مصدر عراقي لـ«العين الإخبارية»: السوداني يتدخل لتهدئة «توترات السليمانية»

ليلة متوترة شهدتها مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق مع اندلاع مواجهات مسلحة انتهت باعتقال سياسي معارض.
وفجر الجمعة، أوقفت قوات الأمن في كردستان العراق السياسي المعارض لاهور شيخ جنكي، وهو ابن عم قياديي أسرة طالباني النافذين في الإقليم، بعد ساعات من اشتباكات مسلحة، على ما أفاد مسؤول أمني وكالة فرانس برس.
وكان جنكي في الماضي مسؤولا كبيرا في الاتحاد الوطني الكردستاني أحد الحزبين الكرديين التاريخيين بالإقليم والذي يهيمن على مدينة السليمانية، قبل أن تنشأ خلافات بينه وبين ابنَي عمّه بافل وقباد طالباني.
وقال المسؤول الأمني طالبا عدم الكشف عن هويته نظرا إلى حساسية الملف، فإن جنكي "سلّم نفسه" فيما "جُرح شقيقه بولاد في ساقه وتم اعتقاله"، في ثاني عملية توقيف لمسؤول معارض في السليمانية، ثاني كبرى مدن كردستان العراق، خلال أقلّ من أسبوعين.
السوداني على الخط
وكشف مصدر في رئاسة الوزراء العراقية، لـ"العين الإخبارية"، أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أوفد فريقاً من مستشاريه إلى السليمانية في محاولة لتهدئة التوترات المتصاعدة، بعد صدور مذكرات قبض بحق قادة سياسيين بارزين، بينهم لاهور شيخ جنكي، الرئيس العراقي السابق برهم صالح، ملا بختيار، وجعفر شيخ مصطفى.
وبحسب المصدر الذي فضل عدم نشر هويته، فإن "مستشاري السوداني وهم حامد الموسوي وعبد الأمير التعيبان وحسين علاوي غادروا بغداد صباح اليوم الجمعة باتجاه محافظة السليمانية معقل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه بافل طالباني حليف الإطار الشيعي الحاكم".
وأوضح المصدر أن "فريق السوداني يحمل مبادرة سياسية لتهدئة الأوضاع في محافظة السليمانية وبدء حوار بين الزعيمين بافل طالباني وشيخ جنكي".
تفاصيل التوتر
وفجر الجمعة، اقتحمت قوة أمنية فندق لاله زار بمحافظة السليمانية حيث يقيم شيخ جنكي، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات استمرت لأكثر من ساعتين مع فريق حمايته، تخللتها انفجارات وإطلاق نار كثيف.
وأعلنت مصادر طبية مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة أكثر من عشرين بجروح متفاوتة.
وفي خضم المواجهات، بث شيخ جنكي رسائل صوتية اتهم فيها بافل طالباني، رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، بالوقوف وراء أوامر الاعتقال، معتبراً ما يجري "ذريعة سياسية لتصفية خصومه"، ودعا أنصاره في المدن الكردية إلى "الانتفاض ضد الاستبداد"، على حد تعبيره.
وأضاف: "لن أكون أداة بيد الخونة والمستهترين بمصير شعب كردستان. أنا أحب شعبي وأبناء وطني وسأضحي من أجلهم بكل ما أملك، وقد أثبتت كرديتي في جميع المواقف"، مؤكداً "لن أقبل التعدي من أي شخص، وسأظل ثابتاً على موقفي دون تأثير من أي طرف".
واتهم شيخ جنكي بعض أعضاء ما وصفها بـ"الأحزاب الفاسدة" بمحاولة التدخل في عمل الحكومة بالمناطق الحدودية.
تطورات ومواقف
عقب الاعتقال، شهدت منطقة دباشان هجوماً بطائرة مسيرة استهدف مقر إقامة بافل طالباني، أسفر عن أضرار مادية وتصاعد أعمدة الدخان، فيما اتهمت أطراف مقربة من الاتحاد الوطني خصومهم بالوقوف وراء العملية.
كما اعتُقل ريبوار حامد حاجي غالي، قائد قوات شيخ جنكي، مع عدد من عناصره، بعد استخدام الدبابات في محاصرة مقر الأخير.
في ردود فعل متلاحقة، دعا مسرور بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان، إلى وقف الاشتباكات فوراً، محذراً من إراقة الدماء.
كما أجرت أطراف من الإطار الشيعي الحاكم في بغداد، من بينهم نوري المالكي وقيس الخزعلي، اتصالات مع لاهور وشقيقه أراس شيخ جنكي مطالبين بوقف التصعيد.
في المقابل، أصدر الحزب الشيوعي الكردستاني بياناً انتقد فيه موقف حكومة الإقليم، متهماً إياها بـ"اللعب دور المتفرج" على ما يجري في السليمانية.
خلفيات
يُذكر أن لاهور شيخ جنكي شغل سابقاً منصب الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني حتى عزله بافل طالباني عام 2021 إثر خلافات داخلية حادة، ليؤسس لاحقاً حزب "جبهة الشعب" الذي حصل على مقعدين في انتخابات برلمان كردستان 2024.
والأزمة تأتي في وقت يشهد فيه الإقليم فراغاً دستورياً منذ تسعة أشهر، إذ لم تُشكل حكومة جديدة ولم يُفعّل البرلمان، بينما تتصاعد الصراعات السياسية والانقسامات الداخلية على خلفية تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
وتأتي هذه التطورات بعد أيام من اعتقال شاسوار عبد الواحد، زعيم حراك "الجيل الجديد" الكردي المعارض، ما يعكس استمرار التوترات السياسية والأمنية في السليمانية قبل الانتخابات التشريعية العراقية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTIyIA== جزيرة ام اند امز