تبون يكشف أسباب تعديل الدستور ويصف اقتصاد الجزائر بـ"الشبح"
الرئيس الجزائري يجري أول مقابلة صحفية مطولة مع وسائل إعلام محلية، يكشف فيها عن أولوياته السياسية والاقتصادية والدبلوماسية
كشف الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون عن دوافع تعديل الدستور وما سيتبعه من تغييرات أخرى، خاصة قانون الانتخابات وحل البرلمان والمجالس المحلية.
- حوار مع المعارضة وتجريم للكراهية.. أسبوع "رئاسي" بامتياز في الجزائر
- لجنة خبراء قانونيين لتعديل "عميق" في الدستور الجزائري
وأجرى تبون أول مقابلة صحفية مطولة مع 6 وسائل إعلام محلية جزائرية منذ تنصيبه رئيساً للبلاد في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، في إطار ما قال إنه "تكريس لعقيدة جديدة في التواصل بين الرئاسة والشعب عبر وسائل الإعلام كل شهر".
وكشف الرئيس الجزائري عن جملة من القرارات والخطوات التي ينوي اتخاذها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى عدد من المسائل الدولية، على رأسها الأزمة الليبية والعلاقات مع فرنسا.
تعديل الدستور
واستهل عبدالمجيد تبون ظهوره الأول عبر مجموعة من وسائل الإعلام المحلية في قصر "المرادية" الجمهوري، بالتطرق إلى المشاورات التي أجراها مع شخصيات وطنية حول الوضع العام في البلاد.
وكشف عن اعتزامه إجراء لقاءات أخرى مع شخصيات "أقصيت في وقت سابق وأخرى تملك تجربة وخبرة في التعامل مع الشارع"، دون أن يوضح تلك الشخصيات.
وأضاف "استقبلت شخصيات وطنية لاستشارتهم بخصوص تعديل الدستور، لأنه لا ينبغي أن أنفرد برأيي".
وعن التعديل الدستوري المرتقب، أشار إلى أن ذلك يندرج في إطار وعوده الانتخابية لتلبية مطالب الحراك الشعبي، بما في ذلك تعديل الدستور "لبناء ديمقراطية حقة ومحاربة الإقصاء والفساد".
وأشار إلى أن الدستور الحالي "أثبت بأنه غير قادر على حل الأزمة التي مرت بها البلاد، ونسير إلى أبعد حد في تعديله لكن بدون المساس بتوجه الدولة الوطنية".
وشدد على أن الهدف من تغيير دستور البلاد "لإبعاد شبح كل الأزمات عن البلاد في المستقبل من خلال سد ثغراته، والابتعاد نهائياً عن الحكم الفردي الذي يرفضه الجزائريون منذ استقلال البلاد".
5 خطوات لدستور شامل وتوافقي
ولخص تبون أبرز التعديلات التي سيتضمنها الدستور المقبل، قائلا إنه "سيحدد مهام الجميع بمن فيهم رئيس الجمهورية، وينهي الحكم الفردي للبلاد".
وتطرق تبون إلى الخطوات الـ5 التي سيمر عليها التعديل الدستوري، والذي عده "بداية الأطر الأساسية للتغيير الذي طالب به الحراك وكل الجزائريين".
وأوضح أن الخطوات تبدأ بمسودة تقدمها اللجنة الخاصة بالتعديل "العميق" للدستور، على أن تعرض للحوار مع مختلف التشكيلات السياسية والشخصيات الوطنية لـ"تفادي النقاش العشوائي"، واعتبر ذلك بمثابة "القاعدة الأساسية للحوار المقبل لضمان تعديل شامل وتوافقي".
أما الخطوة الثالثة فتقوم لجنة تعديل الدستور بأخذ كل ملاحظات التعديل على المسودة الأولية، "للخروج بدستور يضمن كل مطالب الفاعلين، وحتى يعطي للبلد مناعة من بعض التصرفات".
وحدد الرئيس الجزائري الخطوة الرابعة بعرض مشروع التعديل على غرفتي البرلمان، حتى يتسنى للجزائريين التعرف على التعديلات الدستورية، لتأتي المرحلة الأخيرة وهي عرضه على الاستفتاء الشعبي، على أن يكون بإشراف اللجنة المستقلة للانتخابات.
"تنظيف القوانين"
تبون استعمل في لقائه مع مجموعة من وسائل الإعلام الجزائرية مصطلحات جديدة لم يتعود الجزائريون على سماعها من مسؤوليهم، أبرزها "تنظيف القوانين"، التي بين أنها ستكون المرحلة الثانية بعد إقرار الدستور الجديد للبلاد، ووصفها بـ"المرحلة الأساسية".
لكنه رهن نجاح تلك المرحلة "بنجاعة تطبيق الدستور" من خلال تكييف جميع قوانين البلاد مع التعديلات الواردة فيه، "بشكل يتلاءم مع نصوصه القانونية وذلك من خلال تنظيف بعض القوانين وإلغاء أخرى".
ومن بين القوانين التي أبدى الرئيس الجزائري رغبة كبيرة في تغييرها "قانون الانتخابات"، وعده "الأولوية الثانية بعد التعديل الدستوري".
وأكد أن القانون القادم للانتخابات "ستتم صياغته بشكل صارم وبجرم تدخل المال في السياسة، ومكافحة المال الفاسد في الانتخابات وكل الممارسات السلبية في العملية الانتخابية، بهدف خلق نخبة وطبقة سياسية جديدة تكون فيها الكلمة للأجيال القادمة" وفق تصريحه.
اقتصاد "شبح وحساس"
من جانب آخر، انتقد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الوضع الاقتصادي الذي ورثه عن عهد الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة، ووصفه بـ"الاقتصاد الشبح والحساس، ولا يخلق ثروة ولا يعكس رفاه المواطن وقدرته الشرائية".
وأوضح أن حكومته لجأت إلى اتخاذ جملة من القرارات لإعادة بناء الاقتصاد الذي اعتبره "عملاً شاقاً في حدا ذاته"، من بينها قرارات عاجلة على المدى القصير مرتبطة بشكل خاص بالاستثمارات المحلية في مجالات الزراعة والصناعة والموازنة، خاصة مع ترقب الإعلان عن موازنة تكميلية "لتصحيح اختلالات في موازنة 2020 التي أقرتها حكومة نور الدين بدوي السابقة".
وألمح إلى أن حكومته تسعى "لتخليص الاقتصاد الجزائري من تبعات تطبيق سياسة التمويل غير التقليدي" التي أقرتها حكومة أحمد أويحيى نهاية 2017، إذ تم إعادة طبع ما قيمته 55.5 مليار دولار أمريكي، الأمر الذي أدخل البلاد في حالة من الركود الاقتصادي وتسبب في تدهور متزايد لقيمة الدينار الجزائري.
وللمرة الأولى، أعلن الرئيس الجزائري بأنه سيتم إدراج المضاربة في الأسعار الاستهلاكية "في خانة الخيانة العظمى"، بعدما فشلت كل آليات المراقبة التي أقرتها الحكومات السابقة، خاصة في المواعيد والمناسبات التي تشهد ارتفاعاً في الاستهلاك، مثل شهر رمضان والصيف والأعياد الدينية.
كما انتقد فاتورة الاستيراد التي فاقت 38 مليار دولار خلال الأشهر الـ11 الأولى من 2019، قائلا إنها "قتلت الإنتاج الوطني".
ودعا تبون إلى إنهاء عهد التبعية للمحروقات، حيث أوضح أن 63% من أموال الخزينة العامة مصدرها عائدات النفط.
وكشف عن وجود 1800 اختراع جزائري "استفادت منه مختلف دول العالم"، واعتبر أنها من بين "الثروات البديلة عن النفط الذي باتت حياتنا مرتبطة بأسعارها" كما قال.
واستعرض الرئيس الجزائري خطته لاستعادة الدينار الجزائري عافيته؛ والذي خسر نحو 50% من قيمته منذ 2014، مشيراً إلى عودة قيمة الدينار كما كان يتطلب تقليص الاستيراد "غير المجدي"، وإيجاد حلول لتبعات تطبيق نمط التمويل غير التقليدي.
كما تعهد بمحاربة الفقر والفوارق في الرواتب، وإلغاء الضرائب عن أصحاب الدخل الضعيف وتعويضها بضرائب صارمة على أثرياء البلاد.
الغاز الصخري "ضرورة"
وفيما يتعلق باستغلال الغاز الصخري الذي أثار الكثير من الجدل منذ 2015، عده تبون "ضرورياً، خاصة إذا كان اقتصاد البلاد في خطر".
واتهم الرئيس الجزائري للمرة الأولى "دولاً مصدرة للغاز" دون أن يسمها بـ"تخويف الجزائريين الذي نجم عنه رد فعل سلبي لبعض سكان جنوب البلاد".
واعترف بخطأ الحكومات السابقة في بدء استغلال الغاز الصخري في مناطق آهلة بالسكان، مستبعداً في السياق وجود أي خطر على حياة الإنسان من خلال اختلاط المواد المستعملة في استخراجه بالمياه الباطنية.
وأشار إلى إلى تطور تقنيات استخراج هذا النوع من الطاقة، وقدم التجربة الأمريكية نموذجاً على ذلك، موضحاً أن بلاده تملك أيضا البترول الصخري.
وكشف تبون أن الجزائر تستهلك 43% من إنتاج الغاز الذي تستخرجه، مع إمكانية ارتفاع الاستهلاك المحلي إلى 60% على المديين القصير والمتوسط.
aXA6IDE4LjE5MS4xOTIuMTA5IA==
جزيرة ام اند امز