الجزائر.. إلغاء دعم الوقود والكهرباء والمياه اعتبارا من 2019
وزير المالية الجزائري يعلن قرار الحكومة تخليها عن سياسة الدعم لأسعار الوقود والكهرباء والمياه، اعتباراً من يناير 2019.
بعد 5 أشهر من الترقب، حسمت الحكومة الجزائرية موقفها، وأعلنت "رفع يدها" عن الأسعار المدعمة في البلاد، اعتباراً من مطلع السنة المقبلة.
وفي تصريحات للإذاعة الجزائرية، أعلن وزير المالية الجزائري عبد الرحمن راوية، أن حكومة بلاده "تتجه للتخلي عن سياسة دعم الأسعار تدريجياً بداية من 2019، وهي تعكف حالياً على إعداد دراسات لتحديد الفئات التي تستفيد من الدعم المباشر"، واصفاً سياسة الدعم الحكومي الحالية بـ"غير العادلة وغير العادية".
- "المركزي الجزائري" يعلن تفاصيل ضخ 30 مليار دولار في البنوك المحلية
- الجزائر تخسر 150 مليار دولار بسبب أزمتها الاقتصادية
وقال وزير المالية الجزائري: "إن السياسة الحالية لا تستهدف فقط الطبقات الفقيرة التي تستفيد منها 7% فقط، بينما يستفيد الأغنياء من 14% منها"، وكشف في المقابل أن رفع الدعم عن الأسعار سيبدأ في مرحلة أولى بأسعار الوقود والطاقة ثم تسعيرة المياه ومواد أخرى، دون أن يكشف عن نية الحكومة رفع الدعم من عدمه عن أسعار بعض السلع الواسعة الاستهلاك في الجزائر، مثل الحليب والخبز والسميد وغيرها.
ولفت "راوية" إلى أن الحكومة الجزائرية ستطلق "كمرحلة أخيرة، حملة دعائية لتوضيح التدابير المتخذة أمام الرأي العام"، وأعرب عن موافقته على "إجراء حوار وطني حول السياسة الاقتصادية الجديدة".
وتقول الحكومة الجزائرية، إن قرارها التخلي عن سياسة الدعم العام يندرج ضمن جملة من الإصلاحات الاقتصادية التي تندرج في إطار خطة الجيل الثاني الإصلاحية، وتهدف بحسبها إلى تحريك عجلة الاستثمار والقضاء على العجز في الموازنة في غضون السنوات الأربع المقبلة.
تناقضات
قرار الحكومة الجزائرية حمل في طياته، بحسب كثير من خبراء الاقتصاد في حديثهم مع "العين الإخبارية"، جملة من التناقضات، ما بين القرارات المتخذة والتصريحات التي أدلى بها مسؤولون في الحكومة الجزائرية في أوقات سابقة.
أولها بحسب الخبراء، أن قرار الحكومة إلغاء الدعم عن مختلف أسعار المواد يعني التراجع عن سياسة الحماية الاجتماعية التي اعتبرها الرئيس الجزائري نهاية العام الماضي "مكسباً لا رجعة عنه"، في حين يرى آخرون أن الأزمة الاقتصادية أجبرت الحكومة الجزائرية على الانتقال إلى "سياسة الدعم المستهدف"، في انتظار تحديد "المواطنين المستهدفين".
- كهرباء الجزائر تضيء إفريقيا في النصف الثاني من 2018
- "سوناطراك" تتجاوز "مأزق" استيراد الوقود باقتناء أكبر مصفاة نفطية
ثاني التناقضات التي ذكرها خبراء الاقتصاد هي فاتورة استيراد البنزين التي بلغت 2.5 مليار دولار مع نهاية 2017، والتي قالت الحكومة الجزائرية إنها أثقلت كاهل الخزينة العمومية، ثم أعلنت شهر مايو/أيار الماضي اقتناءها "مصفاة إيساب دي بريولو" الواقعة في جزيرة صقلية الإيطالية بقيمة 1 مليار دولار، في خطوة تستهدف "وقف استيراد البنزين" من خلال تكرير الخام الجزائري في المصفاة الأكبر بأوروبا.
من هنا يرى الخبراء أن قرار إلغاء الدعم الحكومي عن أسعار البنزين "بحاجة إلى إعادة نظر في ظل البدائل التي تمكنت من توفيرها للحد من استيراد البنزين".
أما عن أسعار الكهرباء، فيرى الخبراء الاقتصاديون أن قرار الحكومة الجزائرية تخليها مطلع 2019 عن دعم أسعارها، فيتناقض مع رغبتها التي كشفت عنها شهر مارس/آذار الماضي في "تصدير الكهرباء اعتباراً من النصف الثاني لهذا العام إلى دول أفريقية"، وهو القرار الذي كشفت عنه الجزائر بعد أن قالت إنها حققت اكتفاءً ذاتياً من هذه الطاقة.
ويرى عدد من المختصين أن الدعم المستهدف يحمل كثيرا من المخاطر، خاصة مع الارتفاع القياسي الذي تشهده أسعار مختلف المواد في الأسواق المحلية، وتحرير الأسعار سيزيد من ارتفاعها بالموازاة مع الرسوم الكبيرة التي فرضتها الحكومة الجزائرية مؤخراً على السلع المستوردة والتي تراوحت ما بين 30% إلى 200%، وهي المعطيات التي "ستؤدي إلى انهيار جديد للقدرة الشرائية للمواطن" بحسب المختصين، في وقت قدر الخبراء نسبة انهيارها بـ50% منذ بدء الأزمة الاقتصادية قبل 4 سنوات.
حتمية اقتصادية
وبين كل هذه التناقضات، تجد قرارات الحكومة الجزائرية من يدافع عن جدواها وأهدافها، إذ يرى خبراء اقتصاديون أن الأزمة الاقتصادية الحالية "فرصة مهمة لإحداث تغييرات جذرية في طبيعة الاقتصاد الجزائري من خلال اتخاذ قرارات وإجراءات جريئة تسهم في تحرير الاقتصاد من قيود ورثها عن النظام الاشتراكي"، الذي تخلت عنه الجزائر سنوات التسعينيات، وهي الإجراءات التي يرى خبراء اقتصاديون أنها "ستمهد لاقتصاد منتج يتماشى مع متطلبات اقتصاد السوق".
- الجزائر تقر زيادة الرسوم الجمركية على سلع بدلا من حظر استيرادها
- احتياطيات الجزائر الأجنبية تهبط 7.3 مليار دولار في 5 أشهر
وتواجه الجزائر منذ 2014 أزمة اقتصادية كبدتها خسائر قدرت بـ 915 مليار دولار، وأعلنت مع نهاية السنة الماضية لجوءها إلى نمط التمويل غير التقليدي؛ بهدف سد العجز المسجل في الموازنة العامة، وبلغت قيمة الأموال التي ضخها البنك المركزي الجزائري في البنوك العمومية 30 مليار دولار منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2017.، في حين هوى احتياطي الجزائر من العملة الصعبة بمقدار 7.3 مليار في الأشهر الخمسة الأولى من هذه السنة، ووصل إلى 90 مليار دولار، مع توقعات حكومية أن يصل إلى 80 مليار دولار مع نهاية 2018.
aXA6IDMuMTQ0LjgyLjEyOCA= جزيرة ام اند امز