بإعادة تدوير الأزمة.. قوى إيران بالعراق تستبق انتهاء مهلة الصدر
باقتراب نهاية مهلة منحها مقتدى الصدر لخصومه السياسيين تدفع قوى موالية لإيران برؤية في ظاهرها حلول وفي باطنها إعادة تدوير للأزمة.
ومطلع أبريل/نيسان الماضي، أمهل الصدر قوى "الإطار التنسيقي"؛ المظلة السياسية للقوى العراقية الموالية لطهران، 40 يوما للتباحث مع الأحزاب البرلمانية، باستثناء قائمته، لتشكيل الحكومة، للتفاوض لتشكيل الكتلة الأكثر عددا في البرلمان من أجل حل أزمة تشكيل الحكومة.
ومساء الثلاثاء، كشف "الإطار التنسيقي" عن ورقة سماها "المبادرة"، تضمنت مجموعة من البنود التي يرى من خلالها معالجات وحلولا لتقريب وجهات النظر مع الفرقاء، بما يحرك قافلة تشكيل الحكومة المعطلة جراء الخلافات الدائرة.
مراقبون ومختصون بالشأن السياسي يرون أن فقرات الورقة التي ضمت 9 نقاط وأخرى توصيات، تستبطن تكرارا للمواقف السابقة وإعادة تدوير الأزمة مجدداً.
وسبق أن منح الصدر خصومه في الإطار التنسيقي مهلة تنتهي مع انقضاء عيد الفطر، أعطى بموجبها الضوء الأخضر للتحرك مع بقية الأطراف السياسية، بينهم حلفاؤه، لتشكيل الحكومة عقب دخول المشهد في مرحلة الانسداد السياسي.
واشترط الصدر على قوى الإطار، خلال المهلة التي منحها، تشكيل حكومة أغلبية وطنية ضمن المشروع الذي يطرحه منذ شهور مع حلفائه في "إنقاذ وطن".
ويقوم الخلاف بين الفرقاء الشيعة حول مشروع الصدر بتشكيل حكومة أغلبية وطنية تضم كبار الفائزين، وبين مساع الإطار لفرض نسخة توافقية على غرار الحكومات السابقة التي شهدها العراق.
ويضغط الإطار التنسيقي لتقطيع أوصال التحالف الثلاثي "إنقاذ وطن"، في محاولة لتشظية أطرافه عبر الترهيب والترغيب بما يهيئ لاستقبال الصدر لهم وضمهم ضمن الكتلة الأكبر عدداً ذات التكليف الدستوري بتشكيل الحكومة المقبلة.
ويمتلك الصدر مع حلفائه من تحالف "السيادة" (أكبر القوتين السنيتين)، والحزب الديمقراطي الكردستاني، أكثر من 180 مقعداً برلمانياً بما يؤهله أن يكون الكتلة النيابية الأكبر عدداً.
وفرضت المحكمة الاتحادية، قبل أكثر من شهرين، ضمن تفصيلات جديدة لم تؤشر في الدستور العراقي سابقاً، بإلزام التصويت على مرشح رئيس الجمهورية من قبل ثلثي أعضاء البرلمان أي بواقع 220 نائباً، وهو ما دفع بعودة الإطار التنسيقي إلى المشهد مجدداً بما يعرف بـ"الثلث المعطل".
إعادة تدوير
رئيس مركز "تفكير"، السياسي، إحسان الشمري، يرى أن "ما تم الكشف عنه ليل أمس من قبل الإطار التنسيقي لا يمكن اعتباره مبادرة بقدر ما هي تثبيت لمواقف كانت قد أعلنت عنها عبر أطراف وقوى تابعة لها سابقاً، وبالتالي فهي عملية تدوير للأزمة السياسية".
ويقول الشمري لـ"العين الإخبارية"، إن "ورقة الإطار التي تضمنت 9 بنود، جاءت من أجل غايات ومآرب عدة، بينها محاولة لخلط الأوراق ومحاولة منها لإضعاف التحالف الثلاثي الذي يتقدمه الصدر".
ويستدرك بالقول: "حاول الإطار عبر ما طرحه كمبادرة أن يقدم نفسه أمام الشارع وجمهوره بأنه قادر على تقديم حلول وإخضاع الخصوم للتوقيتات والشروط التي يفرضها على خلاف الواقع والمعطيات الآنية".
ويلفت الشمري إلى أن "الورقة في جزء منها تحرك استباقي للإطار لتطويق ردة فعل الصدر ما بعد انتهاء المهلة"، متوقعاً أن "لا تحظى تلك المبادرة باهتمام سياسي أو شعبي لكونها حملت العقدة ذاتها إلى المنشار مجدداً".
إضاعة للوقت
ويقترب من ذلك الرأي ما ذهب إليه المحلل السياسي ماهر عبد جودة، حيث يعتبر أن "في مبادرة القوى الولائية الأخيرة وجميع ما قبلها إضاعة للوقت والقضاء على آخر فرص الحلول الممكنة التي تدفع مخاطر الأزمة السياسية عن مستقبل البلاد".
ويلفت جودة، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "الإطاريين مصرون على تقاسم السلطة في البلاد وتوزيعها بين الأحزاب من خلال تكرار التوافق والمحاصصة في التعامل مع مؤسسات الدولة".
ويعزز قوله: "لقد حاولت قوى الإطار بكل ما تمتلك من أدوات مشروعة وغير مشروعة بنزع الصدر من حلفائه من إنقاذ وطن والتي كان آخرها تسهيل عودة وزير المالية السابق رافع العيساوي وعلي حاتم السليمان، وحوادث القصف الصاروخي التي شهدتها أربيل عند مصفى كار النفطي".
فيما يرى عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفاء محمد، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن "أي مبادرة ممكن أن تنال القبول إذا ما أبقت على مشروع الأغلبية الوطنية الذي نسعى بتحالفنا مع الصدر للمضي نحوه".
يأتي ذلك في وقت كشف فيه نائب عن الكتلة الصدرية عن قرب إطلاق الصدر مبادرة لإنهاء الانسداد السياسي، عقب انتهاء مهلة الإطار التنسيقي.
النائب محمد الحلفي وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، قال إن "الصدر يتجهز لإطلاق ورقة تتضمن حلولاً ومعالجات من شأنها التقريب بين الفرقاء في المشهد السياسي بما يضمن استئناف إجراءات تشكيل الحكومة المقبلة".
وأشار الحلفي إلى أن "المبادرة ستوجه إلى حلفاء الصدر في إنقاذ وطن ومن ثم حملها إلى الإطار التنسيقي والقوى والشخصيات المستقلة بغرض مناقشتها والاتفاق على مضامينها".
وأجرى العراق انتخابات تشريعية مبكرة، في أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي، قبل نحو 6 أشهر من موعدها الدستوري، استجابة لمطالب احتجاجية غاضبة شهدتها البلاد في خريف 2019 دفعت حكومة عادل عبد المهدي لتقديم استقالتها.
وسجلت الأحزاب والقوى الولائية المقربة من إيران تراجعاً كبيراً في حجم الأرقام التي حصدتها في انتخابات أكتوبر، قابلها صعود كبير للتيار الصدري والقوى والشخصيات المستقلة التي ينحدر أغلبها من الشارع الاحتجاجي.