نحو "جزائر جديدة".. انطلاق أول اجتماع للحكومة والمحافظين في عهد تبون
تبون ألقى كلمة أمام ولاة الجمهورية تضمنت انتقادات كبيرة لواقع التسيير والتنمية في البلاد.
في سابقة هي الأولى من نوعها، افتتح الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، اليوم الأحد، اجتماعا موسعا هو الأول في عهده بين الحكومة والمحافظين (الولاة) الـ٥٨، وسط تحديات سياسية واقتصادية تشهدها البلاد.
وفي الاجتماع الذي احتضنه "قصر المؤتمرات الدولي"، ألقى الرئيس تبون كلمة أمام ولاة الجمهورية تضمنت انتقادات كبيرة لواقع التسيير والتنمية في البلاد.
- رئيس الجزائر يضع "خارطة طريق صارمة" لبناء جمهورية جديدة
- العجز التجاري بالجزائر يرتفع مع هبوط عائدات الطاقة
الثقة و"النظام البائد"
تبون الذي تقلد الحكم في ديسمبر/كانون الأول العام الماضي، استعمل في كلمته مصطلحا للمرة الأولى وهو "النظام البائد".
ودعا الرئيس المحافظين إلى "التقرب من المواطن لكسر الحاجز الذي بناه النظام البائد"، وألزمهم بالتغيير محليا في "السلوكيات، وتكثيف الزيارات الميدانية إلى المناطق التي كثرت فيها معاناة المواطن وحرمانه من العيش الكريم، وإعادة توجيه النفقات العمومية للتنمية المحلية بدل التزيين والتبذير".
كما ألزم الرئيس الجزائري الولاة بمساعدة المجتمع على تنظيم صفوفه، وأعطى مثالا بالجمعيات الخيرية، مشترطا أن تكون "بعيدة عن الشبهات السياسية".
محاربة اللامبالاة
ووجّه تبون تعليمات صارمة لمحاربة "اللامبالاة والاستخفاف بقضايا المواطن، وتشجيع الكفاءات، والكف عن الوعود الكاذبة، والاستمرار في محاربة الرشوة بشراسة وكل أنواع الفساد الذي خرّب الاقتصاد الوطني".
وأوضح أن هدف المجتمعين "واحد" وهو "بناء جزائر جديدة واحدة بوسائل جديدة بعيدا عن التعسف والشبهات والفساد".
وفي حديثه عن الحراك السلمي الذي ما زال متواصلا في البلاد، قال إن "الشعب هبّ بكل مسؤولية لانتخابات نزيهة لتحقيق إرادته في التغيير"، مجددا التزامه بتلبية مطالب الحراك.
الأطفال والقرية المنسية
على صعيد يتعلق بالأطفال، طالب تبون الولاة بالاهتمام بهذه الفئة، وبث مشاهد قال إنها "لا تشرف الجزائر" عن معاناة الأطفال في عدد من المناطق الفقيرة والنائية.
من بين تلك المناطق، كانت هناك قرية معزولة بمحافظة "غليزان" واحدة من نماذج "الفوارق التنموية" في الجزائر، وهي القرية التي عانت من ويلات الإرهاب في تسعينيات القرن الماضي، وقدمت عشرات الضحايا، إضافة إلى أماكن أخرى في غرب وشرق ووسط وجنوب البلاد، نقلها التلفزيون الحكومي في وقت سابق.
ووصف تبون تلك المناطق بـ"المنسية التي يعيش فيها مواطنون منذ ما قبل الاستقلال"، متطرقا للميزانيات المالية الكبيرة التي كانت قد رُصدت لتلك المناطق وخلقت "واقعا مرا لأنها لم توضع في مكانها".
وفي هذا الصدد، منح الولاة مهلة 3 أشهر لتسوية المناطق الفقيرة والمعزولة.
ديمقراطية "ليست على المقاس"
كما تعهد الرئيس الجزائري بإعداد قانون "يجرّم ويعاقب كل شخص متورط في التزوير"، مذكرا بحالات كثيرة بينها "السكن والتوظيف"، بالإضافة إلى بناء ديمقراطية "ليست ظرفية وليست على المقاس".
كذلك تعهد بتوزيع مسودة الدستور على جميع الجهات بما فيها السياسية والمجتمع المدني، بهدف الوصول إلى "دستور توافقي" يمر على البرلمان بغرفتيه ثم على الاستفتاء الشعبي.
والدستور الذي يريده "يضمن التوازن بين السلطات ويبعد البلاد عن هواجس الانزلاق السياسي نتيجة الحكم الفردي"، مستدركا أن "كل شيء قابل للتغيير باستثناء هوية الجزائريين".
وإلى جانب الدستور التوافقي، تحدث الرئيس تبون عن قانون جديد للانتخابات "يبعد السياسيين عن المال الفاسد وينشئ طبقة سياسية جديدة من الشباب مع وضع ضوابط للوصول إلى مراكز انتخابية".
الجزائر "دون اقتصاد"!
على الصعيد الاقتصادي، انتقد تبون الوضع الاقتصادي في بلاده، وقال إن "الجزائر ليس لها اقتصاد"، مرجعا ذلك إلى سوء التسيير وغياب صناعات تحويلية، معلنا تطبيق "نموذج اقتصادي جديد".
وعقب مصادقة نواب المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الثانية للبرلمان) على مخطط عمل الحكومة، كان رئيس الوزراء الجزائري عبدالعزيز جراد، قد صرح بأن اجتماع اليوم سيكون بشعار "بناء جزائر جديدة".
وكشف عن المحاور الـ3 التي ستركز فيها الحكومة في لقائها الولاة، وهي "الموارد البشرية"، و"اقتصاد المعرفة"، و"الانتقال الطاقوي".
ويشارك في الاجتماع أكثر من 10 آلاف مشارك، بينهم أعضاء الحكومة والمحافظون والاتحاد العام للعمال الجزائريين (أكبر تجمع نقابي في البلاد)، بالإضافة إلى عدد كبير من المتعاملين الاقتصاديين.
وتعكف الحكومة الجزائرية، خلال يومين من الاجتماع، على شرح مخطط عملها وآليات تنفيذه، وفق المقاربة المحلية الجديدة التي أقرها الرئيس الجزائري خاصة ما تعلق منها بـ"إنهاء الحكم الفردي والقضاء على الفساد الإداري والمالي"، والتي تعتمد على مشاركة المحافظات بما فيها من ولاة ومجالس منتخبة.
ومن المرتقب أن يخرج الاجتماع بتوصيات، يتم إلزامها على المحافظين الـ58 والمجالس المحلية المنتخبة، والتي تحدث عنها الرئيس الجزائري، الشهر الماضي، في لقائه وسائل الإعلام المحلية.
aXA6IDEzLjU4LjQwLjE3MSA= جزيرة ام اند امز