تنسيق جزائري فرنسي لوقف الحرب في ليبيا ومحاربة الإرهاب بالساحل
5 ملفات حملها وزير الخارجية الفرنسي للجزائر أبرزها الأزمة الليبية ومكافحة الإرهاب في الساحل والعلاقات الاقتصادية.
اتفقت الجزائر وباريس على تكثيف التنسيق لوقف إطلاق النار في ليبيا والعودة إلى طاولة الحوار بين فرقائها، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل الأفريقي.
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في مؤتمر صحفي بالجزائر العاصمة، صباح الثلاثاء، مع نظيره الجزائري صبري بوقادوم، أنه اتفق مع المسؤولين الجزائريين على التعاون لوقف إطلاق النار والعودة للحوار في ليبيا.
ووصف لودريان الدور الجزائري في المنطقة بـ"قوة السلام"، وأكد أنها "قوة توازن وسلام في المنطقة، ولها كلمة مسموعة يمكن الاستثمار فيها".
واتفق البلدان على تكثيف التعاون بينهما لمحاربة الإرهاب في الساحل، وهي التي كانت من النقاط الخلافية، حيث أشار مراقبون إلى أن الجزائر "متحفظة على الوجود الفرنسي القريب من حدودها في منطقة الساحل وتعده تهديداً صريحاً لأمنها القومي".
كما أثنى وزير الخارجية الفرنسي على دعوة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الطبقة السياسية والحراك الشعبي للحوار الوطني الشامل.
وأوضح بأن الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي باشرها تبون "تحمي الحريات العامة وحرية التعبير"، مشيرا في السياق إلى أن الجزائر "عاشت مرحلة مهمة وصعبة في تاريخها العام الماضي".
وشدد على أن "الشعب الجزائري وحده من قرر مصيره".
وأقر وزير الخارجية الفرنسي "ضمنياً" بوجود أزمة في العلاقات مع الجزائر، وصرح بأن بلاده "تتطلع لتحسين العلاقات مع الجزائر خلال هذا العام".
وكشف وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم في المؤتمر الصحفي عن أجندة زيارة وزير الخارجية الفرنسي، والتي تركزت في 5 ملفات كبرى مرتبطة بالعلاقات الثنائية والوضع الإقليمي.
ووصف بوقادوم التنسيق مع باريس في الأزمتين الليبية والمالية بـ"الضروري"، لكنه ربط ذلك بـ"التعليمات التي يسطرها الرئيس عبدالمجيد تبون والوزير الأول عبدالعزيز جراد".
كما تطرق الجانبان لملف الأرشيف الفرنسي المنهوب خلال استعمار الجزائر (1830 – 1962) وملف الذاكرة دون أن يعطي وزير الخارجية الجزائري تفاصيل أخرى عن واحد من أكثر الملفات العالقة بين البلدين.
وتباحث بوقادوم ولودريان أيضا حول ملف إجراءات التأشيرة وتسهيلها "وفق ما يتناسب مع علاقات البلدين"، خاصة وأن باريس فرضت قيوداً في منح التأشيرة للجزائريين العام الماضي، وهو ما اعتبرته الجزائر "خرقاً" لاتفاق 1969 الذي "يمنح الجزائريين امتيازات في الحصول على التأشيرة الفرنسية".
ومن بين المواضيع التي نوقشت بين وزيري خارجية الجزائر وفرنسا قضية "حرية ممارسة الشعائر الدينية" الذي أثار كثيرا من الجدل العام الماضي، بعد قرار السلطات الجزائرية هدم بنايات فوضوية في منطقة القبائل حولها أشخاص مجهولون إلى كنائس بدون رخصة، كما ذكرت وزارة الداخلية الجزائرية.
وأعلن صبري بوقادوم عن اتفاقه مع نظيره الفرنسي على "تسريع آليات التعاون الاقتصادي خاصة في المجال الصناعي"، بالإضافة إلى بحث الاستثمارات الفرنسية.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي أن الاستثمارات يجب أن تكون في "إطار شراكة رابح – رابح"، بعد سنوات من انتقاد الجزائر لطبيعة الاستثمارات الفرنسية والتي اعتبرها "في صالح الجانب الفرنسي".
وتقارب الاستثمارات الفرنسية بالجزائر سنوياً نحو 250 مليون دولار، ما جعلها "أول مستثمر بالجزائر ورابع زبون لها"، فيما يبلغ عدد الشركات الفرنسية العاملة والمستثمرة بالجزائر 800 شركة في مختلف القطاعات أبرزها النفط والبنوك.
وكان لافتاً عند وصول وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان صباح الثلاثاء إلى مطار هواري بومدين الدولي بالجزائر العاصمة "عدم استقباله من قبل نظيره الجزائري صبري بوقادوم" في سابقة هي الأولى من نوعها، حيث استقبله مسؤول بوزارة الخارجية الجزائرية.
وتأتي زيارة وزير الخارجية الفرنسي بعد أول لقاء "سريع" جرى بين الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأحد، على هامش مشاركتهما في مؤتمر برلين الدولي حول الأزمة الليبية.
وتعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي الأولى له منذ 2017، ومنذ استقالة بوتفليقة في أبريل/نيسان 2019 وما تبعها من تأزم للعلاقات بين البلدين.
واتهمت السلطات الجزائرية باريس نهاية مارس/آذار الماضي بـ"التخطيط مع شقيق بوتفليقة ورئيس جهاز المخابرات الأسبق الفريق محمد مدين ومسؤولين آخرين للإطاحة بقيادة أركان الجيش"، وبـ"العمل على التدخل في الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد لخلط أوراقها وفرض رئيس جديد موالٍ لها".
وعقب انتخاب عبدالمجيد تبون رئيساً للجزائر في 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي، علق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالقول: "علمت بانتخاب تبون، وأدعوه للحوار مع الحراك"، الأمر الذي أثار حفيظة تبون، ورد عليه في ندوة صحفية مباشرة بعد إعلان نتائج الانتخابات بالقول أيضا: "من حقه أن يسوق للبضاعة التي يريد في بلاده، وأنا انتخبني الشعب ولا أمثل إلا الجزائريين".
وشهدت الجزائر في الأسبوعين الأخيرين نشاطاً دبلوماسياً كثيفاً لبحث الأزمة الليبية، من خلال زيارة عدد من وزراء خارجية الدول الفاعلة، أبرزهم وزيرا خارجية مصر وإيطاليا، ورئيس الوزراء الإيطالي، بالإضافة إلى رئيس ما يعرف بـ"حكومة الوفاق الوطني" الليبية ووزير الخارجية التركي، ووفد رفيع من الحكومة الليبية المؤقتة والجيش الوطني الليبي.
كما شارك الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الأحد، في مؤتمر برلين الدولي حول ليبيا برعاية الأمم المتحدة، وكانت أول محطة خارجية له منذ تنصيبه رئيساً للجزائر في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ويقول المراقبون إن الجزائر باتت تتعامل بـ"حذر" مع الأزمة الليبية، حيث تنظر إلى الدورين التركي والفرنسي في ليبيا على أنهما "خطر على أمنها القومي وتهديد مباشر لحدودها"، الأمر الذي "حتم عليها البقاء على مسافة واحدة بين جميع الأطراف الليبية"، ودعت إلى تجنيب ليبيا والمنطقة التدخلات الأجنبية خاصة العسكرية منها.
كما تختلف الجزائر وباريس حول الدور الفرنسي ووجوده العسكري في منطقة الساحل الأفريقي خاصة في مالي.
وتعد القواعد العسكرية الفرنسية في المنطقة ضغطاً على الجزائر وتشويشاً على دور الوساطة الذي قامت به منذ تسعينيات القرن الماضي بين الحكومة المالية والمتمردين في شمال البلاد.
aXA6IDMuMTM5LjIzNi45MyA= جزيرة ام اند امز