الحراك والجيش يُفشلان ألاعيب إخوان الجزائر لركوب الثورة
الإخواني جاب الله يدعو الجيش الجزائري للتدخل، ومصادر أمنية لـ"العين الإخبارية": "دور مشبوه في محاولة لتوريط الجيش لصالح أطراف خارجية".
شلت التحركات الشعبية السلمية في الجزائر المستمرة منذ 22 فبراير/شباط الماضي حركة وأطماع جماعة الإخوان وانتهازيتها السياسية المألوفة، حسبما يرى المتابعون للشأن الجزائري.
- أسبوع الجزائر.. نهاية حكم بوتفليقة بتغيير سلمي يدحر أطماع الإخوان
- قائد أركان الجيش الجزائري يتهم أطرافا أجنبية بمحاولة زعزعة استقرار البلاد
ولم تكن مظاهرات الجزائريين طوال الأسابيع السبعة الماضية استفتاءً شعبياً "فقط" على رحيل رموز نظام بوتفليقة، بل كان استفتاءً شعبياً "أيضا" على رفض مكونات الطبقة السياسية وأحزابها، و"نبذ" الإخوانية منها.
حراك شعبي يقول المراقبون إنه "ابتُلي" في بداياته بأسوأ ما يحتويه المشهد السياسي بالجزائر، من "أنياب الإخوان المسمومة والنية المبيّتة للأحزاب الموالية للدولة العميقة ولمحيط بوتفليقة"، وما جمع بينهم أجندات تحريك الحراك "بأطماع وأحقاد ذاتية ضيقة".
غير أن "اللغة السلمية لحراك الجزائريين الرسمية والمقدسة" هي التي حركت هذه الجهات بحسب المتابعين بعد أن حشرتها في زاوية مكشوفة، كان فيها الحراك متسلحاً بوعي تجاربه السابقة والوقوف مع المؤسسة العسكرية التي أربك تخندقها مع مطالب الحراك جميع الأطراف الساعية لإخراجه عن سلميته على الأقل، كما يرى كثير من الجزائريين.
الإخوان.. من العداء للجيش إلى مغازلته المشبوهة
غير أن ارتباك الإخوان ظهر جلياً وكان الأبرز فيما يحدث مؤخراً بالجزائر، وانتقلوا من "شيطنة أي دور للجيش" إلى "مغازل له"، بشكل جعل رواداً على مواقع التواصل الاجتماعي يصفون ذلك بـ"الزهايمر السياسي الذي أصاب إخوان الجزائر".
- بالصور.. الإخوان في قائمة "المطَالبين بالرحيل" بمظاهرات الجزائر
- واقعة طرد جاب الله.. عندما يلفظ الجزائريون الإخوان
البداية من آخر مواقف إخوان الجزائر، التي صدرت السبت عن الإخواني عبدالله جاب الله رئيس حزب العدالة والتنمية الإخواني، والذي "ادعى" فيه "وقوفه مع المؤسسة العسكرية في وجه محاولات فرنسا التدخل في الأزمة الحالية"، وقال "إن الجزائريين مستعدون لتقديم المزيد من الشهداء لإخراج بقايا فرنسا من البلاد" على حد زعمه.
وذكر مراقبون لـ"العين الإخبارية" أن موقف الإخواني جاب الله "لم يكن إلا محاولة للتملص من علاقة أقرب المقربين منه في الحزب مع الدولة العميقة" أو كما تسمى في الجزائر "حزب فرنسا"، وهي الجهة التي اتهمها قائد أركان الجيش الجزائري في كلمته الأسبوع الماضي بمحاولة "زعزعة استقرار الجزائر واستغلال المظاهرات الشعبية لخلق فتنة وفوضى"، الأمر الذي فتح أبواب الشكوك على مصراعيها على "دور جاب الله المشبوه في تعقيد الأزمة الحالية بالجزائر".
ولأن "تغيير المواقف من النقيض إلى النقيض سمة مشتركة عند إخوان الجزائر"، ذكر الإخواني جاب الله في تصريحه أيضا أن "المؤسسات العسكرية بكل الدول التي شهدت ما شهدته الجزائر كانت هي الفيصل، وهي التي حسمت الأمر لصالح الشعوب، لأنها تمتلك القوة وتمتلك الإرادة وأدوات الفعل لتحقيق ذلك".
غير أن ذلك لم يكن موقف "عجوز الإخوان" عندما تدخلت جيوش لحسم الأمر لصالح شعوبها كما حدث في بعض الدول، واعتبر الإخواني جاب الله حينها تدخل الجيوش "انقلاباً على الشرعية".
وسبق لـ"جاب الله" انتقاد تدخل الجيش الجزائري في وقف المسار الانتخابي عام 1992 بعد "تغول الجبهة الإسلامية للإنقاذ الإخوانية وحملها السلاح في وجه الجيش الجزائري"، وحافظ على "تلك الأسطوانة المهترئة" في كل خطاباته وحتى حملاته الانتخابية التي بقي "فيها وفياً للتحذير من تدخل الجيش في السياسة".
موقف صنفه كثيرون في خانة "مرض النفاق المزمن الذي يلازم إخوان الجزائر"، ويقول كثير من الجزائريين إن "جاب الله يحاول إقناعهم بأن تدخل الجيش لصالحهم حلال وضد طغيان الإخوان في دول أخرى حرام".
وما يؤكد موقف "الحق الذي يراد به باطل" الذي صدر عن الإخواني جاب الله هو دعوته الجيش الجزائري "للتدخل وتعطيل العمل بالدستور وحماية إرادة الشعب" على حد زعمه.
خديعة "إخوانية" لتوريط الجيش
"زيف فتوى جاب الله السياسية" أثبته تصريح قائد أركان الجيش الجزائري الأربعاء الماضي الذي أكد فيه "مرافقة المؤسسة العسكرية للمرحلة الانتقالية" والذي اعتبره المراقبون "أكبر ضمان قدمه الجيش الجزائري منذ بدء الأزمة السياسية".
- بالفيديو.. متظاهرو الجزائر يطردون "عجوز الإخوان": ارحل يا جاب الله
- محللون: رهان إخوان الجزائر على ركوب موجة الاحتجاجات "سيبوء بالفشل"
وقال قايد صالح: "ومع انطلاق هذه المرحلة الجديدة واستمرار المسيرات، سجلنا للأسف، ظهور محاولات لبعض الأطراف الأجنبية، انطلاقاً من خلفياتها التاريخية مع بلادنا، لدفع بعض الأشخاص إلى واجهة المشهد الحالي وفرضهم كممثلين عن الشعب تحسباً لقيادة المرحلة الانتقالية، وتنفيذ مخططاتهم الرامية إلى ضرب استقرار البلاد وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، من خلال رفع شعارات تعجيزية ترمي إلى الدفع بالبلاد إلى الفراغ الدستوري وهدم مؤسسات الدولة، بل كان هدفهم الوصول إلى إعلان الحالة الاستثنائية، وهو ما رفضناه بشدة منذ بداية الأحداث، فمن غير المعقول تسيير المرحلة الانتقالية دون وجود مؤسسات تنظم وتشرف على هذه العملية، لما يترتب على هذا الوضع من عواقب وخيمة من شأنها هدم ما تحقق، منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، من إنجازات ومكاسب تبقى مفخرة للأجيال".
ومن خلال مقارنة التصريحين، يتضح -بحسب المراقبين- أن رسالة قائد أركان الجيش الجزائري كانت موجهة بالدرجة الأولى لمبادرة المعارضة الجزائرية التي طرحها الإخواني عبدالله جاب الله ودافع عنها أكثر من بقية الموقعين عليها، وهي المبادرة التي دعا فيها إلى "الخروج عن الإطار الدستوري وتشكيل هيئة انتقالية مكونة من شخصيات يقبلها الحراك"، على حد زعمه.
في وقت أكد فيه الناشط السياسي سيف الدين بن عطية، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أنه "كان من بين المطلعين على تلك المبادرة ساعات قبل الكشف عنها، وأن الدولة العميقة هي من تقف وراءها وسلّمت نصها للمعارضة لتبنيها وأملك أدلة على ذلك".
وأظهرت الأحداث أن الإخواني جاب الله كان من أكثر المدافعين عن تلك المبادرة، وتجدد ذلك في تصريحه الأخير الذي دعا فيه الجيش الجزائري للتدخل، وبات بذلك بحسب كثير من المتابعين "الناطق الرسمي باسم الدولة العميقة" المتهمة بـ"العمالة لفرنسا"، وما زاد من شكوك الكثيرين "علاقة أقرب المقربين منه بذلك الجناح المنبوذ شعبياً"، والذي لمّح له قائد أركان الجيش الجزائري في خطاباته الأخيرة.
كما أن دعوة الإخواني جاب الله الجيش الجزائري للتدخل في الأزمة الحالية يؤكد بحسب المراقبين "محاولة لتوريط الجيش الجزائري من قِبل أطراف داخلية وخارجية ليكون مدخلاً سهلاً للتدخل في شؤون الجزائر تحت ذريعة الانقلاب العسكري". وأكدت مصادر أمنية جزائرية لـ"العين الإخبارية" أن ذلك "يندرج في إطار مخطط داخلي وخارجي تقوده أحزاب سياسية ونواب في البرلمان يحاولون تشويه سمعة الجيش الجزائري في نظر الحراك الشعبي".
وأضافت أن "الجهات التي تدعو صراحة لتدخل الجيش تحاول استثمار الضغوط الخارجية التي تواجه المؤسسة العسكرية الجزائرية، والإصرار على تدخل الجيش بالشكل الذي طرحه الإخواني جاب الله هو آخر الأوراق التي يريد الجناح المستهدِف للجيش لعبها بهدف التشويش على حربه الضروس التي يقودها ضد أطراف خارجية بمساعدة عملائهم في الداخل".
وشددت المصادر ذاتها على "أن إعلان قايد صالح فتح ملفات الفساد التي لن تستثني أحداً، تعني سحب البساط من تحت الجهات الداعية لتدخل الجيش، وأن كشف ومحاسبة من يقف وراءهم تعني نهايتهم سياسياً، بعد أن ظلت لعقود الحائط الذي اتكأت عليه".
كما أن "المكلفين" بدعوة الجيش للتدخل من قبل تلك الأطراف –تضيف المصادر– "يسعون لتجنيب رموز النظام السابق للحساب بعد إدخال الجزائر في فوضى، مستغلين في ذلك تدخل الجيش المباشر في الأزمة الحالية، وهو ما تفطنت له قيادة الجيش الجزائري، من خلال محاولة توريطها في خطوة غير محسوبة العواقب".
وما يؤكد أيضا -بحسب المراقبين- التخبط الذي بات الإخواني جاب الله يعيشه تصريحه الأسبوع الماضي الذي تحول إلى "مادة دسمة لسخرية الجزائريين عبر مواقع التواصل"، وزعم جاب الله فيه "أنه من يقف وراء رسم خارطة الطريق للحراك الشعبي، وأن الأخير تبنى تلك الخارطة في مسيراته المليونية"، ووصف ذلك بـ"الإنجاز العظيم".
ورد جزائريون بالقول، عبر مواقع التواصل، إن "جاب الله لم يصنع شيئاً يذكر طوال مشواره السياسي ويأتي في الوقت بدل الضائع ليدعي أنه مخترع نظرية الحراك الشعبي".
يذكر أن الإخواني جاب الله الذي طرده الجزائريون من المظاهرات "بشكل مهين"، يعد من أقدم الوجوه في الساحة السياسية الجزائرية، والتي يقول الجزائريون "إنهم ملوا منها ومن خطاباتها التي تجاوزها الزمن والأحداث والبعيدة تماماً عن واقع الجزائريين والقريبة جداً من الهوس والطمع في حكم الجزائر".
وكان أول ظهور له سنة 1989 عندما أسس ما يعرف بـ"حركة النهضة الإسلامية"، وكشف عدد من أتباعه في تصريحات مختلفة لوسائل إعلام جزائرية "نهجه الديكتاتوري داخل الأحزاب التي شكلها ومقته للرأي الآخر، وكلما طالبوا وضغطوا من أجل التغيير داخلها إلا ولجأ إلى تأسيس حزب جديد" والتي بلغ عددها حتى الآن 3 أحزاب.
aXA6IDMuMTQ3Ljg5LjUwIA== جزيرة ام اند امز