جدل جزائري حول موجة كورونا.. الأولى أم الثانية؟
تناقض بالتصريحات الرسمية بين الرئاسة ووزارة الصحة الجزائرية حول موجة كورونا في البلاد، وأخصائي يعتبر اللقاح أولوية تحسم الجدل.
أحدث تناقض التصريحات الرسمية بالجزائر حول "درجة جائحة كورونا" بين الأولى أو الثانية التي تجتاح البلاد، حالة من الغموض لدى الجزائريين والشكوك حول قدرة السلطات الصحية لاحتواء الوضع الصحي في البلاد.
تناقض اعتبره اختصاصيون دلالة على حالة الارتباك التي خلفتها جائحة كورونا على كثير من دول العالم بينها الجزائر في التعامل مع ما يصفونه بـ"العدو المجهول" ورصد ومتابعة الجائحة، رغم كل الإجراءات الاحترازية الكبيرة التي اتخذتها السلطات الجزائرية لمنع تفشي "كوفيد– 19".
- وزير الصحة الجزائري: نشهد موجة ثانية لكورونا.. ووفرنا 18 ألف سرير
- الجزائر تعلن حصيلة ضحايا كورونا من "الجيش الأبيض"
ونجم تضارب التصريحات الرسمية حول طبيعة الجائحة التي تجتاح الجزائر بين بقاءها في الأولى أو انتقالها إلى الثانية عن التزايد الكبير في عدد الإصابات اليومية بفيروس كورونا خلال الشهرين الأخيرين، تخطت خلالها البلاد عتبة الألف إصابة يومياً للمرة الأولى منذ انتشار الفيروس أواخر فبراير/شباط الماضي.
وارتفع إجمالي المصابين بكورونا في الجزائر حتى، الأربعاء، إلى 78 ألف و25 إصابة مؤكدة بعد تسجيل 1025 إصابة جديدة و20 حالة وفاة جديدة، رفعت حصيلة الوفيات إلى 2329 حالة وفاة، فيما يتواجد 43 مريضاً بكورونا بالعناية المركزة.
كما ارتفع عدد الحالات التي تماثلت للشفاء إلى 50 ألف و712 حالة تعافٍ، بعد تسجيل 642 حالة شفاء جديدة.
الموجة الثانية
وزير الصحة الجزائري عبد الرحمن بن بوزيد أصر للمرة الثانية خلال الشهر الحالي على أن بلاده تمر بموجة ثانية من وباء كورونا، ووصف الوضع بـ"المقلق".
وأكد "بن بوزيد" أن تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا في الجزائر بعد تراجعها قبل نحو شهرين، مؤشر يؤكد بأن البلاد تعيش موجة ثانية لكورونا بعد الأولى التي دامت نحو 7 أشهر.
ورغم تحذيره من خطورة الوضع الصحي، إلا أن الوزير الجزائري استبعد في المقابل تشديد الإجراءات الاحترازية في الوقت الحالي، كما استبعد رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز جراد إعادة إغلاق المدارس، والتي اعتبر مراقبون بأنها ساهمت في تفشي الفيروس في الجزائر.
وزير الصحة الجزائري في تصريح للإذاعة الجزائرية الحكومية، استند على تفاؤله الحذر بأرقام ما توفره السلطات الصحية من مستلزمات طبية بالمستشفيات الحكومية، وكشف عن زيادة عدد الأسِرَّة المخصصة لحالات الإصابة بكوورنا بكامل محافظات البلاد، وصلت إلى 18 ألف سرير و1500 سرير إنعاش لاستقبال المرضى.
واعتبر "بن بوزيد" أن حالات الشفاء المسجلة على المستوى الوطني تمثل 42 % من قدرة الاستيعاب الكلية، ما يعني ربطه تشديد إجراءات كورونا الاحترازية بوصول المستشفيات حالة التشبع بحالات الإصابة بكورونا وعدم قدرتها على استيعاب الحالات الجديدة.
يأتي ذلك، فيما أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، الخميس، عن تحويل مؤقت لفندق عسكري خاص تابع للجيش مخصص لتحضير الفرق الرياضية العسكرية إلى هيكل صحي مخصص لإصابات كورونا، للمرة الأولى من ظهور الفيروس بالجزائر، نهاية الشهر الثاني من هذا العام.
واستبعد قائد الجيش الجزائري الفريق السعيد شنقريحة– وفق بيان لوزارة الدفاع الجزائرية– فتح المستشفيات الميدانية العسكرية أمام الحالات الجديدة، مرجعاً ذلك إلى قدرة المستشفيات الحكومية على مواجهة التزايد الكبير في عدد المصابين بكورونا.
موجة أولى "متوحشة"
في مقابل ذلك، اعتبر البروفيسور كمال صنهاجي رئيس "الوكالة الجزائرية للأمن الصحي" بأن تزايد حالات الإصابة بـ"كوفيد– 19" "ليس مؤشراً على موجة ثانية من كورونا"، مفندا بذلك تصريحات وزير الصحة.
و"الوكالة الوطنية للأمن الصحي" هي هيئة صحية جديدة تابعة للرئاسة الجزائرية استحدثها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يونيو/حزيران الماضي، مهمتها رصد أي فيروسات أو أمراض قد تتفشى في البلاد، ووضع مخططات يقظة ومجابهة.
الدكتور "صنهاجي" رد صراحة على وزير الصحة الجزائري، وذكر في تصريح للإذاعة الجزائرية الحكومية بأنه "ليس موافقاً على تسمية ما نشهده الآن موجة ثانية".
وقدم ما اعتبرها "تبريرات علمية" على كلامه، وأوضح بأنه " تكون موجة ثانية يجب أ يكون الفيروس متطورا ويكتسب طفرات جينية، واذا تغيرت هناك صفاته بطريقة معتبرة سينظر إليه الجهاز المناعي كأنه فيروس جديد و سيقوم بردود مناعية جديدة".
غير أن تصريحات المسؤولين الجزائريين التقت عند أسباب تزايد حالات الإصابة بكورونا مؤخراً في البلاد، في إشارة إلى ما اعتبروه "التراخي في الإجراءات الاحترازية مع رفع الحجر التدريجي واستئناف الحياة اليومية والاقتصادية والدخول المدرسي".
أولوية اللقاح تحسم الجدل
وأمام هذا التناقض الرسمي حول طبيعة موجة كورونا التي تمر بها الجزائر، وصف علي خميس عضو "النقابة الجزائرية للصحة العمومية" ذلك بـ"الارتباك الطبيعي في تسيير الجائحة".
واعتبر في تصريح لـ"العين الإخبارية" بأن ذلك ناجم عن "حالة الارتباك التي يشهدها كل العالم، خصوصاً وأنه لم يكن متوقعاً أن تطول مدة انتشار كورونا وسرعة تفشيها بهذا الشكل إلى درجة أثر على كل القطاعات وكل مناحي الحياة العامة".
ومن هذا المنطلق– يضيف علي خميس– أن الجزائر "من بين الدول التي تفتقد لإمكانيات مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وما تعيشه الجزائر اليوم نتيجة تراخي المواطنين واستهتارهم بالإجراءات الوقائية".
غير أن المسؤول النقابي فضل العودة إلى الفرضيات العلمية في الحكم على طبيعة الجائحة التي تشهدها الجزائر، وأكد أن الحديث عن موجة كورونا الثانية يأتي "بعد مرحلة انقطاع واستقرار الموجة الأولى وانخفاض حالات الإصابات الجديدة".
وتابع: "الجزائر شهدت تذبذباً في حالات الإصابة بفيروس كورونا من مراحل تراجعه إلى بلوغه الذروة وعودة انخفاضه ثم تصاعد عدد الإصابات اليومية، وهو ما يفسر اجتهاد الهيئة التابعة للرئاسة ووزارة الصحة في تفسير طبيعة الموجة التي تمر بها البلاد".
وشدد عضو "النقابة الجزائرية للصحة العمومية" على أن الأولوية الحالية والتي تحسم ذلك الجدل الرسمي هو "الحصول على لقاح كورونا"، معتبراً في السياق بأنه أمام تزايد إصابات كورونا فإن "الجزائر بحاجة الآن للتفكير في الحصول على اللقاح وتوفيره لأكبر قدر ممكن من الجزائريين".