الجزائري عامر هاشمي يصور معاناة المهاجرين السريين في لوحات تشكيلية
"غرقى في البحر المتوسط" عنوان معرض للفنان التشكيلي الجزائري عامر هامشي، استنطق من خلاله ريشته لتروي قصص نهايات المهاجرين غير الشرعيين.
في الوقت الذي ارتفعت فيه حدة الهجرة غير الشرعية من الجنوب نحو الشمال إلى درجة باتت قضية عالمية، اقتنص الفنان التشكيلي الجزائري عامر هاشمي تلك الظاهرة العالمية ليترجم جوانبها المحزنة في لوحات تشكيلية.
- جوجل يحتفل بذكرى ميلاد الجزائرية باية محيي الدين رائدة الفن التشكيلي
- بالصور.. "نظرة صيف" معرض فني في جمال الطبيعة الجزائرية
ويقيم الفنان عامر هاشمي هذه الأيام معرضاً للوحات التشكيلية بعنوان "غرقى في البحر المتوسط" بـ"رواق الفن ياسمين" في العاصمة الجزائرية.
عامر هاشمي المعروف بفن المنمنمات، اختار في لوحاته الأربعين التعبير عن ظاهرة الهجرة غير الشرعية من الضفة الجنوبية إلى الشمالية عبر البحر المتوسط، استنطق من خلالها ريشته لتروي قصص شباب رمتهم ظروف مختلفة نحو الهلاك عبر قوارب الموت.
وأبرز الفنان التشكيلي الجزائري في لوحاته إحساسه من هذه الظاهرة، خصوصا في اللوحات التي كشف بها "الوجه القبيح" للهجرة السرية، والقوافل البشرية التي تحملها زوارق أشبه بصناديق الموت عبر بحر "لا يحمل إلا الأقوياء".
ورغم ذلك، حاول هاشمي من خلال ملامح الوجه في لوحاته الفنية، إظهار "ذلك الضعف الذي تحول إلى قوة" في وجوه شباب يطمح إلى الأفضل، فر من ظروف معيشية قاسية مثل البطالة والتهميش والفقر.
ومن وحي قضية الساعة العالمية، استفز الفنان التشكيلي عامر هاشمي زوار معرضه الذي لقي إقبالاً غير مسبوق من مختلف شرائح المجتمع الجزائري، بألوان وتفاصيل عن هؤلاء المهاجرين الغرقى في البحر المتوسط.
لوحات غاصت في أرواح ضحايا الهجرة السرية كما عبّر عن ذلك زوار المعرض، ومنهم من وقف عند لوحات لدقائق يتأملها وكأنه يتحدث مع هؤلاء أو يستذكر صيحات ودموع أمهات الغرقى عبر وسائل الإعلام.
لم يبحث الفنان التشكيلي عن أسباب ظاهرة الهجرة غير الشرعية أو حلول لها، لكنه فضل توثيق تلك النهاية الحتمية وهي "الغرق"، في لوحات أظهر من خلالها أن هجرة اليوم باتت تستقطب عائلات بأكملها، ولم تعد تقتصر على الرجال فقط بل وصلت إلى النساء والفتيات والأطفال.
ما يعني بحسب عدد من زوار المعرض، أن عامر هاشمي حاول من خلال معرض "غرقى في البحر المتوسط" بعث رسائل تحذيرية إلى كل شخص ينوي "الانتحار دون أن يفكر فيه"، والمساهمة من وراء الفن التشكيلي في الحد من هذه الظاهرة الخطرة، التي لن يكون الخاسر الوحيد فيها إلا "راكب الزورق".
لوحات هاشمي التقت جميعها عند رسالة أخرى، وهي أن "انعدام الرحمة" ليست صفة فقط لتلك الظروف القاسية التي تدفع الناس إلى الهجرة عبر قوارب الموت، بل هي صفة متلاصقة بالبحر، الذي لن يرحم أيضا هؤلاء اليائسين والحالمين بالفردوس في الضفة الأخرى.
وتعد الجزائر العاصمة المحطة الرابعة لمعرض "غرقى في البحر المتوسط"، إذ نظم المعرض ذاته في 3 مدن إسبانية، وهي إليكانت وإيبيزا ومايوركا، من 14 سبتمبر/أيلول الماضي حتى 30 نوفمبر/تشرين الثاني.
ويعتبر عامر هاشمي من أبرز الفنانين التشكيليين في الجزائر بعد تخرجه عام 1985 من المدرسة العليا للفنون الجميلة في العاصمة الجزائرية، وينحدر من منطقة "الحجوط" بمحافظة تيبازة (وسط الجزائر) التي ولد بها في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1959.
ويحرص هاشمي في مختلف لوحاته على تسليط الضوء على مواضيع الساعة، سواء العربية مثل فلسطين والعراق وسوريا، أو العالمية منها مثل ظاهرة الهجرة السرية.
وأدخل الفنان التشكيلي الجزائري على فن المنمنمات تقنيات جديدة، مثل الطوابع البريدية القديمة وبقايا من الحروف العربية، إضافة إلى اعتماده على لوحات غير مكتملة وأخرى مجزأة، وهو ما اعتبره بعض النقاد بمثابة "التمرد" على فن المنمنمات الذي اشتهر به رواده في الجزائر مثل محمد راسم.