حرائق غابات الجزائر.. ملحمة التضامن تتحدى ألسنة النيران
مع كل أزمة تولد الهمة، ومع كل همة يُخمد لهيب الصدمة والحاجة، هي ملحمة التضامن التي تعيشها الجزائر بعد حرائق الغابات.
واجتاحت الجزائر، منذ الأسبوع الماضي، حرائق مهولة وغير مسبوقة بـ20 محافظة كاملة، خلفت مقتل أكثر من 90 شخصاً وأتت على مئات الهكتارات من المحاصيل الزراعية والثروة الغابية.
- ظاهرة صادمة بحرائق غابات الجزائر.. ألسنة لهب أم مخلوقات نارية؟
- حرائق الغابات بالجزائر.. بمَ وصف رئيس البلاد الضحايا؟
صدمة تلك الحرائق لم تؤثر فقط على أهالي تلك المدن المتضررة معنوياً وبشرياً ومادياً، بل أفجعت وأحزنت كل الجزائريين حتى أولئك المتواجدين بالمهجر.
ودون اتفاق مسبق، تجددت قيمة التضامن والتكاتف والتكافل الاجتماعية في الجزائر، هبات تضامن من كل حدب وصوب، وعلى كل الأنواع، تقاطرت على المدن والقرى المتضررة، خصوصاً في تيزيوزو وبجاية وجيجل.
ملحمة التضامن
مشاهد ومشاعر سمّاها الجزائريون عبر منصات التواصل بـ"ملحمة التضامن" التي أطفأت لهيب صدمة الحرائق وحاجة الأهالي المتضررة التي خسرت قوتها، حتى إنها باتت منعزلة عن العالم الخارجي.
وتسببت الحرائق المهولة في انقطاع شبكات الكهرباء والغاز والمياه والإنترنت والهاتف، وحتى احتراق المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية، فيما باتت عشرات العائلات في العراء بعد احتراق منازلها أو خوفاً من عودة النيران.
كارثة مكتملة الأركان حاصرها واحتواها الجزائريون بملاحم تضامن تجند لها المئات من معظم المدن وحتى من خارج البلاد مع الجالية بالمهجر، شارك بها الفقير قبل الغني، وسقطت معها ألقاب النجوم ليتحول كل مشارك في حملات التضامن إلى نجم لا يقل عن نجوم الرياضة والفن الذين هبوا أيضا لمساعدة أهالي المدن والقرى المتضررة من حرائق غابات الجزائر.
"من خيرك يعيش غيرك"
لم تكن لحملات التضامن مع المتضررين من حرائق الغابات عناوين أو طرق موحدة، هب الجميع على طريقته لتقديم يد المساعدة من معظم مناطق الجزائر، كان ذلك السقف الموحد لملحمة التضامن.
"من خيرك يعيش غيرك" واحدة من عناوين التضامن التلقائية الكثيرة، نموذج عن قيمة التكافل الاجتماعي بالجزائر التي اختارها وقررها شباب في مقتبل العمر.
هي حملة أطلقها شباب متطوعون في شوارع الجزائر العاصمة لجمع التبرعات لصالح المتضررين من حرائق غابات ولاية تيزيوزو.
مجموعة من الشباب تحدوا خطر كورونا ودرجات الحرارة القياسية التي وصلت إلى 47 درجة بالعاصمة، جمعوا بعضهم ونظموا أنفسهم في أفواج، وانتشروا في معظم شوارع العاصمة، حاملين لافتات مكتوبا عليها: "جمع التبرعات لإخواننا المتضررين من الحرائق".
اليد في اليد
وعبر منصات التواصل انطلقت حملة تحت عنوان: "#تحيا_الجزائر_اليد_في_اليد"، لتشق طريقها إلى الواقع، بحملات تضامن واسعة كانت حتى من أقاصي الصحراء الجزائرية.
ومن خلال المشاهد والصور والمعلومات التي رصدتها "العين الإخبارية"، فقد كانت هبة الجزائريين التضامنية مع المتضررين من حرائق الغابات أكبر من المتوقع، وعلى قدر كارثة الحرائق، تجندت لها أحياء شعبية ومواطنون وجمعيات خيرية ومؤسسات خاصة.
ووصلت إلى المناطق المتضررة في ظرف قياسي قوافل مساعدات هائلة، متمثلة في المياه المعدنية والأغطية والأفرشة والخيم، ومختلف أنواع المواد الغذائية، حتى حفاضات الأطفال والأدوية وكل ما يحتاجه الإنسان في هذا الظرف الصعب، وفره الجزائريون بحملات تضامنهم مع الأهالي المتضررين من كارثة حرائق الغابات.
واللافت أن القوافل المتنقلة خاصة إلى تيزيوزو شارك بها مواطنون عاديون بسياراتهم السياحية إلى الشاحنات ذات الحمولة الكبيرة.
جالية الجزائر بالمهجر لم تنتظر النداء، فلبته دون سابق إنذار، كما هو الحال مع الجالية بفرنسا، التي جمعت تبرعات مالية تعدت قيمتها مليون يورو في ظرف يومين، فيما مازالت العملية متواصلة.
كما توحدت الجالية الجزائرية بمختلف دول العالم في هشتاق "#صلوا_من_أجل_الجزائر (#prayforAlgeria)، أكدوا من خلاله ارتباطهم الروحي بوطنهم مهما كانت ظروفه، ودعوا من خلاله إلى تكثيف حملات التبرع لإرسالها إلى المناطق المتضررة.
وكشفت وزارة الداخلية الجزائرية عن حجم المساعدات التي وصلت إلى متضرري ولاية تيزيوزو من 11 محافظة فقط، والتي وصلت إلى 150 طناً من المساعدات في ظرف يومين.