الجزائر تحظر التمويل الأجنبي على إعلامها
وزارة الإعلام الجزائرية تتهم جهات أجنبية أطلقت مسارات "العصرنة" و"الدمقرطة" بتمويل إذاعة محلية، وتسريبات تؤكد تورط قطر في تمويل بعضها
قررت الجزائر "إعادة تفعيل" النصوص القانونية التي تمنع بموجبها جميع وسائل الإعلام المحلية من الحصول على التمويل الأجنبي "مهما كانت طبيعتها أو مصدرها".
- قانون بالجزائر يمنع تبادل الهدايا بين المسؤولين
- سخرية جزائرية لاذعة من غياب الأحزاب.. "تبحث عن دواء كورونا"
وأعلنت وزارة الاتصال (الإعلام) الجزائرية، مساء السبت، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله، أن "التمويلات الأجنبية للصحافة الوطنية على اختلاف وسائطها ممنوعة منعا باتا مهما كانت طبيعتها أو مصدرها".
وذكّرت بالمواد القانونية التي تنص على المنع في "قانون الإعلام والسمعي البصري" الذي "لم يطبق حتى الآن" رغم مصادقة البرلمان الجزائري على مشروع القانون سنة 2014.
وأشارت بأن "هذه التمويلات ممنوعة بموجب القانون العضوي رقم 12-05 المؤرخ في 12 يناير سنة 2012 المتعلق بالإعلام، والقانون رقم 14-04 المؤرخ في 24 فبراير 2014 المتعلق بنشاط السمعي البصري".
ووفق المادة الـ29 من قانون الإعلام الجزائري، فإنه "يمنع الدعم المادي المباشر وغير المباشر الصادر عن أي جهة أجنبية لجميع وسائل الإعلام".
كما تطرق البيان للقنوات التلفزيونية والإذاعية المحلية التي تبث عن طريق "الهرتز أو الساتل" والقنوات التلفزيونية عبر الإنترنت، حيث أشار إلى النص القانوني الذي يشترط أن "يكون رأس المال الاجتماعي وطنيا خالصا، وأن يتم إثبات مصدر الأموال المستثمرة".
وحذرت مختلف وسائل الإعلام الجزائرية بـ"التطبيق الصارم للعقوبات المنصوص عليها في القوانين الخاصة" في حال عدم احترام القانون، والتي تصل إلى حد "تشميع المؤسسة الإعلامية وفرض غرامات مالية".
ودعت وزارة الإعلام الجزائرية "جميع" وسائل الإعلام المحلية بمختلف أنواعها ووسائطها إلى "الاحترام الصارم" للقانون وفيما يتعلق بالتمويلات الأجنبية.
وألمحت الوزارة إلى احتمال "دسترة منع التمويل الأجنبي للإعلام المحلي" في التعديل الدستوري المقبل.
وأوضح البيان أنه و"في انتظار تعديل النصوص التشريعية والتنظيمية التي تُسير قطاع الصحافة والاتصال بناء على الدستور القادم، ومراعاة لسياق يشهد تحولات سريعة ومستمرة في القطاع، تدعو وزارة الاتصال جميع فواعل الصحافة الوطنية إلى الاحترام الصارم للقوانين السارية في مرحلة الانتقال الحالية".
وأشار بيان وزارة الاتصال الجزائرية إلى إحدى الإذاعات الخاصة التي تتخذ من العاصمة مقراً لها، ويتعلق الأمر بـ"إذاعة أم" التي "تقرر تطبيق القانون عليها"، في إشارة إلى "حصولها على تمويل خارجي".
وكشفت بأن هذه الإذاعة تم إطلاقها "بعد جمع لأموال يُحتمل أنه تم في إطار عملية تمويل جماعي، وعبر هبات من الخارج تقدمت بها هيئات تشتغل على تعزيز المسارات التي تسمى بـ(العصرنة) و(الدمقرطة)"، في إشارة إلى منظمات حقوقية حكومة وغير حكومية أوروبية.
ووصفت الإذاعة بأنها "عنصر تابع للقوة الناعمة وبالذراع الثقافية والإعلامية لدبلوماسيات أجنبية تشتغل ضمن هذه المسارات التي يطلق عليها بمسارات "الدمقرطة" في بلدان الجنوب من خلال تشجيع عناصر يتم انتقاؤهم بعناية، إذ يتم اعتبارهم كأعوان تأثير فعليين أو احتماليين يتعين تشجيعهم ودعمهم". وفق ما جاء في البيان.
وإذاعة "M" هي إذاعة خاصة أنشئت تزامنا مع الحراك الشعبي في الجزائر العام الماضي، واستضافت عددا من المعارضين والنشطاء السياسيين والحقوقيين، وكان مراسل "صحفيون بلا حدود" خالد درارني واحدا من طاقمها الصحفي، ويوجد حاليا رهن الحبس الاحتياطي بتهمة "التجمهر غير المرخص"، فيما أشارت مصادر إعلامية إلى أن الأمر مرتبط بعلاقته مع المنظمة غير الحكومية.
وعادت إلى واجهة الأحداث في الجزائر منذ العام الماضي مسألة "التمويل الأجنبي الخفي لبعض وسائل الإعلام المحلية" منذ سنوات، فيما برزت أخرى بالتوازي مع الحراك الشعبي.
وتشير مختلف التسريبات والمعلومات إلى أن "قطر هي أكثر الجهات الأجنبية الممولة لبعض وسائل الإعلام المحلية في الجزائر، وعملت على خلق مواقع إلكترونية جديدة خلال الحراك الشعبي، وزودتها بإمكانيات مادية كبيرة وتقنيات حديثة، بعد أن افتضح أمر أبواقها الإعلامية، التي حاولت تهييج الشارع الجزائري بشكل أكبر خلال الأزمة السياسية العام الماضي".
كما تسربت وثائق فضحت تمويل النظام القطري بعض القنوات التلفزيونية الجزائرية الإخوانية المعارضة خارج البلاد، بينها قناة "المغاربية" التي سارعت إلى تغيير اسمها بعد ذلك.
وسبق للمسؤولين الجزائريين، وعلى رأسهم الرئيس عبدالمجيد تبون، أن اتهم أطرافا أجنبية باختراق الحراك الشعبي، فيما يرى متابعون أن عمليات الاختراق كانت "على أكثر من صعيد"، بينها بعض وسائل الإعلام المحلية التي تمولها قطر ودوائر فرنسية مشبوهة، بعد تراجع مصالحها ونفوذها في الجزائر.
ويعتبر القانون الجزائري الحالي جميع القنوات التلفزيونية الجزائرية الخاصة "مكاتب لقنوات أجنبية" بعد تجميد قانون السمعي البصري من قبل نظام بوتفليقة لأسباب بقيت مجهولة.