الجزائر.. "التناقض" سيد الموقف داخل الحكومة حول إلغاء الدعم
رئيس الوزراء الجزائري ينفي نية حكومته رفع يدها عن سياسة دعم الأسعار والخبراء يدرجونها في خانة الحسابات الانتخابية المقبلة.
أثارت المواقف الأخيرة لرئيس الوزراء الجزائري، أحمد أويحيى "الرافضة" إلغاء الدعم الحكومي عن مختلف المواد والمنتجات، استغراب خبراء الاقتصاد وحتى المتابعين للشأن السياسي في البلاد، خاصة أنها جاءت "مكذبة ومناقضة" لتصريحات وزير المالية، عبدالرحمن راوية الأخيرة.
- الجزائر.. إلغاء دعم الوقود والكهرباء والمياه اعتبارا من 2019
- 8.2 مليار دولار استثمارات عملاق النفط الجزائري في 2017
أويحيى "وبعباءة" الأمين العام للتجمع الوطني (الحزب الثاني الحاكم في الجزائر) "نفى وجود أية نية لحكومته" رفع الدعم عن الوقود والطاقة والمياه اعتباراً من يناير 2019 المقبل كما ذكر وزير المالية الجزائري الأسبوع الماضي، واصفاً ذلك "بغير الصحيح".
وفي اجتماع المكتب الوطني للحزب قال أويحيى: "إن الحكومة شرعت فعلاً في دراسة الملف"، لكنه سارع للقول: "إن الحكومة غير مستعدة في الوقت الراهن لإلغاء الدعم ولن يطبق القرار في 2019، لعدة اعتبارات من بينها عدم اكتمال الملف بشكل نهائي".
وأضاف أن "الحكومة تعمل حالياً على وضع بطاقة وطنية للفقراء، بناءً على تقارير وإحصائيات رسمية وتحقيقات اجتماعية، وسيتم بعدها ضبط القيمة المالية التي ستمنح بشكل مباشر للعائلات الفقيرة، مع تحديد صيغة منح الدعم".
حسابات سياسية
محللون سياسيون وخبراء اقتصاديون أجمعوا في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" أن تصريح رئيس الوزراء يؤكد أمرين اثنين.
الأول بحسبهم "هو أن الجزائر مقبلة ربيع العام المقبل على انتخابات رئاسية، وأي قرار لرفع الدعم سيؤثر على أي مرشح للسلطة إذا كان مرشحاً واحداً توافقياً بين أجنحة السلطة الجزائرية، وهو ما حاول رئيس الوزراء الجزائري تفاديه من خلال تكذيبه وزيراً في حكومته".
- "المركزي الجزائري" يعلن تفاصيل ضخ 30 مليار دولار في البنوك المحلية
- الجزائر تخسر 150 مليار دولار بسبب أزمتها الاقتصادية
أما عن التناقض في تصريحات وقرارات الحكومة الواحدة، فيرى الخبراء والمحللون أن "المؤشرات الحالية توحي بعدم توصل أقطاب السلطة الجزائرية إلى مرشح توافقي لها، والتناقض الحاصل يندرج في إطار الحملة الانتخابية الاستباقية".
أما حديث أويحيى عن عدم اكتمال الملف فهذا يعني بحسب الخبراء أن "قرار وقف الدعم الحكومي متفق عليه داخل الحكومة الجزائرية، لكن الاختلاف يكمن في تاريخ تنفيذه، خاصة أن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يضغطان على الجزائر منذ بدء الأزمة الاقتصادية لوقف الدعم الحكومي".
وخرج المحللون السياسيون وخبراء الاقتصاد بنتيجة واحدة، وهي أن القرارات الاقتصادية "الصعبة" للحكومة الجزائرية "سيؤجل اتخاذها إلى ما بعد انتخابات 2019، والكثير من القرارات التي اتخذت خضعت لحسابات سياسية أكثر منها اقتصادية".
وليست هذه المرة الأولى التي تخرج فيها تناقضات حكومة أويحيى إلى العلن، خاصة مع وزير المالية، ففي شهر يناير/كانون الثاني الماضي أدلى وزير المالية عبدالرحمن راوية بتصريحات أمام نواب البرلمان الجزائري "نفى" فيها وجود أية خطة حكومية مضبوطة وفق سقف زمني محدد لمجابهة الأزمة الاقتصادية، في وقت قال رئيس الوزراء الجزائري إن خطة الحكومة حددت نهاية 2018 للخروج من تبعات الأزمة الاقتصادية.
أما التناقض الثاني فقد حدث في الشهر ذاته والذي أثار جدلاً كبيراً في الجزائر، ويتعلق بالهيئة المكلفة بتسيير التمويل غير التقليدي، إذ أعلن حينها رئيس الوزراء الجزائري أنها "مستقلة" عن أية وزارة، في حين قال وزير المالية الجزائري "إنها ستكون تابعة لوزارة المالية"، غير أن قرار تعيين اللجنة "في الأصل" بقي غامضاً ولم يعلن عنها إلى يومنا هذا.
كما أعلن وزير المالية الجزائري عبدالرحمن راوية الأسبوع الماضي أن حكومة بلاده قررت "رفع يدها" عن سياسة الدعم الحكومي بشكل تدريجي، وخاصة عن أسعار الوقود والطاقة ثم تسعيرة المياه ومواد أخرى، اعتباراً من يناير 2019، بعد أن وصف السياسة الحالية "بغير العادية وغير العادلة".
وقال "راوية" في تصريحات للإذاعة الجزائرية "إن السياسة الحالية لا تستهدف فقط الطبقات الفقيرة التي تستفيد منها 7 % فقط، بينما يستفيد الأغنياء من 14 % منها".
وتعتمد الجزائر سياسة الدعم غير المباشر في بعض المواد الغذائية والطاقة والسكن والتعليم والصحة، وتقدر ميزانية دعم الأسعار في الجزائر 1700 مليار دينار جزائري؛ أي ما قيمته 17 مليار دولار، وهو ما يمثل نسبة 20 % من موازنة التسيير.
ومنذ بداية العام الحالي، طرحت الحكومة الجزائرية فكرة الانتقال من نظام الدعم المعمم إلى الدعم المستهدف الذي يستهدف الفئات الهشة والفقيرة في المجتمع الجزائري، وقررت الحكومة شهر يناير الماضي تشكيل لجنة وزارية مشتركة من وزارات الداخلية والتضامن والعمل والضمان الاجتماعي لوضع دراسة مفصلة عن الفئات التي يمكن لها الاستفادة من الدعم المباشر.
aXA6IDE4LjExOC4xNjIuOCA=
جزيرة ام اند امز