنا فعلا، وبمثابرة لا تعرف التواني، أو الكسل، وأنشأنا تلك القنوات الإعلامية، وبشكل مكثف، وأتحنا تلك الوسائل الإعلامية للمعارضين الإيرانيين لنظام ولاية الفقيه، فإن مثل هذه الجهود ستمكننا من رد الصاع صاعين.
نقلا عن "الجزيرة السعودية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة