شهد مطلع الأسبوع الحالي هجوماً إرهابياً مفاجئاً من قبل خلايا تنظيم "داعش" الإرهابي على حافلة كانت تُقلُّ جنوداً من الجيش السوري.
هذا الأمر يمكن اعتباره بمثابة جرس إنذار من خطر استغلال التنظيم الإرهابي للبادية السورية، وذلك بهدف إعادة تموضعه وانتشاره من جديد في تلك المنطقة الهشّة أمنياً، ما يستدعي تحركات سريعة لمزيد من التعاون والتنسيق بين أصحاب المواقف المتباينة سياسيا لمنع هذا التوغل الجديد لمقاتلي التنظيم الإرهابي.
إن هذه الهجمات المتفرقة، التي يشنها التنظيم الإرهابي على عسكريين ومدنيين في آنٍ، في بعض المناطق السورية والعراقية، باتت تمهّد لما يشبه "عودة التنظيم" مجدداً، خاصة أن عدداً من عناصره تصرّ على ترهيب وتخويف السكان في مناطق ريفية، كما يحصل في "دير الزور" مثلا، حيث تقوم عناصر التنظيم الإرهابي باستمرار -رغم دحر التنظيم قبل سنوات- بعمليات الخطف والسلب والنهب، بالإضافة إلى عمليات الاغتيال التي تطال أبناء تلك المناطق وشيوخ عشائرها، الذين يعبّرون بوضوح عن مناهضتهم للتنظيم الإرهابي وأفكاره.
لذلك فإن من الضروري مراجعة الوضع العسكري والأمني في هذه المناطق، والبحث بشكل عاجل وجدي في الأسباب، التي أدت إلى ظهور خلايا تنظيم "داعش" بشكل علني من جديد، وذلك لقطع الطريق أمام عودة عناصره، لا سيما وأن عناصره تستغل المناطق الصحراوية السورية غير المأهولة بالسكان، بحيث ينشطون فيها وينطلقون منها إلى المناطق المجاورة للحصول على حاجاتهم من خلال سرقة أغنام الرعاة، ومع غياب القوات الحكومية عن تلك المناطق، وكذلك عدم وجود معسكرات للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضد تنظيم "داعش"، تسهُلُ مهمة هذه العناصر وتتمتع بحرية في الحركة والتنقل، وهو ما سمح لها أكثر من مرة باستهداف حافلات للجيش السوري في كمائن مجهزة، كان آخرها في بداية هذا العام في البادية السورية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 5 جنود وإصابة 15 آخرين.
تحركات تنظيم "داعش" الإرهابي تستغل الثغرات لإعادة رصّ الصفوف وتأهيل مقاتلي التنظيم للانتشار من جديد على الأراضي السورية، وبالتالي وجب على دمشق التنسيق بشكل عاجل لتغطية المناطق الصحراوية من البلاد، والتي تمت هزيمة التنظيم فيها قبل ذلك بسنوات، أو على أقل تقدير ضبط المعابر مع المدن القريبة من المناطق الصحراوية، بحيث يصعب وصول الإرهابيين إلى تلك المناطق، بالإضافة إلى ضرورة التنسيق مع السلطات الأمنية في العراق -البلد المجاور- ففي هذا البلد أيضاً تحاول فلول تنظيم "داعش" العودة، مستغلة الأوضاع الأمنية الهشّة هناك.
إن عودة شبح تنظيم "داعش" في سوريا من خلال خلاياه النائمة ستعني أيضاً عودته إلى العراق، لا سيما وأن البلدين تربطهما حدود برية طويلة، والعكس صحيح كذلك، ومن هنا لا بدّ لدمشق وبغداد التنسيق معاً لقطع الطريق أمام أي حركة لإعادة إحياء أنشطة التنظيم الإرهابي ومنعه من الظهور مجدداً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة