الجزائر بأسبوع.. تعيين رئيس مؤقت ورفض شعبي لـ"رموز بوتفليقة"
البرلمان الجزائري عين عبدالقادر بن صالح رئيساً مؤقتاً، وتم تحديد 4 يوليو لإجراء الانتخابات الرئاسية وسط تواصل المظاهرات للأسبوع الثامن.
انتهى سابع أسبوع من الأزمة السياسية في الجزائر بدخول البلاد في مرحلة انتقالية لمدة 3 أشهر تعهدت المؤسسة العسكرية بأن "تكون مرافقة لها"، فيما تواصلت الاحتجاجات الشعبية الرافضة لبقاء رموز نظام بوتفليقة ولتولي عبدالقادر بن صالح الرئاسة مؤقتاً.
- أسبوع الجزائر.. نهاية حكم بوتفليقة بتغيير سلمي يدحر أطماع الإخوان
- أسبوع الجزائر.. إسدال الستار على حقبة بوتفليقة وحراك شعبي لا يفتر
وخلال الأسبوع الماضي، كلف البرلمان الجزائري رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح برئاسة الدولة مؤقتاً لـ90 يوماً، حيث أعلنت الرئاسة الجزائرية بدء مشاورات مع الطبقة السياسية، وإجراء الانتخابات الرئاسية في 4 يوليو/تموز المقبل، فيما أعلنت وزارة الداخلية فتح أبوابها أمام المرشحين لسحب استمارات الترشح.
كما استمرت المظاهرات الرافضة لتولي بن صالح رئاسة الدولة بالنيابة، وبقاء رموز نظام بوتفليقة، خاصة الحكومة ورئيس البرلمان والمجلس الدستوري، وهي المطالب التي وصفها قائد أركان الجيش الجزائري بـ"التعجيزية"، وحذر من أطراف داخلية وخارجية تسعى "لزعزعة استقرار الجزائر".
عبدالقادر بن صالح رئيساً للفترة الانتقالية
والثلاثاء الماضي عقد المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة جلسة لإثبات حالة شغور منصب رئيس البلاد عقب استقالة عبدالعزيز بوتفليقة في 26 مارس/آذار نتيجة الضغوط الشعبية المطالبة برحيله ورموز نظامه.
- عبدالقادر بن صالح يتسلم مهام الرئاسة الجزائرية رسميا
- الرئيس الجزائري المؤقت في خطابه الأول: ملتزم بإجراء الانتخابات الرئاسية
وبعد أن أُثبت شغور منصب الرئيس رسمياً، كلف البرلمان الجزائري رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح برئاسة الدولة مؤقتاً لفترة انتقالية مدتها 90 يوماً، استناداً إلى نص المادة 102 من الدستور الجزائري.
وشهدت الجلسة مقاطعة نواب غالبية أحزاب المعارضة الجزائرية، من بينهم جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وحزب العمال، وانسحاب النواب المستقلين، فيما شارك 455 نائباً من غرفتي البرلمان الجزائري في جلسة إعلان شغور منصب الرئيس.
وخرج الرئيس المؤقت على الجزائريين في أول خطاب له متعهدا بـ"قيادة مشاورات مع الطبقة السياسية وفعاليات الحراك الشعبي والمجتمع المدني لتشكيل هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات الرئاسية القادمة".
كما اعتبر رئيس الجزائر المؤقت أن تطبيق نص المادتين 7 و8 من الدستور التي يطالب بها الحراك الشعبي تتم عن طريق "آليات سياسية محددة في تلك المشاورات وتفضي إلى لجنة مستقلة تضمن نزاهة الانتخابات، وتنظيم استحقاق رئاسي" يأتي بثامن رئيس في تاريخ البلاد.
رفض شعبي
ودخل عبدالقادر بن صالح إلى مقر الرئاسة "المرادية" على وقع مظاهرات شعبية رافضة قيادته المرحلة المقبلة، ولم تهدأ شوارع العاصمة الجزائرية ومحافظات أخرى منذ اجتماع غرفتي البرلمان.
- طلبة جزائريون يتظاهرون ضد رئاسة بن صالح للبلاد و13 نقابة تدخل في إضراب
- مظاهرات حاشدة في الجمعة الثامنة بالجزائر تطالب برحيل "الباءات الأربع"
وخلال اليوم الجمعة، وهي الثامنة على التوالي، خرج مئات آلاف الجزائريين "منذ الصباح الباكر" بجميع المحافظات للمطالبة بـ"بإسقاط جميع رموز نظام بوتفليقة"، وسميت جمعة "الحسم" وجمعة "إسقاط الباءات الأربع"، وسط تعزيزات أمنية غير مسبوقة منذ بدء الحراك الشعبي الذي أطاح بحكم بوتفليقة للبلاد بعد 20 سنة من الحكم.
وأعرب المتظاهرون عن رفضهم لما سموه "سياسة الأمر الواقع" والمتمثلة في رئاسة بن صالح للمرحلة الانتقالية، وبقاء حكومة نور الدين بدوي، كما طالبوا بمحاسبة رموز الفساد أو كما يعرف في الجزائر بـ "العصابة".
وأظهرت مظاهرات الجمعة الأولى بعد تولي عبدالقادر بن صالح رئاسة الدولة بالنيابة رفض الجزائريين "للتدخل الفرنسي في العملية السياسية"، وبرز ذلك في اللافتات الكثيرة التي حملها المتظاهرون في عدد من محافظات البلاد.
بدورها، أجمعت الأحزاب والشخصيات المعارضة على "انتقاد والتنديد" بتكليف البرلمان الجزائري عبد القادر بن صالح برئاسة الدولة مؤقتاً، ووصفت ذلك "بالانقلاب والثورة المضادة على الإرادة الشعبية".
الجيش يضمن ويحذر
وخلال تلك التطورات، أعلنت قيادة أركان الجيش الجزائري "وقوفها ودعمها مطالب الحراك كاملة غير منقوصة"، كما تعهدت بأن "يضمن الجيش الجزائري مرافقة المرحلة الانتقالية في ظل الثقة المتبادلة بينه وبين الشعب"، وشدد على أن "المرحلة الحاسمة تقتضي التحلي بالوعي والصبر والفطنة من أجل تحقيق المطالب الشعبية والخروج بالبلاد إلى بر الأمان".
وأكد قايد صالح، في كلمته، "أن سير المرحلة الانتقالية المخصصة لتحضير الانتخابات الرئاسية، سيتم بمرافقة الجيش الوطني الشعبي، الذي سيسهر على متابعة سير هذه المرحلة، في ظل الثّقة المتبادلة بين الشعب وجيشه، في جو من الهدوء وفي إطار الاحترام الصارم لقواعد الشفافية والنزاهة وقوانين الجمهورية".
كما تعهدت قيادة الجيش بـ"إعادة فتح ملفات فساد سابقة"، وكشف أن "العدالة الجزائرية استرجعت كافة صلاحياتها"، وكلها كانت من بين أبرز المتظاهرين منذ بدء الحراك قبل نحو شهرين.
كما حملت كلمة قائد أركان الجيش الجزائري تحذيرات "شديدة اللهجة" لأطراف خارجية وداخلية من "مغبة زعزعة استقرار الجزائر"، وحذر الجزائريين من "أطراف أجنبية تملك خلفيات تاريخية تحاول ضرب استقرار الجزائر وزرع الفتنة".
توقيت الرئاسيات
ومباشرة بعد إعلان الرئاسة إجراء الانتخابات الرئاسية في 4 يوليو/تموز المقبل، أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية فتح باب الترشح، فيما كان الجنرال المتقاعد علي غديري أول من أعلن نيته الترشح للاستحقاق الرئاسي، وسط صمت مطبق مع أحزاب الموالاة والمعارضة.
واعتبر عدد من المراقبين والمحللين السياسيين لـ"العين الإخبارية" أن اختيار توقيت 4 يوليو لإجراء الانتخابات الرئاسية في الجزائر كان "بمثابة الضمان الذي قدمته السلطات الجزائرية للمتظاهرين"، بالنظر إلى تزامنه مع الذكرى الـ57 لاستقلال الجزائر.
ويرى مراقبون أن تمسك قيادة الجيش الجزائري بمواد الدستور كمخارج للأزمة الحالية، له مبرراته "الأمنية".
وذكر عدد منهم لـ"العين الإخبارية" أن "الجيش لا يمكنه في الوقت الحالي تقديم معطيات أمنية حساسة عن تحركات جهات داخلية وخارجية لفرض أجندتها والعودة إلى واجهة الساحة السياسية كما كانت عليه منذ تسعينيات القرن الماضي".
وفيما رفض عدد منهم التدخل المباشر للجيش في الحياة السياسية، والذي يعتبر الهدف الرئيسي للدولة العميقة"، رأى آخرون أن "الإبقاء على رموز نظام بوتفليقة لا يقل خطراً على مستقبل البلاد من الجهات الخارجية وأذرعها الداخلية".