مذبحة 17 أكتوبر.. دموية الماضي الفرنسي بحق الجزائريين تقرع باب الإليزيه
في مثل هذا اليوم من عام 1961، قتلت الشرطة الفرنسية مئات الجزائريين خرجوا في شوارع باريس للمطالبة سلميا باستقلال بلادهم
في الـ17 أكتوبر/تشرين أول من كل عام، تُنكأ جراح الجزائريين بالقمع الدامي لمظاهرة سلمية نظمها أبناء جلدتهم بالعاصمة الفرنسية باريس عام 1961، ما أوقع عشرات القتلى من بلد "المليون شهيد"، ليجد الرئيس المنتخب حديثا إيمانويل ماكرون ، نفسه أمام مطالبات بإدانة "جرائم الدولة الفرنسية".
وفي مثل هذا اليوم من عام 1961، خرج 65 ألف متظاهر جزائري إلى شوارع العاصمة الفرنسية باريس للمطالبة سلميا باستقلال بلادهم، فردت الشرطة بقتل ما بين 300 و400 شخصا، حسب مسؤولين جزائريين، ورمت جثث بعضهم في نهر "السين" الذي يقطع باريس، فيما اعتقلت 12 ألف منهم وأخضعتهم لأنواع مختلفة من التعذيب.
وعلى مدار 37 عاماً، أنكرت فرنسا تلك المذبحة، إلا أنها اعترفت عام 1998 بمسؤوليتها عن مقتل 40 شخصًا، في الوقت الذي تشير فيه المصادر الجزائرية إلى أن ضحايا المجزرة تجاوز الـ 300 شخص.
دعوات فرنسية
ومع مرور هذه الذكرى الأليمة التي تقرر تسميتها في الجزائر "اليوم الوطني للهجرة"، وجهت مجموعة من النخب الجزائرية والفرنسية من مثقفين ومؤرخين رسالة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، بعنوان "اعتراف بجريمة دولة".
ودعت هذه النخبة، ماكرون إلى الاعتراف بجرائم 17 أكتوبر 1961 كجريمة دولة وبكل جرائم فرنسا الاستعمارية في الجزائر.
الرسالة حملت أيضا تذكيرا للرئيس الفرنسي "بكل تصريحاته السابقة حول التاريخ والاستعمار"، والتي أطلقها خلال حملته الانتخابية وأهمها ما قاله في الجزائر: "الاستعمار جزء من التاريخ الفرنسي، وهو جريمة ضد الإنسانية وبربرية حقيقية"، ووعد باتخاذ إجراءات قوية عن تلك الفترة.
وسيلة للضغط
ويجمع كثير من الجزائريين والفرنسيين أن ذكرى هذا العام تأتي "لإحراج ماكرون" وتذكيره بوعوده والاعتراف بجرائم فرنسا بحق الجزائريين بعد 5 أشهر على دخوله قصر الإليزيه.
لكن العارفين بخفايا الحكم في باريس، يؤكدون أن فرنسا الحديثة لا تملك الجرأة ولا الشجاعة على الاعتراف بجرائم ومجازر الاستعمار.
مطالب بالتصعيد
في المقابل، مع كل ذكرى تمر في الجزائر، ترتفع المطالب بضرورة أن تتخذ الدولة قرارات وخطوات حازمة بهدف دفع فرنسا على الاعتراف والاعتذار عن كل ما اقترفته من مجازر بحقهم، في وقت بقيت عدد من الملفات حبيسة ما يطلق عليه الكثيرون "تمايل الإدارة الفرنسية" من بينها قضية استرجاع الأرشيف والجماجم والتجارب النووية في جنوب الجزائر.
نبيلة، نجلة شهيد الثورة الجزائرية وأحد قادتها مصطفى بن بولعيد، تقول في حديث مع "بوابة العين الإخبارية": "باعترافها أو بدونه، لا يمكن لفرنسا أن تمحو ماضيها الأسود في الجزائر بمجازره وجرائمه والقائمة الطويلة لضحايا أبشع استعمار في التاريخ الحديث وبكثير من الأدلة والوقائع والشهادات، كما لا يمكن لها أن تمحو تضحيات شعب بأكمله".
وتضيف النائبة في البرلمان الجزائري عن حزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم) أن "ملف الذاكرة يبقى من الملفات الحساسة في العلاقات مع فرنسا، وهي تعي جيدا أنه لا يمكن بناء علاقات قوية مع الجزائر إلا من خلال الاعتراف والاعتذار عن جرائمها، ولا يمكن تحقيق ذلك بتجاوز ذلك".
ويرى المحلل السياسي، الدكتور عبد الرحمن بن شريط، أن "الجزائر ليست بحاجة إلى اعترافهم، وخطاب ماكرون في الحملة الانتخابية هو مجرد توظيف لهذه الأحداث واليوم يحاولون التملص منها".
وتابع: "قرار الاعتراف أيضا ليس قرار رئيس أو عهدة رئاسية، بل هو لقوى نافذة لها ذهنية تفرض عدم الاعتراف بماضي لازال كابوسا بالنسبة لهم".
ولفت إلى أن الطرف الجزائري لم يعبر عن رأيه ومطالبه بكل قوة والدليل عجز البرلمان على تجريم الاستعمار، و"الجزائر مطالبة بترجيح الكفة لصالحها وإعادة النظر في جميع العلاقات وهذا الملف بالذات، والتعامل مع فرنسا بندية".