لجنة خبراء قانونيين لتعديل "عميق" في الدستور الجزائري
الرئيس الجزائري يكلف لجنة من 16 خبيرا قانونيا بالإعداد لمقترحات تعديل عميق للدستور ينهي عهد الحكم الفردي ويضمن الفصل بين السلطات.
أعلنت الرئاسة الجزائرية، الأربعاء، تشكيل لجنة خبراء من "كفاءات جامعية" لإعداد مقترحات حول "تعديل عميق" للدستور الجزائري، يعرض بعدها على استفتاء شعبي.
- تبون يتعهد باقتصار الرئاسة الجزائرية على ولايتين
- رئيس الجزائر يضع "خارطة طريق صارمة" لبناء جمهورية جديدة
وكلف الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أستاذ القانون الدولي أحمد لعرابة رئيساً للجنة تعديل الدستور، الذي يعد من أبرز الأكاديميين الجزائريين في المجال القانوني والدستوري وعضواً في لجنة القانون الدولي بالأمم المتحدة.
وكشف بيان عن الرئاسة الجزائرية بأن اللجنة تتكون من خبراء وكفاءات جامعية وطنية تتكفل بالإعداد لصياغة الدستور الجديد "بشكل عميق"، الذي يهدف إلى "بروز أنماط حكومة جديدة وإقامة ركائز الجزائر الجديدة"، ولم يوضح البيان طبيعة تلك الأنماط، بينما حدد أعضاء اللجنة بـ16 أكاديمياً من مختلف جامعات البلاد مختصين في القانون.
كما أوضح البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية بالجزائر عن أن قرار إنشاء اللجنة جاء "تجسيداً لالتزام كان رئيس الجمهورية قد جعله على رأس أولويات عهدته في رئاسة الجمهورية، ألا وهو تعديل الدستور الذي يعد حجر الزاوية في تشييد الجمهورية الجديدة، من أجل تحقيق مطالب شعبنا التي تعبر عنها الحركة الشعبية".
إنهاء الحكم الفردي
وحدد تبون صلاحيات لجنة الخبراء في "تحليل وتقييم كل جوانب تنظيم وسير مؤسسات الدولة، على أن تقدم إلى رئيس الجمهورية مقترحات وتوصيات بغرض تدعيم النظام الديمقراطي القائم على التعددية السياسية والتداول على السلطة، وصون بلادنا من كل أشكال الانفراد بالسلطة وضمان الفصل الفعلي بين السلطات وتوازن أفضل بينها، وهذا بإضفاء المزيد من الانسجام على سير السلطة التنفيذية وإعادة الاعتبار للبرلمان؛ خاصة في وظيفته الرقابية لنشاط الحكومة".
بالإضافة إلى "اقتراح أي إجراء من شأنه تحسين الضمانات التي تكفل استقلالية القضاة، وتعزيز حقوق المواطنين وضمان ممارستهم لها، وتدعيم أخلقة الحياة العامة، وكذا إعادة الاعتبار للمؤسسات الرقابية والاستشارية"، كما جاء في بيان الرئاسة الجزائرية.
وشدد على وجود تسليم خلاصات أعمال اللجنة، المتجسدة في تقرير ومشروع قانون دستوري في أجل أقصاه ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ تنصيب هذه اللجنة.
كما حددت الرئاسة الجزائرية الخطوة الثانية بعد اكتمال مشروع مراجعة تعديل الدستور من قبل اللجنة، حيث يتم عرضه على مشاورات واسعة لدى الفاعلين في الحياة السياسية والمجتمع المدني قبل إحالته وفقاً للإجراءات الدستورية سارية المفعول، إلى البرلمان للمصادقة عليه، ويطرح بعد ذلك لاستفتاء شعبي.
أول استفتاء شعبي منذ ربع قرن
وللمرة الأولى منذ التعديل الدستوري الذي جرى في عهد الرئيس الأسبق اليامين زروال في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1996 الذي حدد عهدات الرئيس باثنتين، قرر عبدالمجيد تبون تمرير الدستور القادم على استفتاء شعبي.
وكان آخر تعديل دستوري شهدته الجزائر في 7 فبراير/شباط 2016، في عهد الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة وكان الرابع منذ توليه الحكم في أبريل/نيسان 1999، الذي تراجع فيه عن فتح العهدات الرئاسية التي أقرها في دستور 2008، وقلص من صلاحيات ومهام الحكومة، ومنح لرئيس البلاد صلاحيات واسعة وصفها الخبراء القانونيون بـ"الصلاحيات الإمبراطورية".
وجسدت تلك الصلاحيات نظرة بوتفليقة للحكم عندما تعهد بعد انتخابه في 1999 بـ"ألا يكون ثلاثة أرباع رئيس"، استحوذ خلالها على أكثر من 90 صلاحية، وصلت إلى حد "تعيين مراسلي وكالة الأنباء الرسمية في عدد من العواصم العالمية".
وفي أول خطاب له بعد أدائه القسم الدستوري وتنصيبه ثامن رئيس للبلاد في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، كشف الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون عن أولوية ولايته الرئاسية، التي حددها في "إحداث تعديل عميق للدستور وتعديل قانون الانتخاب بشكل يتم فيه فصل المال عن السياسة".
وتعهد عبدالمجيد تبون بإيجاد دستور يجدد الفترة الرئاسية لمرة واحدة فقط، ويقلص من صلاحيات رئيس الجمهورية ويحقق الفصل الحقيقي بين السلطات.
ودعا الطبقة السياسية وممثلي الحراك والمجتمع المدني والأكاديميين إلى تقديم مقترحات لتعديل الدستور، مع توقعات أن تشرع الرئاسة الجزائرية في مشاورات معها بعد إعداد لجنة الخبراء مقترحات التعديلات الدستورية.
ويصف الخبراء الأمنيون الدستور الحالي للجزائر بـ"الملغم" بالنظر للصلاحيات الواسعة الممنوحة لرئيس البلاد، التي كشفت الأزمة السياسية الأخيرة عن حجم الضرر والفراغ القانوني الذي حدث نتيجة استقالة بوتفليقة، وجدت البلاد خلالها رئيساً مؤقتاً بصلاحيات محدودة.
وفي مقابلة سابقة أجرتها "العين الإخبارية" مع الرئيس الجزائري، فصّل عبدالمجيد تبون في التغييرات الجذرية التي ينوي إحداثها على الدستور الجزائري.
وأوضح بأنه سيقوم بمراجعة واسعة للدستور "يكرس الديمقراطية؛ ويؤسس لفصل حقيقي بين السلطات، ويعزز الصلاحيات الرقابية للبرلمان، ويسمح بعمل متناغم للمؤسسات، ويحمي حقوق وحريات المواطن، ويُجنب البلاد أي انحراف استبدادي من خلال إنشاء سلطات مضادة فعالة".
كما يكرس "حرمة وإلزامية تحديد فترة ولاية الرئيس لعهدة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة؛ ويحدد مجال الحصانة البرلمانية واقتصارها على الأفعال الواردة في سياق النشاط البرلماني".
aXA6IDMuMTQ1LjE3Ni4yMjgg جزيرة ام اند امز