الجزائر تخلع عباءة النفط.. رحلة تفوق الصادرات الصناعية
سجلت الصادرات الجزائرية خارج قطاع المحروقات "الصناعية" قفزة غير مسبوقة فاقت 58 % خلال الأشهر الـ3 الأولى من هذا العام.
ووفق آخر بيانات لوزارة التجارة الجزائرية اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيلها، فقد ارتفعت الصادرات الجزائرية من دون المحروقات بنسبة 58.83 % خلال الثلاثي الأول من هذا العام مقارنة بالفترة ذاتها من 2020.
- لامتصاص صدمة النفط.. الجزائر تنعش صادراتها بتعديلات قانونية "جريئة"
- طريق الحرير الصيني يمنح الجزائر أكبر ميناء في أفريقيا والبحر المتوسط
وبلغت قيمتها الإجمالية 870.33 مليون دولار مقابل 547 مليون دولار خلال الفترة ذاتها من السنة الماضية، لتشكل 11.30 % من إجمالي قيمة الصادرات الجزائرية في سابقة هي الأولى من نوعها.
وكشفت الوزارة الجزائرية أن عدد الشركات المحلية التي قامت بعمليات التصدير بلغ 714 مؤسسة مصدرة نحو عدة وجهات خارجية، لم تذكرها، إلا أن الأسواق الأوروبية والعربية والأفريقية تبقى الوجهة الأولى للصادرات الجزائرية بجميع أنواعها.
وسيطرت مادة الإسمنت على صادرات الجزائر خارج قطاع المحروقات بنسبة 96.19 % وبلغت قيمتها 37.85 مليون دولار، والموجهة خصيصاً إلى دول أفريقية.
كما ارتفعت صادرت مادة السكر بـ65.71 % مقارنة بذات الفترة من السنة الماضية وبلغت قيمتها المالية 102 مليون دولار، تلتها التمور بـ37.11 مليون دولار بارتفاع نسبة 40.62 %.
وتراوحت بقية الصادرات بين الأسمدة المعدنية والكيميائية الأزوتية والزيوت والمنتجات الأخرى المحصل عليها من تقطير الفحم الحجري والمواد الغذائية، ووصلت قيمتها الإجمالية إلى 519.85 مليون دولار.
"وصفة تصدير"
ومطلع الشهر الماضي، أعلنت الجزائر عن قرارات مستعجلة تتماشى مع خططها لإنعاش الصادرات خارج المحروقات بعد "صدمة أسعارها".
وأكدت وزارة المالية الجزائرية بأن الخطوة تندرج في إطار الخطط الحكومية لرفع قيمة الصادرات خارج قطاع المحروقات إلى نحو 5 مليارات دولار مع نهاية العام الحالي كمرحلة أولى، وتعويض الخسائر الناجمة عن تراجع أسعار النفط الذي يعد المورد الأساسي لخزينة الدولة بنحو 97%.
وأعلنت الحكومة الجزائرية إحداث تغييرات على سياستها النقدية من خلال مراجعة جزئية لقانون القرض والنقد بعد انتقادات حادة من قبل المصدرين والمستثمرين المحليين الذين اعتبروا أن القانون "يعرقل تصدير المنتجات المحلية بإجراءات بيروقراطية".
حيث أعلن مجلس القرض والنقض التابع للبنك المركزي إجراء تعديلات قانونية تسمح بتشجيع التصدير وتوفير العملة الصعبة من خلال تخفيف القيود على صرف العملات الأجنبية للمصدرين.
وأقر المجلس مشروع قانون جزئي متعلق بـ"القواعد المطبقة على المعاملات التجارية في الخارج وحسابات العملات" منح بموجبه الحرية للمصدرين التصرف في أموالهم بأي عملة كانت، بعد أن كان القانون القديم يلزم المصدرين والمستثمرين بـ"تحويل آلي للعملات الأجنبية إلى الدينار الجزائري أو تحويل أقل من نصف القيمة المالية للدينار، بحسب طبيعة النشاط".
وأحدث المجلس مادة قانونية جديدة أدخل بموجبها تغييرات جديدة على لوائح الصرف الأجنبي التي أكد بأنها تهدف إلى تشجيع عملية التصدير من خلال السماح للمصدرين بالحصول على عائدات النقد الأجنبي الناتجة عن أنشطتهم.
وكذا لـ"استمالة كل الفاعلين في مجال التجارة الخارجية خاصة في قطاع الخدمات الرقمية وعبر الأنترنيت والمهنيين غير التجاريين لإدماجهم في الاقتصاد الرسمي".
وتسبب الإجراء القديم في خسائر كبيرة للمصدرين والمستثمرين المحليين دفعهم للبحث عن أسواق محلية أو لتغيير أنشطتهم التجارية، إذ كان يلزم عدة قطاعات بتحويل 60% من عائداتهم المالية من العملة الأجنبية إلى الدينار الجزائري، مع إجبارهم الإبقاء على 30% من حساب المصدرين كضمان لتغطية أي غرامات بنكية أو جمركية في حال وقوعها.
وتتجه الجزائر في خطوة ثانية بعد تعديل قانون النقد والقرض إلى فتح فروع للبنوك الحكومية في عواصم أجنبية لها شراكات استراتيجية مع الجزائر في أوروبا وأفريقيا.
ووضعت الحكومة الجزائرية منتصف 2020 خطة اقتصادية جديدة لرفع صادراتها خارد المحروقات إلى 5 مليار دولار اعتبارا من يناير/كانون الثاني 2021، ووضعت الخطوات الأولى نحو اقتحام السوق الأفريقية تجارياً عبر بوابة "السوق الحرة" في محاولة لتنويع صادراتها والبحث عن ملاذ قد يكون آمناً من "ألغام الربح المتبادل".
تعافٍ مالي ونفطي طفيف
يأتي ذلك بالتوازي مع الارتفاع الملحوظ في صادرات الجزائر من الغاز الطبيعي خلال الأشهر الأولى من هذا العام بأكثر من 100% عن السنة الماضية، والتي وصفها عملاق النفط الجزائري "سوناطراك" بـ"القفزة المعتبرة" رغم الظروف السائدة والسياق الحالي المرتبط بجائحة كورونا.
وكشفت الشركة الجزائرية، في بيان تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه، عن احتفاظ إيطاليا بصدارة صادرات الجزائر من الغاز الطبيعي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، بواقع 6.4 مليار متر مكعب، بزيادة 109% خلال الفترة نفسها من 2020.
وازدادت الضغوط المالية على الجزائر منذ 2020 بسبب جائحة كورونا واستمرار تذبذب أسعار النفط، حيث بلغت خسائرها مع نهاية السنة الماضية 10 مليارات دولار مقابل انخفاض حاد في رقم أعمال شركة سوناطراك للتصدير إلى 41 %.
ومنذ استقلال البلاد عام 1962، بقيت بقي قطاع المحروقات محتكرا لصادرات الجزائر بنحو 97 % فيما ترتكز موازنة الجزائر على 60 % من عائدات النفط.
وعجزت الحكومات الجزائرية المتعاقبة على مدار 58 سنة عن إيجاد بدائل أخرى عن الريع النفطي، وبقي اقتصاد البلاد رهينة لأسعار النفط في الأسواق العالمية، ما أدى إلى هزات اقتصادية زادت من متاعب الجزائر المالية وتآكل احتياطات صرفها التي يتوقع أن تتراجع مع نهاية العام الحالي إلى نحو 40 مليار دولار.
aXA6IDMuMTMzLjEyMy4xNjIg جزيرة ام اند امز