محللون توقعوا في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" عدم إجراء الانتخابات الرئاسية في 4 يوليو المقبل "إن استمرت الأوضاع على حالها".
قبيل نحو 3 أشهر عن موعد الانتخابات الرئاسية بالجزائر والمقررة في 4 يوليو/تموز المقبل، يرى محللون وسياسيون جزائريون تحدثوا لـ"العين الإخبارية" أن الجزائر تعيش اليوم مشهداً مشابهاً لما قبل رئاسيات 18 أبريل/نيسان الملغاة.
- 1000 قاضٍ جزائري يعلنون مقاطعة الانتخابات الرئاسية
- الحراك والجيش يُفشلان ألاعيب إخوان الجزائر لركوب الثورة
ويرى المراقبون أن المؤشرات الحالية في الساحتين السياسية والشعبية "قد تنسف موعد الرئاسيات المقبلة، وتهدد بتنظيمها في موعدها"، مرجعين ذلك إلى "انعدام الضمانات وإشراف رموز نظام بوتفليقة على الاستحقاق الرئاسي المقبل"، وهو ما رفضه الحراك الشعبي في الجمعتين الأخيرتين، إضافة إلى مختلف الأحزاب والشخصيات المعارضة.
وعلى عكس الرئاسيات التي كان مقرراً لها أن تتم 18 أبريل/نيسان، التي شهدت تدافعاً في المرشحين الذين وصل عددهم إلى 182 مرشحاً محتملاً، فقد كان الجنرال المتقاعد علي غديري الشخصية الوحيدة التي أبدت إلى حد الآن نيتها في الترشح لرئاسيات 4 يوليو/تموز المقبل.
التزمت غالبية أحزاب الموالاة والمعارضة في الجزائر الصمت، ولم تبدِ مواقف واضحة من مشاركتها في الانتخابات، فيما أعلن المعارض المثير للجدل رشيد نكاز مقاطعته للرئاسيات المقبلة، مبرراً ذلك بـ"ببقاء حكومة نور الدين بدوي التي ستشرف على تنظيمها".
بدوره، لمح علي بن فليس، رئيس حزب "طلائع الحريات" المعارض، إلى رفضه المشاركة في رئاسيات الجزائر المقبلة.
واعتبر بن فليس أن "من استدعى الهيئة الناخبة وحدد موعد الانتخابات هي جهات غير دستورية، وأنه غير معني بها ولا بالمشاورات التي دعا إليها رئيس الجزائر المؤقت عبدالقادر بن صالح"، وجدد دعوته لتمديد المرحلة الانتقالية إلى 6 أشهر.
وفي ندوة صحفية عقدها، الأحد، بالجزائر العاصمة، قال بن فليس "إنه لم يتغير أي شيء فيما يخص الترسانة القانونية وبقاء قانون الانتخابات نفسه، وانعدام هيئة مستقلة للإشراف على العملية الانتخابية"، مشدداً على أن موقفه من المشاركة في الانتخابات "هو نفسه موقف الجزائريين الرافض لها".
وأعلن حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" المعارض بالجزائر، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله، عن مقاطعته للانتخابات الرئاسية، واصفاً إياها بـ"الصورية التي يشرف عليها نفس النظام الذي يطالب الجزائريون برحيله".
كما قررت 37 بلدية جزائرية في محافظتي تيزيوزو وبجاية (شرق الجزائر)، التي يسيطر عليها الحزب، رفضها تنظيم الانتخابات المقبلة، في وقت تعتبر البلديات الجزائرية من أهم الإدارات التي تشرف على العملية الانتخابية من قوائم وتنظيم وعمليات فرز الأصوات.
من جهتهم، قرر أكثر من 1000 قاضٍ جزائري، الجمعة الماضي، مقاطعتهم الإشراف على الانتخابات الرئاسية وعملية مراجعة القوائم الانتخابية التي تضم مجمل الهيئة الناخبة بالجزائر، مبررين ذلك "برفض الحراك الشعبي استمرار رئيس الدولة المؤقت عبدالقادر بن صالح في السلطة، باعتباره واحداً من وجوه نظام بوتفليقة، إضافة إلى حكومة بدوي".
حكومة مرفوضة شعبياً
تزامن الإعلان عن موعد الانتخابات الرئاسية في الجزائر مع استمرار موجة الرفض الشعبي لبقاء رموز نظام بوتفليقة في الحكم، وقيادتهم المرحلة الانتقالية التي يحددها الدستور الجزائري بـ90 يوماً.
وخلال الجمعتين الأخيرتين خرج ملايين الجزائريين مطالبين برحيل "الباءات الأربع" في إشارة إلى رئيس الدولة المؤقت ورؤساء الوزراء والبرلمان والمجلس الدستوري.
وانتقلت أساليب رفض الجزائريين لحكومة نور الدين بدوي إلى منع وزراء الطاقم الحكومي من القيام بزيارات عمل إلى بعض المحافظات، كما حدث، الأحد، مع وزير الطاقة محمد عرقاب، عندما أجبره مئات الجزائريين بمحافظة تبسة (شرق الجزائر) على مغادرة المدينة مباشرة بعد نزول طائرته بمطار المدينة.
كما احتج، السبت، مئات من سكان محافظة بشار (جنوب غرب الجزائر) على زيارة ثلاثة وزراء من حكومة بدوي، وهم: وزراء الداخلية والموارد المائية والسكن، الأمر الذي دفعهم إلى عدم إكمال الزيارة، وسط هتافات وشعارات "رافضة لحكومة بدوي" التي وصفوها بـ"غير الشرعية وغير المرغوب فيها".
سيناريوهات مفتوحة
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية"، أشار الدكتور أبوالفضل بعجي، العضو القيادي باللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم بالجزائر، أن "الإبقاء على موعد الانتخابات المقبلة مفتوح على كل الامتحانات، ويتحدد ذلك من خلال الضمانات التي يجب أن تقدمها السلطات الجزائرية للحراك الشعبي والطبقة السياسية لضمان شفافية ونزاهة الاستحقاق الرئاسي المقبل".
وأضاف أن "هدف الجزائريين والطبقة السياسية هو الإسراع في انتخاب رئيس جديد شرعي ومنتخب بطريقة ديمقراطية الذي سيشرف على إحداث تغييرات في النظام السياسي، من خلال إحداث دستور جديد وتنظيم انتخابات برلمانية ومحلية مسبقة".
كما يرى بعجي أن "الضمان الذي يجب أن تقدمه السلطات الجزائرية هو إعادة تشكيل هيئة مستقلة للانتخابات، على أن تقوم بعمليات الإشراف والمراقبة وتنظيم العملية الانتخابية، وأن تبقى وزارة الداخلية مجرد إدارة وتقديم الدعم اللوجيستيكي فقط، على اعتبار أن مصداقيتها مشكوك فيها عند المعارضة، ومن المفروض أن الطبقة السياسية والنخب تلعبان دوراً في إقناع الشعب، وليس من مصلحة الجزائر الدخول في مرحلة خارج إطار الدستور، مفتوحة على كل الجبهات".
وعن مطالب الحراك والمعارضة برحيل الحكومة وبقية رموز نظام بوتفليقة، اعتبر القيادي في الحزب الحاكم بالجزائر أنه "عندما تتوفر هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات بقوانين وصلاحيات دستورية جديدة فلن يكون للحكومة أي تأثير في الانتخابات".
كما أن الحراك، حسب بعجي، قدم مطالبه ولكن تحقيقها يجب أن يمر عبر القنوات السياسية المتمثلة في الأحزاب، ونأمل في أن يتوفر الوعي السياسي اللازم لدى الأحزاب، وفي حال عدم توفر الضمانات المطلوبة من حق الحراك الشعبي أن يطالب بمرحلة انتقالية مشكلة من مجلس رئاسي لوقت معين لا تفوق مدته عاماً واحداً".
الحل في مطالب الحراك
المحلل السياسي محمد أرزقي فرّاد، وإحدى الشخصيات المشاركة في اجتماعات المعارضة الجزائرية الأخيرة، توقع عدم إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد، مبرراً ذلك بـ"إصرار النظام الجزائري على تطبيق المادة 102 بحذافيرها"، كاشفاً في السياق عن اجتماع رسمي ومفتوح للمعارضة الجزائرية، يوم الثلاثاء.
وقدم قراءة للأحداث الأخيرة بالجزائر، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، معتبراً أن "الوضع السياسي بالجزائر هذه المرة يختلف اختلافاً تاماً عن كل الأزمات السياسية التي مرت بها البلاد منذ استقلالها، وما حدث هو زلزال سياسي يوم 22 فبراير/شباط، من خلال خروج الملايين إلى الشوارع، أحدثه وأوجده شباب الفيسبوك ودون مشاركة الأحزاب والنقابات والجمعيات، والجيل الجديد استفاد من أمرين اثنين، هما: تراكم النظام الذي بدأ منذ 1962، وآلية الفضاء الأزرق".
وأضاف أن "هؤلاء الشباب استطاعوا أن يجندوا ويعبؤوا الشعب الجزائري برمته، فخرجوا إلى الشوارع في مسيرات سلمية، والآن موازين القوى عند الشعب، والمنطق يقول إن الحل سياسي وليس من الدستور، لأن الدستور الحالي تجاوزه الزمن وانتهى".
وأوضح أن "المادة 102 وُضعت لتطبق في الظروف العادية، في حين أن الجزائر تعيش ظروفاً استثنائية أحدثتها ثورة سلمية، وإصرار النظام على التشبث بالمادة 102 هو تجاوز وقفز على إرادة الشعب، ولا أتوقع أن تتم هذه الانتخابات الرئاسية في موعدها، خاصة أن الوزراء يُطردون أينما ذهبوا، إضافة إلى رفض القضاة وبعض البلديات الإشراف على مراقبة وتنظيم الانتخابات، ولذلك فنحن نسير بخطى ثابتة نحو الاحتقان".
ودعا فراد إلى "التعقل وأن تعود البلاد إلى الحوار ثم الحوار، والجزائر اليوم لا تملك أي مؤسسة في السلطة باستثناء مؤسسة الجيش، ولم تعد هناك سلطة قائمة لا برلمان ومجلس دستوري ولا سلطة قضائية، كل هذه المؤسسات قوض بوتفليقة أركانها، والمفروض بما أن الشعب خرج إلى الشارع فإنه من واجبات قيادة الأركان في هذه الظروف فتح حوار مع ممثلي الشعب والأحزاب السياسية والنقابات وغيرها، وليس المطلوب من الجيش تقديم خارطة طريق بل مرافقة مطالب الشعب وسبق لقايد صالح أن أكد ذلك".
واختتم المحلل السياسي القول "يبدو لي أن خارطة الطريق الحالية تسير باتجاه معاكس لإرادة الشعب، ولا أعتقد أن تجرى الانتخابات يوم 4 يوليو/تموز، ونرجو أن يستمر هذا الضغط السلمي الذي سيحقق النتيجة، وقد تتضح الصورة أكثر خلال هذا الأسبوع".
aXA6IDMuMTQ2LjM0LjE0OCA=
جزيرة ام اند امز