الجزائر ترد على انتقاد أوروبي بشأن الاعتقالات: استفزاز وافتراء
البرلمان الأوروبي صادق على لائحة "تدين الجزائر على انتهاكات حقوق الإنسان"، وبرلمان الجزائر يصف ذلك بـ"الاستفزاز والتدخل السافر"
أعرب البرلمان الجزائري، الخميس، عن "استهجانه" لمصادقة البرلمان الأوروبي على لائحة تدين وتتهم الجزائر بانتهاك حقوق الإنسان على خلفية الاعتقالات الأخيرة في صفوف الرافضين للانتخابات الرئاسية ومانعي تجمعات المرشحين الخمسة.
- استياء بالجزائر بعد قرار برلمان أوروبا.. و"بن صالح": تدخل أجنبي
- قائد الجيش الجزائري يتهم رموز بوتفليقة بـ"الاستنجاد بالخارج"
وأصدر المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الثانية للبرلمان) بياناً وصف فيه جلسة البرلمان الأوروبي حول الجزائر بـ"التدخل السافر في الشؤون الداخلية والمناورة المكشوفة"، وبأنه خرج بـ"افتراءات عن وضعية حرية التعبير والتجمهر".
وعد مناقشة البرلمان الأوروبي "انتهاكات حقوق الإنسان بالجزائر" مزاعم وأكاذيب وافتراءات تنسب للقوانين الجزائرية خاصة فيما يتعلق بموضوع الحريات في الجزائر لا سيما حرية التظاهر السلمي وحرية الرأي وحرية الإعلام والحريات الدينية التي يكفلها القانون.
وأعرب البرلمان الجزائري "عن رفضه القاطع لأي تدخل من أي هيئة أجنبية في الشؤون الداخلية للبلاد" ولما وصفه بـ"الابتزاز والإملاءات"، متهماً البرلمان الأوروبي بـ"محاولة التشويش على الاستحقاق الانتخابي المقبل".
وذكر البيان أنه "في الوقت الذي يتأهب فيه الجزائريون للتوجه نحو صناديق الاقتراع من أجل اختيار رئيس الجمهورية بعد حراك سلمي والمرافقة باحترافية عالية للجيش الوطني الشعبي ومختلف الأسلاك الأمنية قل نظيره في هذا الوقت بالذات تأتي لائحة البرلمان الأوروبي حول واقع الحريات في الجزائر".
وأوضح أيضا بأن الدستور الجزائري "يمنع المساس بحرية المعتقد وحرمة حرية الرأي، ويضمن حرية ممارسة العبادة في ظل احترام القانون، وكذا ممارسة الشعائر الدينية في إطار أحكام الدستور والقوانين والتنظيمات السارية المفعول، كما تضمن الدولة التسامح والاحترام بين مختلف الديانات".
وشدد البرلمان الجزائري في ختام بيانه "شديد اللهجة" على أن "الشعب الجزائري يؤمن بسيادة قرار دولته ويرفض الابتزاز أو الاملاءات، كما يعتز بعدالته المستقلة، ونذكر من نسي أن الحرية في بلادنا كان ثمنها باهظاً وقدمنا مئات الآلاف من الشهداء وما زالت الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في حقه تنتظر التحقيق و يقظة الضمير الإنساني".
برلمان أوروبا: اعتقالات تعسفية وغير قانونية
رد البرلمان الجزائري جاء عقب مصادقة نظيره الأوروبي، الخميس، بـ"الأغلبية" على قرار "يدين الجزائر" على ما اعتبرها "انتهاكات لحقوق الإنسان" للمرة الأولى منذ بدء الأزمة السياسية قبل نحو 9 أشهر.
وقدم برلمان أوروبا الذي اجتمع في مقره بستراسبورج الفرنسية توصيات من 41 بنداً تتم إحالتها إلى حكومات وبرلمانات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وأخرى إلى الحكومة الجزائرية والأمين العام للأمم المتحدة وهيئات دولية أخرى.
وتضمنت تلك البنود "قلق" النواب الأوروبيين من وضعية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في الجزائر، بالإضافة إلى تنديدهم بما سموه "الاعتقالات التعسفية وغير القانونية التي طالت صحفيين ونقابيين ومحامين وطلبة ومدافعين عن حقوق الإنسان، ومتظاهرين سلميين مشاركين في الحراك الشعبي".
وطالب قرار البرلمان الأوروبي من السلطات الجزائرية "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المتهمين بممارستهم لحقهم في حرية التعبير" على حد تعبيره، وذكر أسماء بعض الناشطين المعتقلين بينهم المعارض البارز كريم طابو.
كما وجه البرلمان الأوروبي دعوات للسلطات الجزائرية إلى ما عده "وضع حد لأي شكل من أشكال الترهيب، بما في ذلك المضايقة القضائية والتشريعية، والتجريم والاعتقالات التعسفية، ضد المتظاهرين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمدونين".
بالإضافة إلى دعوته "إطلاق سراح 42 معتقلاً من حاملي الراية الأمازيغية" في المظاهرات الشعبية المطالبة بالتغيير الجذري للنظام.
وجاء اجتماع البرلمان الأوروبي بعد طلب تقدم النائب الفرنسي رفاييل غلوكمسان، دعا فيه إلى مناقشة "تطورات الحراك الشعبي وقضية معتقلي الرأي"، وفق ما جاء في تغريدة للنائب الفرنسي بالبرلمان الأوروبي على "تويتر".
الجزائر: استياء وتحذير
واستبقت السلطات الجزائرية جلسة البرلمان الأوروبي التي تم تقديمها من 1 ديسمبر/كانون الأول المقبل إلى الخميس، بإصدارها مواقف "شديدة اللهجة"، رافضة التدخل الخارجي في شؤون البلاد، و"محذرة" من تأثير ذلك على العلاقات بين "شريكين استراتيجيين".
وأكد الرئيس الجزائري المؤقت عبدالقادر بن صالح، الثلاثاء الماضي، على موقف بلاده الرافض لتدخل البرلمان الأوروبي في شؤون الجزائر، وشدد على أن "كل محاولة في هذا الاتجاه ستكون لا محالة مآلها الفشل".
كما اتهم أطرافاً أجنبية لم يسمها بـ"الالتحاف بغطاء حقوق الإنسان وتسييسها بطريقة مريبة"، ودعا من سماهم "شركاء الجزائر" إلى احترام بلاده.
واتهم صالح، الأربعاء، رموز نظام بوتفليقة بـ"محاولة الاستنجاد بالخارج"، واتهم أطرافاً أجنبية لم يسمها، مشيراً إلى أنها "تملك حقداً تاريخياً دفيناً" بأنها "لا تريد الخير للجزائر ولا لشعبها وتسعى لخلط أوراق الأزمة".
وشدد على أن الجزائر "حرة مستقلة في قراراتها، لا تقبل أي تدخل أو إملاءات ولا تخضع لأي مساومات من أي طرف مهما كان".
وقفة تضامنية مع معتقلي الحراك
وتزامناً مع اجتماع البرلمان الأوروبي، نظم عشرات الجزائريين، الخميس، بالعاصمة وقفة تضامنية مع معتقلي الحراك الشعبي بحضور عائلات المعتقلين.
وطالب المحتجون من السلطات الجزائرية الإفراج عن الموقوفين، ورددوا شعارات داعمة للحراك الشعبي المتواصل والرافض لإجراء انتخابات الرئاسة.
وأدانت محكمة "سيدي أمحمد" بالجزائر العاصمة الأسبوع الماضي 22 موقوفاً من حاملي الراية الأمازيغية من أصل 42 متهماً، بين ستة أشهر وسنة نافذة، وغرامة مالية بقيمة 30 ألف دينار جزائري (نحو 200 دولار أمريكي)، ووجهت إليهم تهم "تهديد الوحدة الوطنية".
وتقول السلطات الجزائرية إن "حركة الماك الانفصالية" التي تتخذ من باريس مقرا لها والمطالبة بما تسميه "استقلال منطقة القبائل" "استغلت الحراك الشعبي وقامت باختراقه براياتها الانفصالية والزج بمطالبها عبر أشخاص إما يجهلون حقيقة الوضع وإما تابعون لها".
بينما يقول محامو الموقوفين إن "الراية التي حملها المتظاهرون ترمز للهوية الأمازيغية ولا علاقة لها بالحركة الانفصالية"، بالإضافة إلى كونها "راية ثقافية معترفاً بها من قبل، وسبق أن رفعها في مختلف المظاهرات الثقافية الرسمية التي نظمت في السنوات الأخيرة".
aXA6IDMuMTM1LjIwNC40MyA= جزيرة ام اند امز