الجزائر تتجه لإعادة نظر شاملة في سياسة الدعم الحكومي مطلع 2019
الأزمة الاقتصادية تجبر الجزائر على الانتقال من سياسة الدعم العام إلى الدعم المستهدف مع مطلع 2019
قررت الحكومة الجزائرية إعادة نظر شاملة في سياسة الدعم الحكومي لعدد من المواد وطريقة العمل بها، من خلال قرارات عملية تدخل حيز التنفيذ اعتباراً من العام المقبل، وهي الخطوة التي تهدف إلى مواجهة العجز في الموازنة جراء الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ أربع سنوات.
- بوتفليقة يكشف عن خطة مدتها عشرة أعوام للنهوض باقتصاد الجزائر
- الجزائر.. أزمة مالية خانقة بسبب نقص الموارد المالية
وقال وزير التجارة الجزائري، محمد بن مرادي، أمام البرلمان الجزائري، "إن الحكومة شكلت فوج عمل تحت إشراف الوزير الأول، أحمد أويحيى، ويضم ممثلين عن وزارة المالية ووزارات أخرى"، على أن تُستكمل عملية المراجعة قبل نهاية السنة الحالية.
وأضاف أن فوج العمل يعكف حالياً على "دراسة نظام الدعم من أجل الانتقال من نظام دعم معمم إلى نظام يستهدف مستحقيه فعلا، والذي يسمح بإنهاء حالة عدم التناسق التي تسهم في التذبذب الحاصل في التجارة الخارجية".
من جانب آخر، كشف وزير المالية الجزائري، عبد الرحمن راوية، في تصريحات صحفية، عن أن الجزائر "ستضع حدا لدعم أسعار البنزين اعتبارا من 2019، ورفع الدعم عن مواد أخرى بداية من عام 2020، بهدف القضاء على العجز في الموازنة في غضون السنوات الأربع المقبلة".
وتقدر فاتورة واردات الجزائر من الوقود بنحو 2.5 مليار دولار مع نهاية 2017، وفق آخر الإحصائيات، في وقت رفعت فيه الحكومة في موازنة 2018، الرسم على الاستهلاك الذاتي للطاقة بنسبة 50%، وفرضت رسماً على مختلف أنواع الوقود للعام الثالث على التوالي.
ولم يقدم الوزير الجزائري تفاصيل أخرى عن المواد التي ستخضع للخفض، لكنه أكد أن نظام الدعم الحالي "أبقى أسعار عدد كبير من السلع والخدمات منخفضة، خاصة ما تعلق منها بأسعار الكهرباء، والخبز وزيت الطهي".
ويقدر الخبراء الاقتصاديون عدد المستفيدين من سياسة الدعم الحكومية بنحو 10 ملايين جزائري، في وقت تؤكد فيه الحكومة الجزائرية أنها رفعت مخصصات الدعم في موازنة 2018 بـ8%، حيث بلغت 17 مليار دولار (1760 مليار دينار)، والتي تذهب غالبيتها في قطاعات الصحة والسكن، ودعم أسعار المواد ذات الاستهلاك الكبير مثل الحبوب، السكر، الحليب، والزيوت الغذائية.
وكان الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة قد وقع نهاية العام الماضي، على ميزانية 2018 التي بلغت قيمتها 75 مليار دولار، وأقر مضمون الموازنة العامة بأن يصل العجز في الموازنة في 2018 إلى 20 مليار دولار.
ورغم دفاع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، عن سياسة الحماية الاجتماعية التي يعتبرها "مكسباً لا رجعة عنه"، إلا أن الخبراء الاقتصاديين يؤكدون أن الحكومة الجزائرية وجدت نفسها مجبرة نحو مراجعة سياسة الدعم العام والانتقال إلى سياسة "الدعم المستهدف".
- وزير التجارة الجزائري يحذر من احتمالية إفلاس البلاد بعد عامين
- الدينار الجزائري يخسر 46% من قيمته أمام الدولار
غير أن الخبراء الاقتصاديين اختلفوا حول نجاعة وتوقيت الإصلاحات في سياسة الدعم، فمن الخبراء مَن يرى أن المتغيرات الاقتصادية الحاصلة في الاقتصاد الجزائري منذ انهيار أسعار النفط، لا بد أن تكون "نقطة البداية لإحداث تغييرات جذرية في الاقتصاد الجزائري، والعمل على خفض الفواتير الباهظة، التي سببت خسائر فادحة للخزينة العمومية، على أن تكون التغييرات بشكل يتماشى مع متطلبات اقتصاد السوق".
وتقول الحكومة الجزائرية، إن قرارها التخلي عن سياسة الدعم العام يندرج "ضمن جملة من الإصلاحات الاقتصادية التي تندرج في إطار خطة الجيل الثاني الإصلاحية، التي تهدف بحسبها إلى تحريك عجلة الاستثمار.
في حين يرى عدد من الخبراء، أن الدعم المستهدف يحمل العديد من المخاطر في هذه الظروف الاقتصادية، خاصة مع الارتفاع القياسي الذي تشهده أسعار مختلف المواد في الأسواق المحلية، وتحرير الأسعار سيزيد من ارتفاعها، وبالتالي حدوث انهيار جديد للقدرة الشرائية للمواطن، التي قدرها الخبراء بنحو 50 %.
وتعاني الجزائر منذ أربع سنوات من أزمة اقتصادية هي الأشد في تاريخها، والتي أدت إلى انخفاض قياسي في احتياطاتها من النقد الأجنبي مع نهاية 2017، والتي وصلت إلى نحو 32 مليار دولار، وانخفاض لقيمة الدينار الجزائري بـ 46% أمام الدولار الأمريكي، و32% أمام اليورو.