تأشيرات «مرفوضة» وإقامات «معلقة»..الجالية الجزائرية بفرنسا تقاسي غبار الأزمة

فصل جديد من التوتر في العلاقات بين باريس والجزائر أربك حسابات جالية الدولة العربية في فرنسا.
وقال خبراء سياسيون فرنسيون إن تصاعد التوتر الدبلوماسي بين باريس والجزائر يُنذر بمزيد من التعقيد في العلاقات بين البلدين، مما قد ينعكس بشكل مباشر على الجالية الجزائرية ومزدوجي الجنسية المقيمين في فرنسا، الذين يعيشون اليوم حالة من القلق وعدم اليقين إزاء مستقبلهم الإداري والمهني.
وفي خطوة مفاجئة وُصفت بأنها "رد بالمثل"، أعلنت باريس، مساء الثلاثاء الماضي، طرد 12 موظفًا قنصليًا جزائريًا، واستدعت سفيرها للتشاور.
وجاء الإجراء بعد يوم واحد فقط من إعلان الجزائر طرد 12 موظفًا دبلوماسيًا فرنسيًا من أراضيها، في قرارين متتاليين أثارا تساؤلات حول مستقبل العلاقات الثنائية.
وقال جان-نويل فرييه، الأستاذ في معهد الدراسات السياسية في مدينة بوردو الفرنسية لـ"العين الإخبارية"، إن الجالية الجزائرية في فرنسا ستدفع ثمن التوترات الحالية بين البلدين.
وأوضح أن ملايين الجزائريين من حاملي الجنسية المزدوجة والمقيمين في فرنسا سيتأثرون من هذه التوترات، خاصة الذين يريدون جلب ذويهم من الجزائر.
من جانبه، حذر الفرنسي الجزائري هشام لهميسي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، من أن صعود أقصى اليمين في فرنسا وتأثيره على سياسات الهجرة سيزيد من تعقيد العلاقات مع الجزائر.
وأشار إلى أن "تحالفات أقصى اليمين في فرنسا تؤثر على قرارات الحكومة، مما يؤدي إلى تدهور العلاقات مع الجزائر"، موضحًا أن هذه السياسات تُثير قلق الجالية الجزائرية في فرنسا، خاصة فيما يتعلق بتجديد تصاريح الإقامة والتأشيرات.
وفي ظل هذه التوترات، يشعر العديد من الجزائريين في فرنسا بالقلق بشأن مستقبلهم، خاصة مع تأخر أو رفض طلبات التأشيرات وتصاريح الإقامة الخاصة بهم.
وأعرب بعضهم عن مخاوفهم من أن تؤدي هذه الأزمات الدبلوماسية إلى تقويض حقوقهم القانونية والاجتماعية في فرنسا.
شهادات الجالية الجزائرية
وكانت قناة "فرانس إنفو" التلفزيونية الفرنسية قد نقلت شهادات ومخاوف من أفراد في الجالية الجزائرية في فرنسا، إذ يجد الشاب الجزائري المقيم في فرنسا، عبد الرحمن، نفسه مضطرًا لتأجيل لقائه مع عائلته، فبعد انتظار دام شهرين، رُفض طلب تأشيرة والدته من قبل السلطات الفرنسية، رغم أنها سبق أن حصلت على تأشيرتين في مناسبتين سابقتين.
وقال الطالب الجزائري البالغ من العمر 27 عامًا، الذي لم يرَ والديه منذ قدومه إلى فرنسا قبل 18 شهرًا: "السلطات الفرنسية قالت إن المستندات غير صالحة، رغم أنها استخدمت نفس الأوراق من قبل.. أمي كانت حزينة لكنها لم تتفاجأ، فعندما تتنازع دولتان، نتوقع مثل هذا الوضع".
وتابع: "والديّ لم يعودا قادرين على زيارتي، والمساعدات المالية تتأخر في الوصول بسبب مشكلات مصرفية. الوضع كان سيئًا من قبل، لكنه يزداد سوءًا".
وقال وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو عبر إذاعة "إر تي إل": "إذا استمرت الجزائر في رفض استقبال مواطنيها المبعدين، سنصعّد.. لدينا أدوات عدة منها التأشيرات والاتفاقيات الثنائية".
ورغم ذلك، لا يُخفي بعض أفراد الجالية الجزائرية عدم مبالاتهم إزاء الأزمة، إذ قال الشاب رابح، فرنسي من أصل جزائري: "بالنسبة لي، هذه الأزمة مجرد مسرحية، استعراض عضلات لا أكثر".
وأضاف كمال، وهو مهاجر مقيم في فرنسا منذ نحو 40 عامًا: "تعودنا على الأزمات بين فرنسا والجزائر، ننتظر مرور العاصفة".
لكن في المقابل، يقول ياسين بوزيدي، المسؤول في جمعية "الطلبة الجزائريين في فرنسا (ECAF)"، إنهم تلقوا شكاوى من طلاب أشاروا إلى تباطؤ في معالجة ملفات الإقامة.
وأضاف: "رغم أننا لا نستطيع تأكيد أن السبب المباشر هو الأزمة، إلا أن المناخ الحالي يسبب توترًا حقيقيًا"، ففي عام 2024، انخفض عدد بطاقات الإقامة الممنوحة لأول مرة لمواطنين جزائريين بنسبة 9.1%، بينما ارتفعت نسبة التجديدات بـ24.3%.
وأضاف بوزيدي: "نحاول طمأنة الطلاب المترددين في السفر إلى الجزائر خوفًا من عدم السماح لهم بالعودة".
aXA6IDE4LjIyMS43MC4xNyA= جزيرة ام اند امز