محللون: مقتل البغدادي يعيد فتح قضية الفرنسيين الدواعش
خبراء ومختصون فرنسيون يؤكدون أن مقتل زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي، أبو بكر البغدادي يعيد فتح ملف الإرهابيين الفرنسيين في صفوف التنظيم
أعاد مقتل زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي، أبو بكر البغدادي، على يد القوات الأمريكية، أزمة مصير الفرنسيين الدواعش في الأوساط الفرنسية، وهو الملف الأكثر حساسية في بلد يعاني من التهديدات الإرهابية بعد سلسلة هجمات إرهابية آلمتها تسببت في مقتل العشرات وتبناها تنظيم "داعش" الإرهابي.
وذكرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية أن "مقتل البغدادي أعاد ملف مصير المقاتلين الفرنسيين في صفوف تنظيم "داعش"، الأكثر جدلاً في فرنسا إلى السطح بين مؤيد لاستعادتهم للمحاكمة في فرنسا، ومعارض محذراً من خطرهم، وتحوير التنظيم لإعادة استهداف فرنسا"، موضحة أن فرنسا لديها أكبر عدد من المقاتلين مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى.
ولفتت "لاكروا" إلى زيارة وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان مطلع الشهر الجاري للعراق، للتفاوض حول مصير الدواعش الفرنسيين، مسلطة الضوء على النتائج المترتبة على مقتل البغدادي وتأثيرها على ملف الدواعش الفرنسيين، كما أعربت عن مخاوفها من بحث التنظيم عن بديل للزعامة، وتطوير نفسه وتسربهم إلى فرنسا.
من جانبه، قال الكاتب الفرنسي سباسيان بوسوا: "أعتقد أن علينا إعادة المقاتلين الفرنسيين إلى سجوننا بدلا من تركهم في البرية أو في أيدي النظام القضائي العراقي"، موضحاً أن "الأمر يتعلق بسلامتنا"، بحسب مجلة "لوبوان" الفرنسية.
وتابع مؤلف كتاب "داعش.. وبعد": "تذكروا أن جميع قادة داعش التقوا في سجن كامب بوكا في العراق، حيث سجن أبو بكر البغدادي من قبل القوات الأمريكية في 2004.
وأشار بوسوا إلى أن "خطر الهجمات الإرهابية لا يزال موجودا حتى بعد مقتل البغدادي، مضيفاً: لا أرى كيف يمكن أن نكون أكثر يقظة".
وأوضح الكاتب الفرنسي أن إرهاب داعش حاليا يمكنه القيام بالكثير من الأضرار بهجوم من رجل واحد، مضيفاً: "نحن اليوم لا نواجه تهديدا جماعيا، ولكن بأعمال أكثر رمزية تسبب ضررا أكبر بكثير من الهجوم الجماعي".
ورأى سباسيان بوسوا أن فرنسا ليست بحالة تسمح لها بالتهديد المباشر من الذين يمكنهم الدخول إلى فرنسا لتفجير أنفسهم، ولكن من الشباب الفرنسي، وليس بالضرورة اتباع أيديولوجية داعش.
وأوضح أن الشبكات الاجتماعية توفر المناخ الذي يصنع متطرفاً حتى لو على سبيل إرضاء الشعور بالانتقام، مشيرا إلى أن تنظيم داعش الإرهابي نجح في إثارة الحروب الأهلية الصغرى في مجتمعاتنا.
في المقابل، عارض أستاذ الجغرافيا السياسية بكلية العلوم السياسية بجامعة باريس، المتخصص في الشرق الأوسط، فريديريك أونسيل، عودة الدواعش إلى فرنسا، قائلاً: "إن مقتل البغدادي لا يعني نهاية التنظيم الإرهابي، موضحاً أن منطقة إدلب لا تزال معقل التنظيمات الإرهابية، والتي من الممكن أن تبحث عن زعيم بديل للتنظيم أو أن يحور التنظيم نفسه بالأيدولوجية نفسها ويعيد استهداف بلادنا عبر وكلائه من المقاتلين الفرنسيين العائدين من التنظيم"، بحسب محطة "فرانس.إنفو" التلفزيونية الفرنسية.
أما أستاذة التاريخ المعاصر، المتخصصة في الشؤون الأمريكية، كورينتان سيلا فقالت: "إن عواقب مقتل زعيم داعش له مساوئه على الولايات المتحدة، بل لجميع دول التحالف الدولي، كما له مزايا، موضحة أنه يزيد من خطر تعرض هذه البلدان للتهديد الإرهابي الانتقامي لمقتل زعيمهم، كما أن هناك خلايا نائمة للتنظيم الإرهابي ومن الصعب القول نهاية التنظيم بنهاية زعيمهم.
وحذرت سيلا من أنه بعد مقتل البغدادي سيتعين على التنظيم الإرهابي البحث عن بديل جديد لزعيمهم، محاولين البحث عن تماسكهم دون الغرق في صراعات الخلافة، موضحة أن التنظيمات الإرهابية على مر السنوات لم تختفِ بمقتل زعيمها، على غرار وفاة أبو مصعب الزرقاوي الذي قتل عام 2006، وأبوعمر البغدادي عام 2010، وأسامة بن لادن 2011.
وكان وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستنر قد أصدر في وقت سابق، مذكرة داخلية موجهة لجميع إدارات الأمن وأجهزة الاستخبارات الفرنسية، بالتحلي بأقصى درجات اليقظة من احتمالية شن تنظيم "داعش" الإرهابي هجمات انتقامية ضد فرنسا.
وعقب العدوان التركي على منطقة الشمال السوري، كشفت إذاعة "يورب1" الفرنسية، عن خطة فرنسا للتعامل مع مسلحيها الذين انضموا لتنظيم داعش وكانوا محتجزين لدى الأكراد، وذلك بعد العدوان التركي على شمال سوريا.
وتتضمن الخطة نقل الدواعش الفرنسيين إلى العراق تحت تصرف السلطات العراقية ومحاكمتهم، لتجنب عودتهم إلى الأراضي الفرنسية، مقابل تحمل السلطات الفرنسية تكلفة نقلهم واحتجازهم.
وأشارت الإذاعة الفرنسية إلى أن "عدد المسلحين الفرنسيين، في شمال سوريا يقدر بنحو 400 إرهابي بينهم 300 من النساء والأطفال، ما يعني أن هناك نحو 100 مسلح فرنسي بين هؤلاء يشكلون خطرا على فرنسا، الأمر الذي دفع وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان إلى زيارة العراق لمناقشة هذا الموضوع الشائك".