الصادق المهدي: دعم السودان ينقذ العالم من الإرهاب.. وتركيا تعادي المنطقة
زعيم حزب الأمة السوداني: إذا فشلت التجربة الديمقراطية سيكون السودان مرتعا لحركات الغلو والتطرف التي تنشط الآن
حذّر زعيم حزب الأمة السوداني، الصادق المهدي، من خطورة ما اعتبره تراخيًا من المجتمع الدولي في تقديم الدعم المالي والسياسي اللازم لبلاده وانعكاسات ذلك على تنامي الحركات الإرهابية.
وقال المهدي، خلال مقابلة حصرية مع "العين الإخبارية"، إن الإخفاق الاقتصادي أحد مهددات الانتقال السياسي في بلاده، وإن لم يسارع العالم فسيدفع الثمن، مضيفا: "إذا فشلت التجربة الديمقراطية سيكون السودان مرتعا لحركات الغلو والتطرف التي تنشط الآن".
ورحب بالاتفاق الذي وقعته الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح بالأحرف الأولى، مشيدا بالدور الكبير الذي لعبته الإمارات في ملف السلام السوداني، قائلا "ظلت الإمارات منذ عهد المغفور له بإذن الله حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان تتخذ مواقف إيجابية بحق بلادنا".
ودعا زعيم حزب الأمة السوداني إلى تسليم الرئيس المعزول، عمر البشير، وبقية المطلوبين إلى محكمة الجنايات الدولية، معتبرا الخطوة إحدى وسائل التطبيع مع الأسرة الدولية.
وانتقد زعيم حزب الأمة إيواء تركيا لعناصر النظام البائد في السودان والحركات الإخوانية في كل العالم الإسلامي، معتبرا ذلك بمثابة دعم تركي لتوجهات ضد الأنظمة القائمة في المنطقة مما يستوجب مواجهته.
اتفاق جوبا
وحول السلام في بلاده، أشاد المهدي بدولة جنوب السودان لرعايتها للمفاوضات حتى توصلت لاتفاق جرى توقيعه بالأحرف الأولى، قائلا: "نحيي ونشيد بجوبا لقيامها بهذا الدور".
ورغم ترحيبه الكبير بالاتفاق المبرم، قال إن حزبه أبدى نحو 22 ملاحظة على الاتفاق الموقع، ليس من باب المعارضة ولكن بغرض التجويد لمصلحة السلام.
ورأى ضرورة ألا يسمى ما تحقق بالاتفاق النهائي، ويجب أن يترك مفتوحا إلى أن يلحق به الآخرون؛ لأن أي إغلاق سيجعل الأطراف الأخرى تصعد موقفها لأن هناك تنافسا كبيرا.
وأضاف: "نحن نرحب من حيث المبدأ بأي خطوة نحو السلام، وسنظل ندفع بالملاحظات من أجل تحسين وتجويد ما تم الاتفاق عليه؛ لأن هدفنا النهائي هو تحقيق السلام الشامل العادل في السودان".
وشدد المهدي على أن من بين ملاحظاتهم على الاتفاق المبرم في جوبا، في الجانب المتعلق بعلاقة الدين بالدولة، قائلا: "نحن نرى أن يتم التعامل على أن المواطنة أساس للحقوق والواجبات المتساوية، وأن كل الديانات تعمل بحرية، وكل من أراد إصدار تشريع يجب أن يتبع الوسائل الديمقراطية".
وتابع: "أيضا من ملاحظاتنا على الاتفاق أنه اعتمد اللهجات واللغات المحلية، وكان يجب النص على أن تكون العربية لغة رسمية للدولة والإنجليزية لغة دولية، مع الاعتراف بهذه اللهجات. بجانب أن الاتفاق نص على العودة لنظام الأقاليم بدلا عن الولايات، وهذه المسألة في تقديرنا يجب أن تكون عبر دستور وطني متفق عليه، ولا سبيل لاعتماد تجارب الدساتير في الأنظمة الدكتاتورية السابقة".
شكرا للإمارات
وامتدح المهدي دور الإمارات في اتفاق جوبا، قائلا: "نشكر دولة الإمارات بشدة؛ لأنها منذ عهد المغفور له بإذن الله، حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، ظلت تساند بمواقف إيجابية السودان، واستمرت على هذه المواقف حتى يومنا هذا".
وأضاف: "على المستوى الشخصي اتخذت الإمارات موقفا حميدا بحقي، عندما استقبلتني حينما منعت من دخول دول أخرى، ولحظة حيرتنا في الجهة التي نذهب إليها وكان الوقت الساعة الواحدة صباحا، جاءت الاستجابة من الإمارات، فاستضافتني دون أي شروط سياسية أو شخصية، فقط كان من منطلق أخوي".
وأشار إلى أن"الإمارات استمرت في مواقفها الحميدة بحق السودان بدعم حوار الأطراف السودانية في جوبا، التي أفضت لهذا الاتفاق، ونحن نقدر ونثمن هذا الدور".
أداء الحكومة
وعن تقييمه لأداء السلطة الانتقالية بعد مضي عام على تشكيلها، قال المهدي إن نظام الإخوان عمد قمع التظاهر لذلك كان التغيير بموجبها وانحياز قادة القوات الأمنية مفاجئا، لذلك حدث تكوين فيه نوع من الارتجال إذ لم يكن هناك تخطيط، ورغم ذلك تمكنا من توقيع الوثيقة الدستورية وقيام الفترة الانتقالية.
وأضاف: "نعترف أن التكوين الذي حدث فيه هشاشة انعكست على الأداء، ولكن أهم إنجاز تحقق هو طرد نظام الطاغية وبسط الحريات ورد الكرامة الإنسانية، إحساس القوى السياسية بأنها مصيرها صار بيدها".
وتابع: "هناك إخفاق في المسألة الاقتصادية، صحيح العالم، وأشقاؤنا العرب اتخذوا مواقف إيجابية بحق الثورة السودانية ولكن كان دون المستوى من المجتمع الدولي".
وأردف: "السودان بعد النظام القمعي وإخفاقات 30 عاما، بحاجة لدعم كبير دولي وعربي، ولكن تأخر الدعم ومحدوديته انعكس سلبا على أداء الحكومة، وأكبر جانب في هذا التخلف في تقديري هو أن أمريكا بدلا من أن تعتبر النظام الجديد بطبعه ضد الإرهاب وتحذف اسم البلاد من قائمتها السوداء، استمرت في وضع شروط ومطالب بدفع غرامات لضحايا التفجيرات الإرهابية".
وتابع: "أمريكا تطلب غرامات من السودانيين الذين كانوا ضحايا لنظام الطاغية، فبعد مضي عام على إسقاط النظام السابق وحبس العناصر التي كانت ترعى الإرهاب تماطل الولايات المتحدة عما كان منتظر أن تفعله منذ اليوم الأول لنجاح الثورة، برفع اسم السودان من القائمة السوداء".
الإخفاق الاقتصادي
ورأى المهدي أن الإخفاق في المسألة الاقتصادية كان بسبب المفاجأة في التغيير والتركة الثقيلة من الانهيار الاقتصادي الموروثة من النظام السابق، وتخلف الأسرة الدولية عن الدعم المطلوب، وعدم الوفاء ببرنامج إعفاء ديون السودان.
وقال: "إذا فشلت هذه التجربة الديمقراطية سيكون السودان مرتعا لحركات الغلو والتطرف المنتعشة الآن في مالي، النيجر، وأفغانستان، وهي متنوعة كداعش، والقاعدة، وبوكو حرام، والشباب الصومالي".
وأضاف: "السودان حتى بعد الانفصال يعتبر أفريقيا مصغرة وتسلل الحركات المتطرفة إليه يمنحها منبرا يمكن أن ينتشر للمنطقة بأثرها، ففي تقديري أن العالم يؤذي نفسه بعدم تقدم الدعم اللازم لوقف الإخفاقات الاقتصادية في السودان".
وحث المجتمع الدولي على المسارعة في وقف الإخفاق الاقتصادي، وتبني مشروع مارشال في السودان، وهو ذات البرنامج الذي اتبعته أمريكا لإنقاذ الدول الأوروبية من الانهيار عقب الحرب العالمية الثانية، للحيلولة دون تغلغل السوفيت بها.
ورأى أن ممارسات نظام الإخوان البائد كانت أحد أسباب التراجع الاقتصادي، قائلا "التغيير الذي حدث في السودان كان غير دموي لذلك ترك كثيرا من عناصر قوة الردة والإسلاموية يتحركون ولهم مصالح وهم ينشطون الآن ويستغلون إخفاقات الحكومة للعودة إلى السلطة".
تسليم البشير للجنائية
وحول موقفه الحالي من محاكمات الإخوان في الداخل والجنائية، قال زعيم حزب الأمة: "نحن نرى ضرورة تسليم رموز النظام البائد المطلوبين إلى المحكمة الجنائية؛ لأن ذلك إحدى وسائل التطبيع مع الأسرة الدولية، وهو أسهل وأفضل".
وأضاف: "لكن للأسف قوانين المحكمة الجنائية الدولية لا تشمل كل الجنايات وتنحصر في أربع جرائم، هي شن الحرب، جرائم ضد الإنسانية، جرائم حرب، إبادة جماعية، وهؤلاء ارتكبوا جرائم أخرى غير هذه، لذلك نرى أن تتم محاكمتهم داخليا بها ومن ثم تسليمهم للجنائية الدولية".
تركيا والإخوان
وحول الدور العدائي لتركيا، قال المهدي إن "أنقرة تأوي منسوبي النظام البائد في السودان وعناصر إخوانية من كل دول العالم الإسلامي، وهذا فيه دعم لتوجهات ضد الأنظمة القائمة في المنطقة لأن هذه الحركات لديها مواقف عدائية مع الدول التي تنتمي إليها، لذلك نحن في العالم العربي لدينا مشكلة حقيقية مع تركيا وإيران ولابد من أن يحدث تفاهم للتعايش لوقف دعم هذه الحركات".
وبشأن السلام بين السودان وإسرائيل، قال المهدي إن "موقفه الثابت حول هذه القضية، بأن الحكومة الحالية بصلاحيات انتقالية محددة ولا تستطيع التقرير بشأن قضايا مصيرية من صميم اختصاصات النظام المنتخب، وأي محاولة منها للسير في هذا الاتجاه تكون قد تعدت على صلاحيات السلطة المنتخبة".
الأوضاع في ليبيا واليمن
وعن الأوضاع في ليبيا، شدد المهدي على ضرورة جلوس الأطراف والوصول إلى حل سياسي ووقف التدخل الخارجي وإجلاء المرتزقة نهائيا؛ لأن إستمرار الوضع بطريقته الحالية سيقود إلى تدويل القضية الليبية وتفتيت البلاد.
وفي اليمن أيضا، أكد على ضرورة وقف الحرب هناك؛ لأن الحل ليس عسكريا وهذا سيقود إلى تقسيم اليمن، مقترحا عقد مؤتمر جامع تشارك فيه كل مكونات الشعب اليمني وجيرانها، ترعاه السعودية والإمارات، وإيران، للوصول إلى حل سياسي للقضية اليمنية.