أسبوع استثنائي بالجزائر.. محاكمة رموز بوتفليقة وترقب لأول مناظرة رئاسية
محاكمة رموز نظام بوتفليقة والمناظرة الرئاسية وإحباط مخطط تخريبي عشية الانتخابات وتصريح مثير لوزير الداخلية.. أبرز أحداث أسبوع الجزائر
سجل أسبوع الجزائر المنصرم حدثين بارزين وُصفا بـ"التاريخيين"، أولهما المحاكمة المثيرة لكبار رموز نظام بوتفليقة بينهم رئيسا وزراء سابقان، وسينتهي بأول مناظرة رئاسية لمرشحي الانتخابات، اليوم الجمعة.
- أسبوع الجزائر.. أزمة دبلوماسية مع أوروبا وترقب لمحاكمة رموز بوتفليقة
- أسبوع الجزائر.. حملات انتخابية تواجه بالعزوف والتصعيد والتحذير
ومن "قصر الحكومة إلى قصر العدالة"، ظهر مسؤولون من عهد بوتفليقة "ليسوا كبقية المسؤولين" في أول محاكمة علنية بتاريخ الجزائر.
المحاكمة صدمت الجزائريين بما كشفت عنه من حجم الفساد ونهب المال العام، وأظهرت "رقماً هائلاً وبسيطاً في الوقت نفسه" من "أرباح" شبكة الفساد المتغلغلة في البلاد، قال عنها حقوقيون إنها "نقطة فقط من بحر" ما خسرته الجزائر خلال عشريتين كاملتين من الأموال.
وأدلى وزير الداخلية الجزائري بتصريح أثار الكثير من الجدل عن الجهات التي تقف وراء محاولات الدفع بالبلاد إلى الفوضى، استعمل فيه عبارات غير معتادة في كلام المسؤولين الجزائريين، دفع بالرئاسة الجزائرية إلى استدعائه لتقديم توضيحات.
ويترقب الجزائريون، ليلة الجمعة، أول مناظرة تلفزيونية من نوعها في البلاد للمرشحين الخمسة لرئاسيات 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل، تبث على المباشر عبر القنوات الحكومية والخاصة.
محاكمة القرن
بعد أن أجلت من الإثنين إلى الأربعاء، توجهت أنظار الجزائريين خلال الأسبوع المنتهي إلى محكمة "سيدي أمحمد" التي شهدت أول محاكمة علنية لبعض أركان نظام بوتفليقة.
ظهر في المحاكمة رئيسا الوزراء السابقان أحمد أويحيى وعبدالمالك سلال في "موقف المدافع" ليس عن سياسات الحكومة كما تعود الجزائريون على رؤيتهم وسماعهم في قبة البرلمان، بل عن "ما ظهر وما خفي من سياسات حكومية وشخصية".
وكان أيضا من بين المتهمين 3 رجال أعمال ووزيران سابقان للصناعة والمناجم و17 موظفاً سابقاً في الوزارة نفسها.
وتولى الدفاع هيئة من 20 محامياً ونجلي سلال والمرشح المستقل عبدالمجيد تبون في قضية "تبييض أموال"، في جلسة ترأسها "أول قاضٍ شاب".
ومن خلال أطوار المحاكمة التي تابعت تفاصيلها "العين الإخبارية"، وخصصت لقضية السيارات الأجنبية المركبة في الجزائر والتمويل الخفي لحملة بوتفليقة "نفى" جميع المتهمين كل التهم الموجهة إليهم.
وألقوا بالتهم إلى الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة وشقيقه ومستشاره الخاص السعيد بوتفليقة، ووزير الصناعة الأسبق عبدالسلام بوشوارب الهارب إلى وجهة مجهولة والذي أسماه البعض منهم بـ"رأس العصابة".
وفضح القاضي أحمد أويحيى بعد أن كشف عن وجود حسابات بنكية غير مصرح بها، بلغت قيمتها أكثر من "نصف مليار دولار" والتي قال إنها جاءته "هدايا من بعض الأصدقاء".
بالإضافة إلى إعفاءات ضريبية وقروض بنكية "خيالية" قدمت لأصحاب مصانع تركيب السيارات ورجال أعمال آخرين قاربت قيمتها 3 ملايين دولار بطريقة غير قانونية.
كل ذلك تم الكشف عنه في ظرف يومين، في انتظار الاستماع لأقوال أكثر من 25 متهماً آخر من نظام بوتفليقة.
بالإضافة إلى ملف التمويل الخفي للحملة الانتخابية لبوتفليقة حين ترشحه لولاية خامسة، حيث اعترف رجل الأعمال محمد بايري بتسلميه مبلغاً قدره 5 ملايين دولار لرجل الأعمال علي حداد القابع في السجن يومين فقط قبل اندلاع الحراك الشعبي في 22 فبراير/شباط الماضي.
وحاول كل متهم التملص من أسئلة القاضي بتحميل كل طرف مسؤولية الخروقات القانونية أو مصادر الأموال التي حصلوا عليها.
في وقت يترقب الجزائريون صدور الأحكام النهائية الأسبوع المقبل، والتي تتراوح بين السجن عامين إلى 10 أعوام في القضية الواحدة وفق ما كشف عنه محامون وحقوقيون لـ"العين الإخبارية".
مناظرة رئاسية
وتتوجه أنظار الجزائريين "الرافضين والمؤيدين للانتخابات" مساء اليوم الجمعة إلى أول مناظرة رئاسية في تاريخ البلاد بين المرشحين الخمسة للانتخابات لم يبق لإجرائها إلا أسبوع واحد.
وينظم التلفزيون الحكومي الجزائري المناظرة التي ستبث أيضاً عبر القنوات التلفزيونية المحلية الخاصة والحكومية.
وسيكون المرشحون الخمسة أمام امتحان مختلف، وقد يكون "عسيرا" كما ذكر مختصون لـ"العين الإخبارية" كونها ستكون "على المباشر في بثها ومقابلة المرشحين بعضهم لبعض مدافعين عن برامجهم، وعن كل ما يثار حول ماضيهم السياسي وعزوف كثير من الجزائريين عن حملاتهم الانتخابية".
وتأتي المناظرة في سياقات مختلفة بالكامل عما شهدته كل الانتخابات الرئاسية السابقة، أبرزها صعوبة تكهن الجزائريين بمن سيكون الرئيس المقبل بالنظر إلى تقارب حظوظ غالبية المرشحين والتحالفات السياسية التي قد تقلب موازين الخريطة الانتخابية.
كل ذلك بالإضافة إلى التصعيد الشعبي في رفضه لإجراء انتخابات رئاسية التي يرى فيها "إعادة لإنتاج النظام السابق بوجوه كانت محسوبة عليه بشكل أو بآخر".
مخططات وتحذيرات
وفي سياق التحديات التي تواجهها انتخابات الرئاسة التي ستجرى الخميس المقبل، أحبطت الأجهزة الأمنية، نهاية الأسبوع الماضي، مخططاً تخريبياً في عدد من مناطق البلاد.
وجاء ذلك، بعد توقيف الأمن الجزائري طالباً جامعياً في "ساحة الشهداء" بالعاصمة كان يعمل على تصوير "طريقة انتشار الشرطة في المكان"، بالإضافة إلى مسؤول كبير في حملة المرشح علي بن فليس رئيس حزب طلائع الحريات المعارض.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن المتهمين على صلة بمنظمة "الماك" الانفصالية التي تدعو إلى ما تسميه "استقلال منطقة القبائل عن الجزائر"، وفق اعترافاتهما للشرطة.
كما كشفت التحقيقات الأولية عن اعترافات خطرة لأحدهما عن الشروع في تنفيذ مخطط إجرامي عشية انتخابات الرئاسة يشمل 4 محافظات جزائرية ويضم: "عناصر متطرفة مجهولة العدد".
ويرتكز المخطط على "تكثيف المظاهرات عشية انتخابات الرئاسة خاصة الليلية منها، واستفزاز قوات الأمن بشكل يدفعها إلى الإرهاق أو الدخول في مواجهات مع المحتجين، مع تنفيذ مخطط العصيان المدني".
وتتقاطع تفاصيل المخطط الذي كشفت عنه الأجهزة الأمنية الجزائرية مع دعوات بعض المعارضين المقيمين في قطر وتركيا وفرنسا وبريطانيا إلى التصعيد الشعبي لإلغاء انتخابات الرئاسية، واللجوء إلى العصيان المدني والإضراب الشامل والخروج في مظاهرات "مليونية" اعتباراً من الثلاثاء المقبل.
وتزامن الكشف عن المخطط مع التحذير شديد اللهجة الذي وجهه قائد أركان الجيش الجزائري لرموز نظام الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة من مغبة "التشويش على الانتخابات الرئاسية ومحاولة منع الجزائريين من التصويت".
وهدد قايد صالح من أسماهم بـ"العصابة وأذنابها" بـ"سيف العدالة وأجهزة الدولة التي ستكون لهم بالمرصاد"، وبأن "الجيش سيعمل مع الشعب لاجتثاث جذور العصابة".
كما أكد صالح بأن الجيش الجزائري "على أهبة الاستعداد لحماية البلاد والشعب".
تصريح مثير
ولم يخل الأسبوع من التصريحات التي أثارت الكثير من الجدل واستياء البعض، حيث أثار مقطع فيديو لوزير الداخلية الجزائري صلاح الدين دحمون، نعت فيه الجهات التي تقف وراء أجندات مشبوهة لإدخال البلاد في الفوضى بـ"الشواذ والمثليين" وهدد بالكشف عن أسمائهم بـ"فضائحهم".
وبعد الضجة التي أحدثها تصريحه، استدعت الرئاسة الجزائرية وزير الداخلية وطلبت منه تقديم توضيحات عن ذلك التصريح.
قبل أن يخرج "دحمون" ببيان توضيحي اتهم فيه "وسائل إعلام ومواقع تواصل اجتماعي بتحوير التصريح" الذي أدلاه من مقر مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان الجزائري).
وفند وزير الداخلية الجزائري أن يكون الحراك الشعبي المقصود في كلامه، وأكد في المقابل أنها كانت موجهة لمن أسماهم "قلة من الجزائريين العملاء والخونة وأصحاب الممارسات المشينة الذين تحق بشأنهم كل الأوصاف".
ونوه بأن من يقصدهم بالتصريح عمدوا إلى تدويل الشأن الداخلي في البرلمان الأوروبي ومنظمات غير حكومية، ومنحوها فرصة للتدخل في شؤون البلاد السيادية، وسمحوا لنواب أجانب بالتطاول على وطنهم.
ودعا الوزير الجزائريين في بيانه الذي اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله، إلى "الحيطة والحذر مما يحاك ضد الجزائر من دسائس وتغليط من قبل بعض الأطراف لتحويل الرأي الوطني عن الموعد الانتخابي الحاسم"، وفق ما جاء في البيان .