العمليات الأخيرة للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، كانت قاصمةً لظهر مليشيا "الحوثي".
وذلك بعد إصرار المليشيا -المدعومة من إيران- على زعزعة أمن المنطقة واستقرارها، إذ كان آخر تهديداتها موجَّها للملاحة الدولية، فـ"الحوثي" مليشيا ليست معنية بالدولة اليمنية وأمنها ولا الشعب اليمني واحتياجاته، وإنما هي رهين المشروع الإيراني والتوجيهات التي تصدر لها من طهران.
هذه العمليات العسكرية الشاملة والمُحكمة للتحالف جعلت مليشيا "الحوثي" تتخبط وتبحث عن أي "نصر وهمي" للتغطية على خسائرها المتواصلة أمام أتباعها، فلجأت كعادتها إلى السلوك الإجرامي وانتهاك القوانين الدولية والأعراف الإنسانية، حيث قامت باختطاف سفينة شحن تجارية تحمل علم دولة الإمارات، كما تحمل على متنها معدات تشغيل صحية وإغاثية.
إن ما أقدمت عليه مليشيا الحوثي من قرصنة واختطاف بالسطو المسلح على سفينة "روابي" يمثّل جريمة حرب وانتهاكاً حقيقياً للأمن والاستقرار الدوليين ولأمن وسلامة الملاحة العالمية، وازدراءً لجميع مبادئ القانون الدولي والإنساني، كما أن طبيعة السفينة المختطفة، كونها تحمل على متنها معدات تشغيل مستشفى ميداني، تجسد استخفاف الحوثيين بحقوق الإنسان، وضربهم عُرض الحائط باحتياجات الشعب اليمني وحقوقه.
جريمة القرصنة الأخيرة تختزل ماهية هذه المليشيا الإرهابية، ما يمثل رداً مفحماً على كل من يصف الحوثيين بـ"الطرف السياسي"، ويصوّر الحرب في اليمن على أنها مجرد "خلاف سياسي بين فرقاء"، وليس كما هو واقع فعلاً، حركة انقلابية استولت على السلطة بالقوة، ونكّلت بكل المكونات اليمنية الرافضة لهيمنتها وتفردها بالحكم.
في السياق الأوسع، فإن عملية اختطاف السفينة "روابي"، تندرج في إطار مساعي النظام الإيراني، للسيطرة على الممرات والمضايق البحرية، وتهديد الملاحة الدولية عبر وكيلهم اليمني، "الحوثي"، ما يمثل تهديداً صريحاً للمصالح الدولية وأمن الطاقة العالمي وسلاسة مرور التجارة العالمية.
عوامل متعددة سمحت للحوثيين بهذا الإصرار على ارتكاب مزيد من "جرائم الحرب" ضد الشعب اليمني، وتهديد الملاحة الدولية، واستهداف السعودية بالصواريخ الباليستية والمسيرات المفخخة، من أهمها: المواقف المتخاذلة على المستوى الدولي من إدانة جرائم "الحوثي" بشكل صريح ومباشر، فالأمم المتحدة تبدو في بعض المواقف كأنها تدافع عن هذه المليشيا، وأيضاً الموقف المضطرب لبعض الدول الغربية تجاه إيران، واعتبار مليشيا "الحوثي" ورقة تفاوضية في محادثات فيينا، واستعداد هذه الدول للصمت عن كل جرائم "أتباع إيران" في سبيل عودة طهران إلى "الاتفاق النووي".
أخيراً، لن يتوقف "الحوثي" ما لم تتم مخاطبته باللغة الوحيدة التي يفهمها، وهي لغة القوة، فلن تُجدي معه لغة الدبلوماسية والسياسة، فالحزم هو الطريق، ولا طريق سواه للتفاهم مع إيران وعصاباتها، وذلك بلا شك ما يدركه التحالف العربي جيداً، فقد أوضح عبر متحدثه، العميد الركن تركي المالكي، أن الرد على جرائم الحوثيين لن يُجابَه بالبيانات، بل سيكون حاسماً وفورياً بغض النظر عن الأماكن التي تستخدمها هذه المليشيات، سواء كان مطار صنعاء أم بعض المباني المدنية، التي تستخدمها كغطاء، وذلك وفقاً للأنظمة والقوانين الدولية، بعد أن عمل التحالف على تحييد تلك الإعاقات، التي كانت تسببها بعض المؤسسات الدولية الكبرى، والتي وصلت في بعض الحالات إلى ما يشبه دعم الحوثيين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة