بيئة قناة الجزيرة نفسها لم تسلم من الفضائح التي كانت تعايب أشقاءها بها
لعل أفدح ما قدمه «القطرجية» للرأي العام العربي هو ذلك التقديس الملتبس لقناة الجزيرة، لقد حولوها من وسيلة إعلامية لها وعليها إلى صنم لا يمس، وكلما تحدث أحد ما عن مهنيتها المتهاوية وأجندتها المتوارية خلف كل خبر أو تقرير، هاجموه باعتباره إما متصهينا يدافع عن قناة العربية، أو (وطنجيا) يدافع عن وطنه.
لكن هل الجزيرة بالفعل صنم «طاهر»، أم هي صنم «عاهر»؟
في العام 1999 بثت قناة الجزيرة من الدوحة عاصمة الدولة العضو في مجلس التعاون الخليجي خبرا في نشراتها الرئيسية عن هروب أميرة بحرينية لم تتجاوز الـ17 من عمرها إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
كانت المرة الأولى التي تخرق وسيلة إعلانية خليجية الأعراف والقيم الاجتماعية العريقة بين دول الخليج، تلك التي تفرض احتراما خاصا للنساء والعائلات وكبار السن، ولا تجعلهم عرضة للمكايدات والخلافات السياسية، كانت الجزيرة أول من تجرأ على أعراض العائلات الخليجية الكريمة، اليوم تدفع الدوحة ثمن ما سقته للخليجيين من سم طوال 20 عاما.
لم تكتف الجزيرة بذلك؛ بل تابعت وبشكل يومي «الفتاة» المراهقة، حتى مقر إقامتها وزواجها من جندي أمريكي، الذي استمرت معه حتى العام 2004، بحصولها على الطلاق وعودتها لبلادها.
لقد كانت حادثة عادية لفتاة طائشة، حولتها قناة الجزيرة إلى وسيلة وضيعة، لحرب البحرين، والنبش في أعراض الخليجيين.
استمرت «الجزيرة» في تعديها على الأسر الحاكمة في الخليج دون مراعاة لحرمة ميت أو مكانة اعتبارية، كما أن حكام الدوحة لم يلتفتوا للغضب والعتب الصامت الذي أعقب ذلك الخروج عن خط القيم العربية وشيم الكبار.
لطالما تعرضت الجزيرة للسياحة في بعض المدن العربية، وما تقدمه تلك المدن، لكن الجزيرة وإعلامها الموازي لا تذكر أن الدوحة تزخر بفنادق تقدم الخمور وخدمات أخرى مشابهة لمن يريد، إنها جزء من حكاية الجزيرة مع الجنس الانتقائي
العام 2002 وضمن سياستها المستمرة في توظيف السياسة في الاعتداء على الأعراض والقيم، بثت الجزيرة تقريرا مسيئا عن مؤسس المملكة العربية السعودية المغفور له الملك عبدالعزيز.
في هذا التقرير تعمد أمير قطر حينها حمد بن خليفة ووزير خارجيته وذراعه اليمنى حمد بن جاسم أن تمر الإساءة دون مراعاة لمكانة ولا لسابق فضل للملك عبدالعزيز، الذي ابتعث العلماء للدوحة لنشر العلم والدين، وتنازل عن ممر مائي وأراض لصالح قطر محبة وأخوة وحقوق جيرة عرفها عبدالعزيز ولم يعرفها الحمدان.
بعدها بعام بثت الجزيرة برنامجا وثائقيا تحت عنوان «سوداء اليمامة»، كان ينضح بالأحقاد والأخطاء والتزوير والمعلومات المخادعة، بالطبع كان هدف قناة الجزيرة ومن وراءها الإساءة المتعمدة للمرحوم الأمير سلطان بن عبدالعزيز.
بقيت الجزيرة تمارس مهنية مزورة تقدم الإبهار الخبري والصوتي، ولكنها تمرر ما تريد من أكاذيب، وموظفة كل ذلك لصالح أجندتها وتحالفاتها مع القوى الرجعية والإرهابية في المنطقة.
إلا أن بيئة قناة الجزيرة نفسها لم تسلم من الفضائح التي كانت تعايب أشقاءها بها، ففي العام 2010 استقالت بشكل مفاجئ خمس من مذيعات القناة، هن اللبنانيات جمانة نمور ولينا زهر الدين وجلنار موسى والتونسية نوفر عفلي والسورية لونا الشبل.
لم تكشف الجزيرة ولا المذيعات عن السبب الحقيقي، بعد أن حصلن على تعويضات مالية كبيرة للتغطية على ما حدث.
أكدت مصادر في حينها تعرض المذيعات لضغوطات كبيرة وتحرشات جنسية من إدارة القناة، ودفعهن للتعاطي مع متنفذين في الدوحة.
المذيعات الخمس كن من اللاتي رفضن وبإصرار تلك الضغوطات غير الأخلاقية والتحرشات الجنسية غير المقبولة، ولحماية أنفسهن صعّدن ضد القناة ونشرن الخلاف وخبر استقالاتهن على موقع البي بي سي، سارعت الجزيرة لإغلاق الملف وعمل تسوية مالية كبيرة مقابل خروجهن وعدم الخوض فيه مرة أخرى.
خديجة بن قنة كبيرة مذيعات الجزيرة حالياً لم تكن ممن قدمن استقالاتهن، فقد تماهت مبكراً مع سياسات القناة حتى إنها لبست الحجاب أمام الشاشة وخلعته خلفها، لتحقيق سياسات ورغبات الإدارة العليا للقناة.
بالطبع طوال سنوات القناة التي تزيد على 20 عاما مررت الجزيرة الكثير من المكائد والأيديولوجيات والرسائل، التي حرضت أو هدمت أو خدعت المتلقين، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأخلاقيا، مكونة «غيبوبة» سياسية و«استعبادا» وجدانيا انعكس على الشارع العربي وتحديدا خلال ذروة ما سمي بالخريف العربي.
ولعلنا نذكر بآخر تقرير بثته القناة عبر موقعها الإلكتروني قبل أيام، تحت عنوان «كلام الليل أكره زوجي وأحب غيره»، ناشرة العهر في العالم العربي، وداعية متابعيها للحديث بتوسع عن قصص خياناتهم الزوجية.
بالطبع الهدف تطبيع الخيانة واعتبارها أمرا عاديا، كما فعلت عندما طبعت العلاقة مع شيمون بيريز في داخل القناة ونتنياهو وعشرات من قادة وضباط إسرائيل عبر شاشتها.
الجزيرة تعرضت لكثير من القصص الخاصة للزعماء والقادة والعرب وزوجاتهم وبناتهم وأولادهم، لكنها تتغاضى تماما عن قصص شبيهة وربما أكثر فظاعة تمارس في الدوحة، على سبيل المثال ما أثارته قبل أيام عن حمل حرم الرئيس المصري حقيبة نسائية يقدر سعرها بألف دولار فقط، في الوقت الذي اشترى أمير قطر يختا وصل سعره لأكثر من نصف مليار دولار.
هذا ليس كل شيء فلطالما تعرضت الجزيرة للسياحة في بعض المدن العربية، وما تقدمه تلك المدن، لكن الجزيرة وإعلامها الموازي لا تذكر أن الدوحة تزخر بفنادق تقدم الخمور وخدمات أخرى مشابهة لمن يريد، إنها جزء من حكاية الجزيرة مع الجنس الانتقائي الذي تقص عنه في كل مكان، وتتغاضى عن ما يجاورها ويلامس مبناها في الدوحة.
نقلا عن "عكاظ"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة