ثالث بلد أفريقي.. الجزائر تسن قانونا لمكافحة التمييز والكراهية
تبون يعتبر القانون ردا على محاولات تفتيت المجتمع الجزائري التي تتم بشكل خاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويدعو إلى صيانة الوحدة الوطنية
صادق مجلس الوزراء الجزائري خلال اجتماعه ، مساء الأحد، برئاسة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون على قانون "الوقاية من التمييز وخطاب الكراهية" في سابقة هي الأولى من نوعها، لتصبح بذلك الجزائر ثالث بلد أفريقي يسن قانوناً ضد التمييز بعد جنوب أفريقيا وتونس.
- الرئيس الجزائري يأمر بإعداد قانون يجرم مظاهر العنصرية وخطاب الكراهية
- خبراء جزائريون: قانون تجريم العنصرية مهم لكنه ليس كافيا
وفي كلمته أمام مجلس الوزراء، نقلتها وكالة الأنباء الرسمية، كشف الرئيس عبدالمجيد تبون عن الهدف من وراء إعداد قانون من هذا النوع، مرجعاً ذلك إلى "منع محاولات تفتيت المجتمع الجزائري التي تتم بشكل خاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
وشدد تبون على أن "حرية التعبير لا تعني أبدا حرية الشتم والقذف والتمييز وزرع الكراهية داخل المجتمع"، وأعطى أوامر لحكومته بإدخال تغييرات على القانون بشكل "يجسد صيانة الوحدة الوطنية".
كما أكد أن "التغيير يجب أن يكون نابعاً عن قناعات شخصية للقضاء على الممارسات القديمة" في إشارة إلى سياسات نظام الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة.
ولم يكشف مجلس الوزراء الجزائري عن محتوى القانون والعقوبات المسلطة أو عن تعريف القانون الجديد للمقصود من "التمييز والكراهية".
غير أن بياناً سابقاً لرئيس الوزراء الجزائري عبدالعزيز جراد أصدره منتصف الشهر الماضي، أشار إلى أن الغاية من مشروع القانون الذي أعدته وزارة العدل هي "تحديد مسؤوليات كل مواطن وكل مجموعة اجتماعية أمام الواجب المقدس المرتبط باحترام التماسك الاجتماعي وقيم الوحدة الوطنية والأخوة التي عززت تلاحم الأمة عبر تاريخها".
ووجه الرئيس الجزائري، في 13 يناير/كانون الأول الماضي، تعليمات للوزير الأول، عبدالعزيز جراد، بإعداد مشروع قانون يجرم كل مظاهر العنصرية والفئوية وخطاب الكراهية في البلاد.
وأشار بيان الرئاسة الجزائرية إلى أن الإجراء يأتي بعد "أن لوحظ ازدياد خطاب الكراهية والحث على الفتنة خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي".
ولفت إلى أنه "يأتي لسد الباب في وجه أولئك الذين يستغلون حرية وسلمية الحراك برفع شعارات تهدد الانسجام الوطني".
وأكد أن "الجميع مطالبون بالتقيد بالدستور وقوانين الجمهورية، لا سيما فيما يتعلق باحترام ثوابت الأمة وقيمها، والمكونات الأساسية للهوية الوطنية والوحدة الوطنية ورموز الدولة والشعب".
وتزامن القرار مع احتفال الجزائر برأس السنة الأمازيغية، الذي صادف يوم 12 يناير/كانون الثاني من كل عام، إذ تصاعدت في الجزائر دعوات "إلغاء الأمازيغية والعيد من الدستور".
وكشف خبراء ومحللون سياسيون لـ"العين الإخبارية" في وقت سابق عن الأسباب التي عجلت بتحرك الرئاسة الجزائرية لأمر الحكومة بإعداد مشروع قانون يجرم كافة مظاهر العنصرية والكراهية في المجتمع الجزائري.
تلخصت غالبيتها في أسباب سياسية مرتبطة بالانقسام الشعبي الحاصل حول استمرار الحراك الشعبي، بأبعاد تاريخية مرتبطة بهوية الجزائريين ودور بعض النخب السياسية خلال الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي.
وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ما يشبه "ساحة حرب تعصب فئوية" بين مدافعين عن الأمازيغ وآخرين عن العرب عن "أسبقية تواجد الأمازيغ أم العرب بالجزائر"، استعمل فيها كل طرف "عبارات عنصرية"، وصلت إلى حد "التشكيك والطعن في الوطنية والديانة وتبادل اتهامات الخيانة".
وأجمع الخبراء على أهمية سن القانون في هذه الظروف والتوقيت لحماية البلاد من أية "انزلاقات عرقية"، لكنهم اعتبروه غير كافٍ، مرجعين ذلك إلى ضرورة اتباعه بإجراءات أخرى، بينها السياسية من خلال "تفعيل إجراءات التهدئة، والتفريق بين حرية الرأي والعنصرية والكراهية حتى لا يكون القانون الجديد متعارضاً مع مبادئ الحريات والديمقراطية" وفق تصريحاتهم.
بالإضافة إلى "عدم الاكتفاء بالأسلوب العقابي، وأن يكون موازياً بحل تربوي وأساليب أكثر عمقاً والبحث عن الأسباب الحقيقية لانتشار هذه الظاهرة السلبية في المجتمع الجزائري بالاعتماد على الخبراء والمختصين".