حين تجتمع المصالح وتتفق الرؤى وتلتقي الطموحات، ينطلق القادة الحقيقيون لبناء المكانة المستحقة والأمل المنشود في الحاضر والمستقبل.
كنتيجة طبيعية لعقود من العلاقات المميزة ولسنوات من التحالف الوثيق، شهدت مدينة جدة قبل يومين الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي بين ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، وولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان.
بأكثر من عشرين اتفاقية وأكثر من أربعة وأربعين مشروعاً، ومشاركة ستة عشر وزيراً من كلا البلدين، انطلق هذا المجلس في لحظة تاريخية توّجت الجهود السابقة لها بهدف تعزيز العلاقات والانطلاق بها لآفاق مضيئة في المستقبل وضمان حياة أفضل للأجيال القادمة، وبناء نموذج للتحالفات المظفرة يمكن أن يكون أساساً تقتدي به الدول العربية لخدمة مصالحها ومصالح شعوبها.
قاد هذا التحالف واحدة من أهم السياسات التي تواجه الإرهاب من جذوره وتقضي على التطرف في مهده من خلال تصنيف جماعة «الإخوان» جماعة إرهابية، ومن لا يعرف التاريخ ومنطقه وتاريخ هذه الجماعة تحديداً، لا يمكنه أن يقدّر قوّة هذا القرار التاريخي
حين تجتمع المصالح وتتفق الرؤى وتلتقي الطموحات، ينطلق القادة الحقيقيون لبناء المكانة المستحقة والأمل المنشود في الحاضر والمستقبل، ويكون التعاون طريقاً لاحباً، والتكامل درباً رحباً، تتجلى الآثار وتنتعش الأجيال، لأن القادة الحقيقيين هم الذين يرسخون أمن وسيادة وهيبة بلدانهم، ويدفعون عنها الشرور والأعداء، ويبنون لها مستقبلاً يوفر كل فرص النجاح والتميز، فهم يعتنون بالإنسان باني الحضارة وصانع الأحلام، ويستثمرون في الشباب الذين هم طموح الأمم ومضنة التغيير ومنبع التطوير.
اليوم، الآثار الواقعية التي يدفع باتجاهها المجلس هي تعزيز قوة هذا التحالف غير المسبوق عربياً وإقليمياً، على المستويات كافة، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً وغيرها، حيث تكون الاستثمارات البينية واعدةً، والتنمية الشاملة غاية ما تؤكد أن النتائج ستكون بالغة التأثير في الحاضر والمستقبل، وأن القوة الحالية لهذا التحالف المظفّر ستزيد أضعافاً مضاعفة، وستتجلى آثارها على المديين المتوسط والطويل بشكل سيغير كل معادلات القوة إقليمياً وكل توازناتها دولياً.
وبالأمس، ولمعرفة واستيعاب التغييرات القادمة يمكن استحضار شيء من التاريخ القريب لهذا التحالف المظفر، كادت مصر أن تذهب لأعدائها فساعدها هذا التحالف على العودة لنفسها ولشعبها يوليو 2013 وكادت البحرين أن تسقط فثبّتها هذا التحالف في مارس 2011، وعربدت قطر في المنطقة، وخدمت كل الأعداء فقاد هذا التحالف مقاطعتها في يونيو 2017، وسقط اليمن في شرك المشروع الإيراني المعادي، فكان الرد بالدخول في الحرب وقيادة التحالف العربي هناك في مارس 2015، وهذه سياسات معلنة صنعت الفارق الكبير في المنطقة والعالم.
هذه أحداث كبرى، وسياسات صلبة، غيرت الكثير، وضربت مشروع ولاية الفقيه في الصميم، مشروع إيران التخريبي في المنطقة القائم على رعاية الإرهاب ونشر الطائفية واستخدامها كسلاحٍ سياسي، القائم على نشر ما سماه كاتب هذه السطور «استقرار الفوضى»، بينما يدعم التحالف المظفر استقرار الدولة في كل الدول العربية وحول العالم.
قاد هذا التحالف واحدة من أهم السياسات التي تواجه الإرهاب من جذوره وتقضي على التطرف في مهده من خلال تصنيف جماعة «الإخوان» جماعة إرهابية، ومن لا يعرف التاريخ ومنطقه وتاريخ هذه الجماعة تحديداً، لا يمكنه أن يقدّر قوّة هذا القرار التاريخي ونشره السلام في ربوع العالم ومستقبل الأجيال وضرب المشاريع الأصولية في المنطقة، والتي تقودها إيران وتركيا.
القادة الكبار لا ينتظرون المفاجآت، بل يصنعون التاريخ، وقد قام هذا التحالف على كل المشتركات الكبرى بين البلدين والشعبين، من وحدة اللغة والثقافة والموروث، إلى أواصر القربى ووشائج الدم، وصولاً إلى عظم الطموح وتوثب القيادات الشابة بكل ما يلزم من وعيٍ وإدراك للتحديات ومواجهتها وللطموح وصناعته. وأخيراً، ولمعرفة أي تاريخٍ يصنع وأي مستقبل يبنى، قال الشيخ محمد بن زايد: «الإمارات والسعودية تجمعهما دائماً وأبداً، العلاقات التاريخية والشراكة الراسخة والمصير الواحد» هذا هو التاريخ والحاضر، وقال الأمير محمد بن سلمان: «طموحنا عنان السماء».
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة